للأسف الشديد ، لا يزال الألوف المؤلفة من الامة العربية الإسلامية تعتقد في قدرة الاولياء الصالحين الذين لم يبق منهم الا العظام ، في التصرف في الكون و الرزق و الشفاء و منح الذرية و العمل و الزواج ووووو فليعلموا ان هذا كله من الشرك الذي لا يغفره الله تعالى ، و هذا الشرك الذي يسمى بشرك الربوبية لم يقترفه حتى كفار قريش ، الذين كانوا يدركون ان الله هو الرزاق الشافي ، لكن كانوا يعبدون الأصنام كواسطة بينهم و بين الله قصد زيارة القبر من أجل الدعاء عنده، والظن أن ذلك أدعى للإجابة؛ من أنواع البدع التي حذر منها العلماء، وبيّنوا أنها فعل محدث لم يفعله السلف، ولو كان للدعاء عند القبر مزية لما تركوه، وهم الأحرص على كل خير، وسننقل لك شيئًا من كلام أهل العلم يبين ويوضح هذا: يقول ابن تيمية -رحمه الله-: وأما الزيارة البدعية؛ فهي التي يقصد بها أن يطلب من الميت الحوائج، أو يطلب منه الدعاء، والشفاعة، أو يقصد الدعاء عند قبره لظن القاصد أن ذلك أجْوَبُ للدعاء. فالزيارة على هذه الوجوه كلها مبتدعة، لم يشرعها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا فعلها الصحابة، لا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عند غيره، وهي من جنس الشرك، وأسباب الشرك. اهـ. ويقول ابن القيم -رحمه الله-: ومن المحال أن يكون دعاء الموتى، أو الدعاء بهم، أو الدعاء عندهم، مشروعًا وعملًا صالحًا، ويصرف عنه القرون الثلاثة المفضلة بنص رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ثم يرزقه الخلوف الذين يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون. فهذه سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في أهل القبور بضعًا وعشرين سنة، حتى توفاه الله تعالى، وهذه سنة خلفائه الراشدين، وهذه طريقة جميع الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، هل يمكن بشر على وجه الأرض أن يأتي عن أحد منهم بنقل صحيح، أو حسن، أو ضعيف، أو منقطع: أنهم كانوا إذا كان لهم حاجة قصدوا القبور فدعوا عندها، وتمسحوا بها، فضلًا أن يصلوا عندها، أو يسألوا الله بأصحابها، أو يسألوهم حوائجهم؟ فليوقفوا على أثر واحد، أو حرف واحد من ذلك، بلى، يمكنهم أن يأتوا عن الخلوف التي خلفت بعدهم بكثير من ذلك، وكلما تأخر الزمان، وطال العهد، كان ذلك أكثر، حتى لقد وجد في ذلك عدة ... وذكر قصة النبي دانيال الذي عثر عليه الصحابة، ودفنوه بطريقة فيها تعمية لقبره؛ سدًّا للذريعة، ثم عقب عليها بقوله: فلو كان الدعاء عند القبور، والصلاة عندها، والتبرك بها فضيلة، أو سنة، أو مباحًا؛ لنصب المهاجرون، والأنصار هذا القبر علمًا لذلك، ودعوا عنده، وسنوا ذلك لمن بعدهم، ولكن كانوا أعلم بالله، ورسوله، ودينه من الخلوف التي خلفت بعدهم، وكذلك التابعون لهم بإحسان راحوا على هذا السبيل، وقد كان عندهم من قبور أصحاب رسول الله صلى الله تعالى وآله وسلم بالأمصار عدد كثير، وهم متوافرون، فما منهم من استغاث عند قبر صاحب، ولا دعاه، ولا دعا به، ولا دعا عنده، ولا استشفى به، ولا استسقى به، ولا استنصر به، ومن المعلوم أن مثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، بل على نقل ما هو دونه. وحينئذ؛ فلا يخلو إما أن يكون الدعاء عندها، والدعاء بأربابها أفضل منه في غير تلك البقعة، أو لا يكون، فإن كان أفضل، فكيف خفي علمًا، وعملًا على الصحابة، والتابعين، وتابعيهم؟! فتكون القرون الثلاثة الفاضلة جاهلة بهذا الفضل العظيم، وتظفر به الخلوف علمًا وعملًا؟! ولا يجوز أن يعلموه، ويزهدوا فيه، مع حرصهم على كل خير لا سيما الدعاء، فإن المضطر يتشبث بكل سبب، وإن كان فيه كراهة ما، فكيف يكونون مضطرين في كثير من الدعاء، وهم يعلمون فضل الدعاء عند القبور، ثم لا يقصدونه؟! هذا محال طبعًا، وشرعًا. فتعين القسم الآخر، وهو: أنه لا فضل للدعاء عندها، ولا هو مشروع، ولا مأذون فيه بقصد الخصوص، بل تخصيصها بالدعاء عندها ذريعة إلى ما تقدم من المفاسد، ومثل هذا مما لا يشرعه الله، ورسوله البتة، بل استحباب الدعاء عندها شرع عبادة لم يشرعها الله، ولم ينزل بها سلطانًا، وقد أنكر الصحابة ما هو دون هذا بكثير. اهـ. وأما زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فليس المقصود منها الدعاء عند قبره؛ يقول ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: ولم يكن أحد من السلف يأتي قبر نبي، أو غير نبي لأجل الدعاء عنده، ولا كان الصحابة يقصدون الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عند قبر غيره من الأنبياء، وإنما كانوا يصلون ويسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه، واتفق الأئمة على أنه إذا دعا بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم لا يستقبل قبره اللهم ردنا إليك ردا جميلا ، فان التصوف الباطل كان و لا يزال من أسباب النكسات التي اصابت امتنا الإسلامية