Рет қаралды 756
حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالىٰ عنه - حينما قال : " من كان مستنًا فليستن بمن قد مات " أولئك أصحاب محمد ﷺ
أبرُّ هذه الأمة قلوبًا ، وأعمقها علمًا وأقلها تكلفًا ؛ فأثبت هذه الفضائل .
أولًا : أنهم أصحاب النبي ﷺ
وهذا فضل عظيم ، وثانيًا أنهم أبرُّ الناس على الإطلاق قلوبًا ومن كان ذا قلب بار فإنه لا يحب لغيره إلا الخير ، ثم أكثرهم علمًا ومن كان ذا علم كثير ؛ فإنه يستحيل أن يحتاج الناس عليه في مشكلاتهم ولا يجدون عنده في الغالب حلًا يرفع عنهم ما أشكل عليهم ، ويزيل عنهم ما التبس.
أيضًا من أمور دينهم ، ودنياهم ، ويفرِّج عنهم بأمر الله -تبارك وتعالىٰ - بسبب العلم الذي معه ما نزل بهم من الحادثات التي لم يكن لهم بها علم فيما سبق.
يقول رضي الله تعالىٰ عنه : " فاتْبعوهم واعرفوا لهم قدرهم ؛ فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ".
ويقول : عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالىٰ عنه فيهم : فإنهم عن علم نطقوا ، وعن بصر نافذ كفُّوا ؛ إذا تكلموا تكلموا بعلم و إذا سكتوا سكتوا على علم ، لأنهم يعلمون أن الكلام الآن قد يؤدي إلى فتنة ، وفعلًا .
أضرب لكم مثالًا عليه : ما جاء في الصحيح في البخاري من حديث أسامة بن زيد مع عبيد الله بن عدي بن الخيار حينما قال له : ألا تقوم إلى هذا الرجل فتنصح له ؟ يعني عثمان رضي الله تعالىٰ عنه فقال : رضي الله تعالى عنه : ألا ترى أني لا أنصح له إلا إذا كلمته . يعني : لازم أعلمك أني نصحت له أو أريد أن أنصح له ؟
"لا" إذا فعلت هذا فقد أثرت الفتنة ، لكن أخبره بعد ذلك ليطمئن فقال : له : أما أني قد نصحت له ؛
فالحاصل هؤلاء إذا سكتوا ، سكتوا عن علم ، وإذا تكلموا ، تكلموا بعلم فرضي الله تعالىٰ عنهم و أرضاهم .
فالواجب على العبد أن يعرف لهؤلاء الأصحاب قدرهم ؛ فإذا توافر عندهم العلم ، وتوافر عندهم قوة الفهم ، وتوافر عندهم نفاذ البصيرة ونور البصيرة ؛ فإن الواجب أن يُقتدى بهؤلاء الأصحاب رضي الله تعالىٰ عنهم وأرضاهم .
و خرَّج الإمام أحمد أيضًا في مسنده من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد خير قلوبهم قلب محمد ﷺ
؛ فاصطفاه لنفسه و ابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ؛ فاختارهم ، وجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه " الحديث .
وهذا حديث أيضًا حسن .
وقال رحمه الله حينما تكلم في ذلك وقيل له في بعض أصحاب رسول الله ﷺ
مقالته التي تقدمت و ذكرناها آنفا ؛
و قال قتادة رضي الله تعالىٰ عنه حينما سئل عن أصحاب النبي ﷺ
وأنهم قد يختلفون بعض الأحيان فقال : رضي الله تعالىٰ عنه : " أحق من صدَّقتم أصحاب محمد ﷺ ؛
فهم الذين اختارهم الله جل وعلا ؛ فما جاء عنهم فهو العلم وما لم يجئ عنهم فليس بعلم " فانظروا إلى قول قتادة رضي الله تعالىٰ عنه كأنه أدرك من هذا السائل أنه بمجرد حصول بعض الخلاف من بعضهم أو بين بعضهم ؛ يسعه أن يترك ما جاء عن أصحاب رسول الله ﷺ ؛
فقال : الذي يأتك عن غير أصحاب رسول الله ﷺ
ليس بعلم . العلم هو : الذي يأتيك عن أصحاب رسول الله ﷺ
. لمَ ؟ لأنهم عاشوا معه عليه الصلاة والسلام ؛ فعايشوا التنزيل ، وسمعوا التأويل من رسول الله ﷺ
وهم أفصح العرب و أعرف الناس بلغة هذا القرآن الذي نزل بها ؛ فهم أعلم الناس بكتاب الله وأعلم الناس بمراد رسول الله ﷺ.
مقتطف من محاضرة بعناونا : ( حق الصحابة ) .