الشيخ الوهابي ابن عثيمين رحمه الله يستخدم دليل التركيب (الحدوث) - الذي نفاه ابن تيمية في درء التعارض - كدليل على ربوبية الباري جل جلاله!! يقول الشيخ ابن عثيمين غفر الله له ما نصه: (لكن من حيثُ المعنى والإعتقادُ نؤمنُ بأنَّ اللهَ تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} لا في ذاتِهِ، ولا في صفاتِهِ، ولا في أفعالِهِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} في كلِّ شيءٍ، يجبُ علينا أن نُؤْمِنَ بهذا، فذاتُهُ مخالِفَةٌ لجميعِ الذواتِ، نحن نرى الذواتِ مختلفةً، الإنسانُ 👈مُرَكَّبٌ👉 من عَظْمٍ ولحمٍ وعَصَبٍ ودمٍ، هناك أشياءُ مُرَكَّبَةٌ من جواهرَ أخرى. الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ 👈مُبَايِنٌ👉 لكلِّ شيءٍ موجودٍ في الكَوْنِ 👈في ذاتِهِ👉، لا تَقُلْ مثلًا: إنه مثلُ الذَّهَبِ، مثلُ الفِضَّةِ، وما أَشْبَهَ ذلك؛ ولهذا لمَّا قال المشركون للرسولِ: يا مُحَمَّدُ، هل رَبُّكَ من ذَهَبٌ، أو من فضَّةٍ، أو من كذا، أو من كذا؛ أنزل اللهُ قولَهُ تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (٢). فلا تَتَصَوَّرْ ذات الرب جلَّ وعَزَّ أبدًا؛ لأنك مهما تَصَوَّرْتَ على أيِّ شيءٍ تَتَصَوَّرُهَا لا مثيلَ له، ولا نظيرَ له، كذلك في صفاتِهِ ليس له مثيلٌ، ليس له نظيرٌ في أيَّةِ صفةٍ من صفاتِهِ، ولْنَأْخُذِ العِلْمَ من صفاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ هل له نظيرٌ في هذه الصفةِ؟ لا نظيرَ له في هذه الصفةِ أبدًا، عَلِمَ كُلِّ ذي عِلْمٍ محدودٍ، أعلمُ الناسِ عِلْمُه محدودٌ) تفسيره سورة الشورى ص99 - 100 وفي موضع آخر يقول رحمه الله ما نصه: (..... الواجب علينا أن نتوقف فلا ننفي أن الله جسم ولا نثبته، ولا أن الله عرض ولا نثبته، ولا أن الله جوهر ولا نثبته، بل نسكت ونستفصل في المعنى، فنقول لمن نفى أن يكون الله جسما: إن أردت بالجسم ما كان حادثا مركبا من أجزاء وأعضاء فنحن معك في نفيك، 👈فالله ليس بحادث، ولا مركب من أعضاء وأجزاء👉 بحيث يجوز أن يفقد شيء منها، لكن لا ننفي الجسم، بل نقول إن الله منزه - عز وجل - عن أن يكون له أبعاض كأبعاض المخلوقين، بحيث يكون جسما مركبا منها، ويفقد بعضها مع بقاء الأصل وما أشبه ذلك) شرح العقيدة السفارينية 1 / 225 وفي موضع آخر يقول رحمه الله ما نصه: (وأما الجسم، فنقول: ماذا تريدون بالجسم؟ أتريدون أنه جسم مركب من عظم ولحم وجلد ونحو ذلك؟ 👈فهذا باطل ومنتف عن الله👉؛ لأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .....) شرح العقيدة الواسطية 1 / 394 قلت: أولم يعلم ابن عثيمين رحمه الله أن ابن تيمية ينكر تفرق الأجسام واجتماعها؛ كون هذا مبني على القول بوجود الجزء الذي لا يتجزأ "الجوهر الفرد" (درء التعارض 1 / 492)، بالتالي ينكر تماثل الأجسام في الحقيقة والجنس وينكر تجزؤها؛ فهو يرى أن إحالة الجسم من حالة إلى أخرى هو إبداع أعيان لا تغيير صفات، بالتالي فإن الله لا يخلق شيئاً إلا من شيء سابق وهكذا إلى ما لا بداية، أي أنه ينكر المخلوق الأول (درء التعارض 1 / 277) بينما يؤكد المتكلمون أن الله خلق جنس المادة من عدم، واستمر يخلق إلى يومنا هذا.. وقد اعترف ابن تيمية بتمام أدلة المتكلمين إذا ما تم إثبات تماثل الأجسام حقيقة وأصلاً..!! إذ أنه قال في معرض الرد على الإمام الرازي ما نصه: (ولا ريب أن كونه واحداً يمنع أن يكون له شبيه وكذلك قوله تعالى (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) الإخلاص 4 يمنع الكفؤ، فيمتنع أن يكون من الجواهر المتماثلة، لكن هذه الدلالة إنما تتم إذا كانت الجواهر المنفردة متماثلة في حقائقها) بيان تلبيسه 3 / 215 وللدهشة فإن ابن تيمية ينسب إنكار الجوهر الفرد إلى أئمة السلف والفقهاء وأهل الحديث والصوفية وجمهور العقلاء وكثير من طوائف أهل الكلام (درء التعارض 2 / 287) مع أن المعروف أن المتكلمين أساساً هم من تبنوا إثبات الجوهر الفرد وبرهنوه، ولم يذكر ابن تيمية رجلاً واحداً من الذين نسب إليهم هذا الكلام، مع أنه لا يتوانى عن أن ينقل عشرات الأقوال عن السلف في معرض الاحتجاج لرأيه، ولئن صحّ هذا الكلام عن السلف وأئمة الحديث وجمهور العقلاء (وهو ليس بصحيح)، فهذا يدل على أن العلم الحديث قد أثبت خطأهم وأثبت صحة ما برهنه المتكلمون من إثبات الجوهر الفرد، وتكون الجسم من ذرات، وما هو أصغر من الذرات. أما قابلية الجسم للاجتماع والافتراق، فقد نفاهما ابن تيمية مع أنه يعلم علم اليقين أن بإمكانه أن يمزق ثوبه ويعيد حياكته حتى وإن تم نفي الجوهر الفرد، لكنه يبرّر أن هذه القابلية المعلومة بالضرورة لا تعني قيام عرضَي الافتراق والاجتماع بالأجسام المفترقة والمجتمعة، بل - في رأيه - هناك جسم واحد في نفسه ليس مركباً ابتداءً، ويستدل على هذه الدعوى بإنكاره الجسم الاصطلاحي موجوداً في القرآن (درء التعارض 1 / 170) وخلاصة الأمر أن ابن تيمية يريد من كلامه عن الجسم، نفي دلالة التركيب التي يستدل بها المتكلمون على حدوث العالم، فالتركيب - كما يرى - لا يلزم منه الحدوث، بالتالي لا حجة لمن نفى التركيب عن الصفات، بل هو نفي مباشر للصفات بحسب زعمه.. لكن العلم الحديث أثبت ما نفاه ابن تيمية وجعل تقريراته في فهم الصفات الإلهية في خبر كان..!!