Рет қаралды 137
جامع مراد باي أو المسجد الحنفي أو الجامع الصغير كما يسميه أهالي باجة، هو أحد المعالم المعمارية الدينية لمدينة باجة التونسية ويعود إلى العهد المرادي.
يقع جامع مراد باي بمدينة باجة العتيقة، وتحديدا خارج السورالغربي، في مستو من الأرض هو أحد سفوح الجبل الذي تتكئ على منحدراته المدينة العتيقة وهو جبل عين الشمس، في نقطة التقاء مسلكي لأهم الدروب والأزقة بل نقطة تقاطع بين «المدينة» من ناحية وهي أقدم نواتات النسيج العمراني، وقد كانت الأسوار تكتنفها من كل جانب، وثاني الأرباض أهمية هو ربض عين الشمس أو الربض الجوفي، وربض آخر لعله آخر أرباض البلد ظهورا هو الربض الشرقي المعروف اليوم بحومة الجرابة. ونقطة التقاطع هذه لا تلتقي عندها الأحيزة السكنية فحسب بل يلتقي عندها أيضا الحيز التجاري والحيز الروحي.
ونظرا إلى أن مبنى الجامع قد أقيم خارج الأسوار فإن ترتيبه العمراني تأسيسي قد صيغ بشكل كان من الممكن معه أن نشاهد حدوده الفضائية من الخارج كاملة فضلا عن الصومعة بحيث شكلت هذه الحدود على هيئة الحصون مثلما هو الحال في جامع عقبة بن نافع بالقيروان والجامع الكبــير بسوسة ولكن مقتضيات إضافة مدرسة إلى المنشأة الدينية المذكورة في نفس الفترة تقريبا جعل كتلة الجامع تسبح في جانب منها داخل النسيج العمراني للربض تماما مثل الجامع الكبير، بحيث أضحى التعرف على مكان الجامع داخل التجمــع العمراني ولا سيما شمالا من ناحية باب السبعة وشرقا حيث الأسواق وسماط المدينة أو الشارع العام غير متيسر إلا من خلال الصومعــة التي تمثل العنصر المعماري الوحيد الذي يرى عن بعد.
يعرف هذا الجامع بالجامع الصغير تمييزا له عن الجامع الكبير أو الجامع الأكبر أو أيضا الجامع الأعظم وهو جامع أغلبية السكان وهم من المالكية والمثابة الروحية المركزية للبلد منذ العهد الزيري على الأقل بحيث تغدو للتسمية من جانب «الرعايا» دلالة معنوية تتصل بمكانة هذا المذهب وذاك داخل المجال العقائدي للمجموع العام للسكان وحجم الانتشار الذي يحظى به كل منهما في صفوفهم إلا أن ذلك لا يستبعد أن تكون للتسمية دلالة مادية تتصل بكتلة كل من المنشأتين، ذلك أن هذا المعلم العثماني أقل حجما من نظيره المالكي، ولكن هذه الفرضية تبقى أقل وجاهة من الأولى إذ توجد داخل النسيج العمراني العتيــق جوامـع أخرى مثل جامع التوبة وجامع أحمد الجزار وجامع الخطبة ترجع جميعا إلى فترات تاريخية سابقة للقرن 9-12 وهي كلها أقل حجما من الجامع الحنفي ولكن لم يسم أي واحد منها بالصغير.
ويسمى أيضا الجامع الحنفي لإقامة الصلوات به على قواعد مذهب أبي حنيفة النعمان ولأن الجامع لم ينشأ أصلا إلا لنشر المذهب الحنفي وتدريس المنظومة الفقهية التي يقوم عليها.
كما يعرف بجامع الباي في إشارة إلى مؤسس المعلم والمنصب السياسي الرسمي الذي كان يحتله: مراد باي الثاني ثالث أمراء الأسرة المرادية. وإذا كانت المصادر التاريخية التونسية في معظمها متفقة على اسم المؤسس وهو مراد باي المذكور يستثنى منها ابن أبي الضياف الذي عد جامع الحنفيــة بباجة من منجزات محمد باي، وهذا غير صحيح كما سيتضح لاحقا فإن بين الدارسين المعاصرين اختلافا بهذا الشأن لا تبرره المصادر بأي حال من الأحوال، فإذا كان أحمد عبد السلام يؤكد على صواب رأي المؤرخين التونسيين في القرنين 17 و18 في هذا الصدد فإن الباحث الفرنسي بوننفان (Bonnenfant) يذهب إلى أن الحاج بقطاش داي (1097هـ /1686- 1099هـ/ 1688) هو الذي شيد هذا المسجد كما شيد المدرسة المجاورة له، في حين يشير محمد الحبيب الهيلة إلى أن باني المعلم الديني المذكور هو الداي مامي جمل (1084هـ /1673- 1088هـ /1677)وهذا خطأ لدى الباحثين منشؤه لدى الأول وقد اعتمد على ابن أبي الضياف تداخل مآثر محمد باي مع أخبار الحاج بقطاش داي في نص الإتحاف والتباس الفقرات التي تخص هذا وذاك رغم أن التمايز بينهما واضح بالنسبة إلى قراءة أكثر تأنيا، أما منشأ الخطإ لدى الثاني وقد اعتمد على حسين خوجة فيرجع إلى وجود مآثر مراد باي وحسناته ضمن أخبار مامي جمل وقد كان تجنب هذا الخطإ ممكنا لا سيما أن النص المصدري على تداخل بنائه يقطع الطريق أمام أي التباس من هذا النوع.
ومهما يكن من أمر فإن مراد باي الثاني هو بلا جدال مؤسس الجامع الحنفي، ليس فقط لاتفاق معظم المصادر على ذلك وإنما لعثورنا في رسم أحباس مدرسة محمد باي بباجة، على ما يثبت أن المسجد الحنفي الكائن قبلي المدرسة المشار إليها هو جامع مراد باي الثاني قطعا.
لا يعرف تاريخ مضبوط لبناء هذا الجامع ولكن بإمكاننا اعتمادا على الفترة الزمنية التي قضاها مؤسسه في الحكم، وتمتد من 9 شوال 1076هـ / 14 أفريل 1666 إلى 16 جمادى الأولى 1086هـ/ 8 أوت 1675, أن نرجع تاريخ الإنشاء إلى الثلث الأخير من القرن 11هـ-17م، ستينات القرن السابع عشر أو سبعيناته على أقصى تقدير، فهو على هذا من أول المؤسسات الدينية الحنفية التي أنشأها الأتراك خارج العاصمة، وربما كان ثانيها على التحديد. ولعل موقع هذه المنشأة الزمني ضمن شبكة المؤسسات الروحية والعلمية التي حرص الأتراك، ولا سيما خلال العهد المرادي، على تأسيسها تعكس بالإضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لمدينة باجة عسكريا وسياسيا بالنسبة إلى استقرار السلطة في الحاضرة، أهمية الجالية التركية التي كانت قد استقرت بالبلد وتزايد حاجياتها الروحية والثقافية بتزايد أهميتها واتساع عددها زد على ذلك الدور المفترض الذي كان لإنشاء الجوامع والمدارس أو ترميمها في استقطاب السكان وكسب ولائهم الأمر الذي يبرر من بعض الوجوه، علاوة على الظروف الاقتصادية السانحة، استراتيجيا البناء والتعمير الديني والمدني التي انخرط فيها الحكام الجدد للبلاد.
باجة هي مدينة تونسية وهي عاصمة ولاية باجة. تبعد قرابة 100 كم عن العاصمة تونس ويبلغ تعداد سكانها 57,561 في تقديرات عام 2006. تختص مدينة باجة في الجمهورية التونسية بالأنتاج الفلاحي نضرا لتوفر الأراضي الخصبة و المناخ الملاءم للنشاط الفلاحي فهي تقع في منطقة الشمال الغربي الأكثر خضرة في تونس .