كان نبي يخط بالرمل ، فهل علم الرمل حلال أم حرام ؟

ــ كان نبي يخط بالرمل، فهل من يخط بالرمل الان حلال أم حرام؟
🌺 بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
🌷 اخي المؤمن اختي المؤمنة:
🌻 سؤال: ــ هل الخط بالرمل فيهذا الزمن حلال أم حرام، لقد سمعت حديثاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (كانَ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فمَن وافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ)، صحيح مسلم 537، ارجوا شرح الحديث وتبيان حكم الشرع في علم الخط بالرمل؟
🌸 الجواب: أخي المؤمن اختي المؤمنة:
ــ أما الحديث هو حديث صحيح ــ فعن مُعاوِيَةَ بنِ الحَكَمِ - رضي الله عنه - قال: قلتُ: يا رسُولَ اللهِ إنِّي حديثُ عَهْدٍ بالجاهِليَّةِ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ تَعَالَى بالإسْلاَمِ، وإنَّ مِنَّا رِجَالاً يَأتُونَ الكُهَّانَ؟ حتى قال: مِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ؟
فقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ، فَذَاكَ). رواه مسلم.
💐💐💐 ــ سنبين اخوتي شرح هذا الحديث وآراء العلماء الثقات في ذلك:
1 ـ قال الخطابي رحمه الله بعد سرد الحديث: " يحتمل أن يكون معناه الزجر عنه؛ إذ كان من بعده لا يوافق خطه، ولا ينال حظه من الصواب؛ لأن ذلك إنما كان آية لذلك النبي، فليس لمن بعده أن يتعاطاه طمعاً في نيله. " معالم السنن " (2 / 374).
2 ـ وقال النووي رحمه الله تعالى: " اختلف العلماء في معناه، والصحيح أن معناه: من وافق خطه فهو مباح له، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة؛ فلا يباح.
وقال القاضي عياض: " المختار: أن من وافق خطه فذاك الذي يجدون إصابته فيما يقول، لا أنه أباح ذلك لفاعله "، قال: " ويحتمل أن هذا نسخ في شرعنا ".
ثم قال النووي: " فحصل من مجموع كلام العلماء فيه: الاتفاق على النهي عنه الآن ". " شرح النووي على صحيح مسلم " (5 / 23).
وقال ابن خلدون: " ليس في الحديث دليل على مشروعية خط الرمل كما يزعمه بعض من لا تحصيل لديه؛ لأن معنى الحديث: كان نبي ي خط فيأتيه الوحي عند ذلك الخط ... " مقدمة ابن خلدون " (ص 112).
وقال ابن حجر الهيتمي (الفتاوي الحديثية): تعلم الرمل وتعليمه حرام شديد التحريم، وكذا فعله، لما فيه من إيهام العوام أن فاعله يشارك الله في غيبهِ وما استأثر بمعرفته ...
والحديث المذكور في مسلم يجب أن يحل على ما يطابق القرآن، وما اتفق عليه إجماع أهل السنة، وذلك بأن يحمل على الإنكار، لا على الإخبار، لأن الحديث خرج جواباً على سؤال من اعتقد علم الخط على ما اعتقدت العرب، فكان جوابه صلى الله عليه وسلم بأن ذلك من خواص علوم الأنبياء بما يقتضي الإنكار على من يتشبه به من الناس إذ هو من خصوصياته ومعجزاته الدالة على النبوة، فهو كلام ظاهره الخبر، والمراد به الإنكار، ومثله في القرآن والسنة كثير.
🌹 وأعلم أخي المؤمن: أن الله تعالى خص ذلك النبي عليه السلام بالخط، وجعله علامة لما يأمره به وينهاه عنه، كما جعل لنوح عليه السلام من فور التنور علامة الغرق لقومه، وفقد الحوت علامة لموسى على لقاء الخضر عليه السلام، وما في سورة الفتح علامة لنبينا صلى الله عليه وسلم على حضور أجله، ومثله كثير..
فتبين من كلام هؤلاء العلماء جميعاً أن الحديث يدل على تحريم العمل بعلم الخط، لا على جوازه، كما يدل على بطلان طريقة الناس في علم الرمل، وفسادها..
ــ🌸🌸🌸 فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كان نَبِيٌّ يَخُطْ فمن وافق خطه فذاك) يعني أَنَّ أصل الخط آية لنبيٍ من الأنبياء، عَلَّمَهُ الله ذلك ليكون دِلالَةً على ما يُعَلِّمُهُ الله وبقي في الناس لكن لا يوافقون آية النبي؛ لأنَّ آية النبي لا يستطيع أحد أن يفعلها؛ لأنها آية مُخْتَصَّة به، ولو كانت آية نبي لكل أحد لما اختُصَّ النبي بالآية.
لهذا قال: (كان نبي يخط)، ثم قال: (فمن وافق خطه فذاك).
وقوله: (فمن وافق خطه فذاك) هذا من الإحالة على مستحيل؛ يعني أنَّ أَحَدَاً من هؤلاء الذين يَخُطُّونْ والكهنة والعرافين ومن نحا نحوهم لا يمكن لأحدٍ منهم أن يقول: هكذا خَطَّ ذاك النبي أو أَنَّ هذه آية من جنس آية ذاك النبي، اذاً الكهنة والذين يَخُطُّونْ ويَدَّعُون علم الغيب من قبل أنَّ الخط كان عند الأنبياء فَيُرَدُّ عليهم بهاتين الجهتين:
ــ الأول: أنَّهُ آية وآية النبي لا يمكن لأحدٍ أن يدركها.
ــ الثاني: أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أحَالَ على مستحيلٍ فقال: (فمن وافق خطه فذاك)، وهذا لا يمكن لأحد أنْ يُدْرِكَهْ.
💐💐💐 النتيجة: أن الخط بالرمل أو علم الرمل هذا من اختصاص ذلك النبي عليه السلام، ومن معجزاته، وأن أحدًا لا يمكن أن يوافق؛ لأن هذا من خصائصه ومن معجزاته..
ولهذا نهى العلماء عن الخط في الرمل والضرب بالحصى والخشب وأنواع ذلك، وهي كلها من وسائل الكُهَّان والسحرة والمشعوذين ومن نَحَا نحوهم. نعوذ بالله من شرورهم.. ونسأله الثبات على شرعه الحنيف..
والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه اجمعين..
🙆‍♂️ اخوكم الراقي الشرعي: د. محمد محسوب إبراهيم. إسطنبول. هاتف: 00905340525382