كجبار : كلمات والحان وأداء الهرم النوبي مكي علي ادريس

#مكيات
كجبار: فن المقاومة/ادوات الاستاذ مكي علي ادريس
الزمان:ليلة شتوية فبراير 1996
المكان: راكوبة من الحصير في الكلاكلة صنقعت بالقرب من سوق اللفة.
كنت عائدا لتوي بعد زيارة لمضارب الاهل بعد سفرية فجائية لوفاة عمة لي في ريعان شبابها بعد ان وضعت طفلها الاول،
كان المخاض في تلك الفترة عسيرة، الغرق يطرق علي ابوابنا بشدة، النظام يضيق الخناق علي رقابنا جميعا، منشورات التجمع النوبي، اجتماعات لتفعيل المناهضة وتنظيم صفوف النوبيين، إتحاد الروابط في الجامعات، الاسبوع النوبي في المركز الثقافي الفرنسي، مرض و سفر العراف النوبي العنيد مصطفي محمد طاهر الي مصر للإستشفاء في رحلة لن يعود منها، اثناء زيارتي توفي مصطفي سيداحمد، وبدأت اكذوبة الانتخابات الوهمية، وحضرت اجتماعا في نادي فريق للجنة درء اثار سد كجبار حينها، واصابني بعض الاحباط وتيقنت اننا بحاجة لعمل كبير وضخم لايقاف هذا الطوفان القادم.
تحدثت مع قريبي المزارع في البلد عن موقفهم من سد كجبار فاجابني ببساطة: في مرة حلفاوية رسلت لينا، وقالت: ما توافقوا بالسد عشان ما يحصل ليكم الحصل لاهالي حلفا( يتحدث عن اصدارات نبوكين وبيانات التجمع النوبي، وندوة الاستاذة سعاد في المركز الثقافي الفرنسي) وازددت يقينا ان التغيير ممكن.
برفقة ابن عمي رأفت حسن عباس يممنا شطر الكلاكلة بعد الافطار، وشهر رمضان يقارب من خواتيمه، كنت قد تقابلت مع مكي في مكتب الاستاذ حسن عبدالماجد المحامي( رئيس المركز العام للتجمع النوبي حينذاك) واخبرني ان اغنية كجبار قد اكتملت وتواعدنا علي اللقاء.
في طريقنا ذهبنا للمصور البارع محمد محمود احمد هاشم وحمل معه كاميرته الخاصة لتوثيق هذا الحدث الكبير بالصوت والصورة*
في راكوبة مكي الشهيرة التي تقع في الحوش الغربي من منزل شقيقه المرحوم جمال، حيث يقيم مكي ( كان منزلا من قطعتين سكنيتين، القطعة الشرقية مشيدة و تقيم فيها اسرة مكي و والدته، والقطعة الغربية مسورة، حيث بني مكي راكوبته، بها كرسي حديدي منسوج بالعصب، وحقائب حديدية كتلك التي كنا نذهب بها الي الداخليات، وصندوق خشبي فيه ادوات الرسم والكثير من عدة النجارة كالمنشار والشواكيش والمسامير وغيرها، اقرب للسحارة التي في بيوت اهلنا في الشمال ولكنه اصغر حجما، ومفرش علي الارض، علي جدار الراكوبة لوحات مذهلة بريشة مكي، اهمها لوحة لفتاة تحمل سلة منسوجة من السعف( كونتي) مملوءة بسبائط من الرطب وتمسك السلة بيدها اليسري وساعتها مظبوطة علي وقت لا اتذكره الآن، وكان مكي يشرح لنا مدلولات هذه اللوحة، طبعا اللوحات معلقة في الجانب الغربي حيث سور الحوش والجانب الجنوبي والذي شيد فيه دكان يفتح بابه علي الاتجاه الغربي)
تزامن وصولنا مع وصول المرحوم اشرف صابونة( ابرع من رأيته يعزف علي آلة العود) وياسر حفظ الله( من ابناء آرتمري) وكان احمد طرمبة متواجدا بمعية مكي.
جلس مكي علي الكرسي الوحيد في الراكوبة، بينما توزعنا نحن علي الحقائب الحديدية وصندوق الخشب وجلوسا علي الارض، وبدأت البروفات مكي علي آلة الطنبور، بمصاحبة اشرف وياسر علي آلتي عود.
بعد اكتمال البروفة، احضر مكي دفتر استاذه بجانبه، وادار محمد محمود الكاميرا لإعلان ميلاد اعظم اغنية للمقاومة النوبية، كانت دموعنا تسيل دون توقف: نايقون دورو اركن كوو، إركيتنقا إنا چاني؟
إركق چانچا نايقودن هدو فا تيقي تاني؟
توكا فا سليناني
سايلي جول تا إليناني
دفو تنقسلناني
ارقينقا إسيقيي مشكيلا فا اليق بنچناني.
بعد مرور هذه السنوات اشهد ان اغنية كجبار لعبت دورا أساسيا( ولا تزال) في استنهاض همم النوبيين وتشييع إغراق النوبة الي مزبلة التاريخ للأبد، وستظل ايقونة فن المقاومة والرفض في تاريخ النوبة.
*📹 للأسف فقدت الشريط الاصلي، وكنت قد افرغت المادة الصوتية في شريط كاسيت بمعاونة قريبي مجدي عبده خيري في محلات فورسكوفون بشارع الديم،و بعد ذلك طبعنا نسخ عديدة بطلب من سعاد وتم توزيعها لنشر الاغنية، والتي انتشرت بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخنا الغنائي.
#حكيم_شمية
الصفحة الرسمية للاستاذ مكي علي ادريس Mekki Ali Idris
#egypt #sudan #nubia #السودان #مصر #النوبة #كجبار