Рет қаралды 1,766
ووردَ على أبي الطّيّب كِتابٌ من جَدّته لأُمّه من الكوفة تَسْتَجْفِيه فيه، وتشكو شوقَها إليه، وطُول غيبته عنها، فتوجّه نحو العِراق ولم يُمْكِنْه دخول الكوفة على حالِه تلك، فانحدر إلى بغداد، وقد كانتْ جدّته يَئِسَتْ منه، فكتبَ إليها كتابًا يسألها المسير إليه، فقَبَّلَتْ كِتابَه، وحُمّتْ لِوَقْتِها سُرورًا به، وغلبَ الفرحُ على قلبها فَقَتَلَها، فقال يرثيها ويتحسّر على وفاتِها في غيبته ويفتخر بنفسِه:
1. أَلا لا أُرِي الأَحْدَاثَ حَمْدًا وَلا ذَمَّا
فَمَا بَطْشُهَا جَهْلاً وَلا كَفُّهَا حِلْمَا
2. إِلَى مِثْلِ مَا كَانَ الفَتَى مَرْجِعُ الفَتَى
يَعُودُ كَمَا أَبْدَى وَيُكْرِي كَمَا أَرْمَى
3. لَكِ اللهُ مِنْ مَفْجُوْعَةٍ بِحَبِيْبِهَا
قَتِيْلَةِ شَوْقٍ غَيْرِ مُلْحِقِهَا وَصْمَا
4. أَحِنُّ إِلَى الكَأْسِ الَّتِي شَرِبَتْ بِهَا
وَأَهْوَى لِمَثْوَاهَا التُّرَابَ وَمَا ضَمَّا
5. بَكَيْتُ عَلَيْهَا خِيْفَةً فِي حَيَاتِهَا
وَذَاقَ كِلانَا ثُكْلَ صَاحِبِهِ قِدْمَا
6. وَلَو قَتَلَ الهَجْرُ المُحِبِّيْنَ كُلَّهُمْ
مَضَى بَلَدٌ بَاقٍ أَجَدَّتْ لَهُ صَرْمَا
7. عَرَفْتُ اللَّيَالِي قَبْلَ مَا صَنَعَتْ بِنَا
فَلَمَّا دَهَتْنِي لَمْ تَزِدْنِي بِهَا عِلْمَا
8. مَنَافِعُهَا مَا ضَرَّ فِي نَفْعِ غَيْرِها
تَغَذَّى وَتَرْوَى أَنْ تَجُوْعَ وَأَنْ تَظْمَا
9. أَتَاهَا كِتَابِي بَعْدَ يَأْسٍ وَتَرْحَةٍ
فَمَاتَتْ سُرُوْرًا بِي فَمُتُّ بِهَا غَمَّا
10. حَرَامٌ عَلَى قَلْبِي السُّرُوْرُ فَإِنَّنِي
أَعُدُّ الَّذِي مَاتَتْ بِهِ بَعْدَهَا سُمَّا