Рет қаралды 471
في فجر الحضارة، عندما كانت مصر القديمة تتألق كجوهرة لا مثيل لها، كان هناك ملكان عظيمان تركا بصماتهما في الرمال الذهبية لنهر النيل. سنفرو، مؤسس الأسرة الرابعة، وخوفو، الذي جاء بعده، كانا قائدين لعصر من العظمة والإنجازات. بين دهشور وجيزة، تقف الأهرامات شاهدة على طموح الإنسان وقدرته على تحقيق المستحيل.
تبدأ حكايتنا في قلب المملكة القديمة، حيث شيد سنفرو ثلاثة أهرامات مذهلة. كانت هذه الهياكل ليست مجرد مقابر، بل رموزًا للقوة والإبداع الإنساني. الهرم الأحمر، بهيئته المثالية، والهرم المائل بتصميمه الفريد، وهرم ميدوم الذي يمثل نقطة الانتقال بين الهرم المدرج والهرم الحقيقي، كلها تقف كدليل على عبقرية سنفرو ورؤيته البعيدة.
لكن العظمة لم تتوقف عند سنفرو. جاء خلفه خوفو، ابنًا أو ربما ابن أخ، ليأخذ التحدي إلى مستوى جديد. تحت قيادته، ارتفع الهرم الأكبر في الجيزة إلى السماء، كأعلى بناء في العالم القديم. هذا الصرح العملاق، الذي استغرق بناؤه عقودًا من الجهد والعمل الشاق، أصبح أحد عجائب الدنيا السبع وأعجوبة معمارية مذهلة.
في هذه الرواية، نغوص في أعماق التاريخ، نكتشف أسرار الأهرامات، ونتتبع خطوات الملوك الذين تحدوا الزمن وصنعوا مجدًا أبديا. نتعرف على مهندسيهم، وعلى العمال الذين بذلوا أرواحهم وعرقهم لتحقيق أحلام الفراعنة. سنرى كيف أن الأهرامات لم تكن مجرد مبانٍ حجرية، بل كانت تعبيرًا عن طموح الإنسان وإرادته التي لا تعرف حدودًا.
الملك سنفرو، مؤسس الأسرة الرابعة خلال عصر الدولة القديمة. في زماني، كنت أعلم أن التاريخ سيتحدث عن إنجازاتي التي امتدت بين 24 و48 عامًا. تميزت عهدي بتوسيع التجارة الخارجية، إرسال الحملات التأديبية، وحملات التعدين، بالتعاون مع مهندسي ومستشاري إمحتب، توصلنا إلى الشكل الكامل للهرم.
أقمت ثلاثة أهرامات، منها هرم ميدوم، والهرم الأحمر، والهرم المائل، التي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا في دهشور، تشهد على عظمتنا. لم يكن يعرف إذا كنت والد خوفو أم عمه، لكن الذي لا شك فيه أنني أسست لعصر ذهبي من الاستقرار والازدهار.
تزوجت من حتب حرس، ابنة الفرعون السابق هوني، وكان زواجي منها بوابتي إلى العرش. كان انتقال الحكم بين الأسرتين الثالثة والرابعة سلميًا، وبدأت عهدي ببناء القصور والمعابد، كما تذكر المصادر الأدبية: "وبعد أن توفي جلالة الملك هوني نصب جلالة الملك سنفرو باعتباره ملكًا فاضلًا في هذه الدنيا كلها".
خلال حكمي، قمت بتبادل تجاري مع فينيقيا، وأرسلت أساطيل بحرية إلى ميناء جبيل، جلبت أخشاب الأرز النفيسة. كان النشاط العسكري جزءًا لا يتجزأ من عهدي، فقمت بحملة إلى بلاد النوبة لإعادة الأمن إلى حدود مصر الجنوبية، وأخرى إلى سيناء للتعامل مع بدو الفيروز والنحاس.
استحدثت وظيفة وزير لأول مرة في عهدي، وكانت تنظيماتي الإدارية ضرورية لبناء أهرام ضخمة، احتاجت إلى كميات هائلة من الأحجار وعمال مهرة. لقد بنينا مدينة سكنية للعمال والمهندسين، حيث كانوا يعيشون مع عائلاتهم ويُخصص لهم المأكل والمشرب والملابس.
رأسي المنحوتة من الجرانيت التي عثر عليها بمتحف بروكلين، وتمثالي المحفوظ في المتحف المصري بالقاهرة، يشهدان على جمالي وقوتي. أرسلت أسطولًا ضخمًا إلى فينيقيا لجلب خشب الأرز النادر، وأمنت حدود مصر من الأعداء، وشيدت لنفسي ثلاثة أهرامات تُظهر عظمتنا.