Рет қаралды 5,936
هذه خلاصة تصوير في مواقع برية متعددة في السعودية لطير الذعرة البيضاء. وتكشف اللقطة الأولى عن مهارة قفزته الرائعة وسرعته الملفتة في التقاط حشرة صغيرة طائرة في الجو ثم يلتقط حشرات من سطح الماء لا يراها البشر.
إن الصيد الدقيق بالتفاته سريعة للحشرة ليست المهارة الوحيدة لهذا الطير. فيتبين من بقية اللقطات أنه من أجمل الطيور الصغيرة الملفتة بسرعة الحركة والقدرة الفائقة على التقاط غذاء له حتى من فوق سطح الماء.
غذاء لا نشاهده بالعين المجردة.
كتب الأديب عبدالكريم الجهيمان رحمه الله مستعرضا مرحلة الصبا في كتابه مذكرات وذكريات من حياتي تحت عنوان رياضة الصيد والقنص، قال:
(لا ننسى رياضة الصيد والقنص المفضلة في كثير من مواسم العام، ومن الطيور المهاجرة الصعو. ومنها المسالق جمع مسلق وهي تغزو بلادنا في أوقات معروفة بحيث أننا إذا رأيناها عرفنا أن فصلا من فصول السنة قد دخل ولا سيما طائر المسلق فإننا إذا رأيناه عرفنا أن مطر الوسمي قد حل وهو موسم الأمطار التي تُنبت الكمأة). انتهى كلام الجهيمان رحمه الله.
والوسم أو الوسمي هو مقدمة فصل الخريف.
وفي الثقافة التقليدية لأجداد في مناطق في وسط السعودية كان هذا الطير الذي يسمونه المسلق يعد عندهم من مؤشرات اقتراب موسم أمطار الخريف، وهذا ثابت سنويا، حيث تأتي أسراب هذا الطير إلى المملكة من شمال الكرة الأرضية خلال شهر أكتوبر وتبقى زائرة شتوية وتستقر خريفا مع أشهر الشتاء وتنتشر بأعداد كثيرة.
ورغم أنها طيور تألف البيئات الرطبة والمستنقعات والمزارع لكنها أيضا تتفرق حتى في المناطق البرية الجافة.
في أحد المشاهد المغرية في الفيديو يبدو المسلق كأنه يشرب الماء بينما هو يلتقط يرقات حشرات لا نراها بالعين المجردة. ولك أن تتصور حدة بصره الذي يفوق إبصار البشر أضعافا مضاعفة.
تعمدت أن تكون بعض المشاهد بالحركة البطيئة يتبعها مشاهد بالتصوير المعتاد حتى تشاهد كيف يلتهم اليرقات الدقيقة حتى من النباتات وبسرعة ملفتة. ويبقى هكذا طوال النهار يأكل بنهم وبدون توقف مثل الطيور البرية الأخرى التي وهبها الله سرعة هضم الطعام وحرقه كي تكسب الدهون. والدهون هي الوقود الذي يجعل الطيور تعود إلى مناطق استيطانها عابرة آلاف الكيلومترات متجاوزة؛ رغم صغر حجمها، المحيطات والقارات. وقد وهبها الله ألا تخطئ في معرفة اتجاه ومسارات هجراتها مستدلة بالقمر والشمس والنجوم والرياح.
ولهذا نتأمل في هذا الطير مع أسراب طيور مهاجرة أخرى وتشدنا مهاراتها وقدراتها على سرعة الأكل، كأنها قادمة من بعيد لتساعدنا في التقليل من كثرة كائنات صغيرة ودقيقة تنشط وتتكاثر موسميا في بيئاتنا فتساهم أسراب الطيور المهاجرة في الحد من الحشرات بحيث لا تطغى بالشكل الذي يجعلها آفة.. فسبحان الخالق عز وجل القائل:
"وأنبتنا فيها من كل شيء موزون".
أشير إلى أن المسلق هو الذُّعَرة البيضاء White Wagtail والاسم العلمي هو Motacilla alba.
وله أيضا عندنا أسماء محلية أخرى منها، الزغبر، وراعية الخيل، والصعوة البيضاء بينما الاسم في المعاجم الذُّعَرة من فئة أو فصيلة تُسمى الذُّعَرات.
أختم بطرفة أنها تُوصف في ثقافات شعوب غير عربية وتُسمّى عندهم الراقصة البيضاء أو راقصة الباليه لأنها ملفته بسرعة حركاتها المتمايلة مع مرجحة أجزاء من جسمها.
قناة محمد اليوسفي