Рет қаралды 18,555
لم تكن حرب حزيران مجرد حرب خسرناها، بل كانت انهياراً شاملاً أعقب صعود المرحلة الناصرية وخطابها القومي الطموح ، لذلك فقد كانت النكسة حدثاً محورياً أنهى بالضربة القاضية مشروع النهضة العربية وأعاد العرب الى واقعهم المرير . ومنذ ذلك الحين كُتب الكثير من الأدب في محاولة لتحليل أسباب الهزيمة وفهم ما جرى خلالها، ولعل قصيدة الشاعر العظيم أمل دنقل (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) من أشهر تلك القصائد وذلك لأنها استلهمت التراث العربي ووظفته في لغة بسيطة لإسقاط الماضي على الحاضر وللقول أن كل ما جرى كان لأن قياداتنا لم تملك رؤية بعيدة المدى لما سيحصل . القصيدة تبدأ بمناجاة زرقاء اليمامة وهي قصة من أساطير التراث العربي عن امرأة كانت تملك نظراً حاداً، وقد بنى لها قومها برجاً عالياً ترقب من خلاله أي غزوٍ قادم فتحذر قومها قبل وقوعه، غير أن الغزاة استخدموا الحيلة فلبسوا أغصان الشجر للتمويه ولم يصدّق أحد من قبيلة زرقاء روايتها بأنها ترى أشجاراً تمشي بل سخروا منها واستهزأوا بها ليتفاجأوا بالغزاة الذين أبادوا القبيلة وفقأوا عيون زرقاء اليمامة . والسبب الآخر للهزيمة أن الجندي العربي لا يملك مقومات النصر لأنه مستعبد ومقهور ، فهو كعنترة العبسي الذي ظل عبداً عند قومه وقد أنكر أبوه بنوّته. ولكن قومه يوم الحرب دعوه ليدافع عن وطنه! فكان أن قال ( العبد لا يُحسن الكرّ والفر بل الحلب والصرّ) فقال له أبوه يومها ( كرَّ وانت حر) أي حارب ولك حريتك. ولكن أنّى للعبد الذليل أن يدافع عن وطنٍ لم يعطه يوماً إلا المذلّة والحرمان . ولهذا كانت الهزيمة نتيجة حتمية .
قصيدة (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) بصوتي عبر قناة الشعر العربي الحديث