Рет қаралды 4,600
الدَّرس الأوَّل: [غربةُ الدِّين فِي آخر الزَّمان (٢)| للشَّيخ: أَبِي هَمَّام الإِدريسيِّ].
بل الإسلام الحقُّ الذي كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابُه هو اليوم أشدّ غربة منه في أوَّل ظهوره، وإن كانت أعلامُهُ ورسومُهُ ظاهرة مشهورة معروفة، فالإسلام الحقيقيّ غريبٌ جِدَّاً وأهلهُ غرباء بين النَّاس، وكيف لاتكون فرقةٌ واحدة قليلةٌ جدًا غريبة بين اثنتين فرقة ذاتَ أتباعٍ ورئاساتٍ ومناصب و ولايات، ولايقومُ لها سوقٌ إلا بمخالفةِ ماجاء به الرسولُ ﷺ، فإنّ نفسَ ماجاء به يُضَادُّ أهواءَهم ولذَّاتهم، وماهُم عليه من الشُّبهاتِ والبدع التي هي منتهى فضيلتهم وعلمهم، والشهوات التي هي غاية مقاصدهم وإراداتهم ..!!
فكيف لايكون المؤمن السَّائر إلى الله على طريق المتابعة غريبًا بين هؤلاء الذين قد اِتَّبعوا أهواءهم، وأطاعوا شُحَّهُم، وأُعجِبَ كُلٌّ منهم برأيه، ولهذا جُعِلَ له في هذا الوقت إذا تمسَّك بدينه أجْرُ خمسين من الصَّحابة، وهذا الأجرُ العظيم إنَّما هو لغربتهِ بين النَّاس، والتَّمسُّكِ بالسُّنَّةِ بين ظلماتِ أهوائهم وآرائهم، فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرةً في دينه وفقهًا في سنة رسوله وفَهمَاً في كتابه وأراهم الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات وتَنَكُّبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه، فإذا أراد أن يسلُك هذا الصراط : فلِوَطِّن نفسه على قدْحِ الجُهَّالِ وأهلِ البدعِ فيه، وطعنهم عليه، وإزرائهم به، وتنفير النَّاس عنه، وتحذيرهم منه، كما كان سلفهم من الكُفَّارِ يفعلون مع متبوعه وإمامه ﷺ، فأمَّا إن دعاهم إلى ذلك وقدَحَ في ماهُم عليه فهناك تقوم قيامتهم ويبغون له الغوائل، وينصبون له الحبائل، ويجلبون عليه بخيل كبيرهم ورَجِلِه، فهو غريبٌ في دينه لفسادِ أديانهم، غريبٌ في تَمَسُّكِهِ بالسّنّة لتمسُّكِهم بالبدع، غريبٌ في اعتقادِهِ لفسادِ عقائدهم، غريبٌ في صلاته لسوء صلاتهم، غريبٌ في طريقه لفساد طرقهم، غريبٌ في نسبته لمخالفة نسبهم، غريبٌ في معاشرته لهم لأنّه يعاشرهم على مالا تهوى أنفسهم، وبالجملة : فهو غريب في أمور دنياه وآخرته، لايجد مساعدًا ولا معينًا، هو عالمٌ بين جُهَّال، صاحب سنّة بين أهل بدع، داعٍ إلى الله ورسوله بين دعاةٍ إلى الأهواء والبدع، آمرٌ بالمعروف ناهٍ عن المنكر بين قومٍ المعروف لديهم منكر، والمنكر معروف، فقال النبي ﷺ لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما « كُن في الدنيا كعابر سبيل »، ولي أبياتٍ في هذا المعنى :
- وحيَّ على جنَّاتٍ عـــــدنٍ فــإنٍّا
منازلـك للأولــى وفيــها للمخيّــمُ
- ولـكـننــــــا سـبـــيُ الــعــــــــدوِّ
فهل ترى نعود لأوطاننا ونُسَلَّــمُ
- وأيُّ اغترابٍ فوق غربتنا التـي
لها أضحت الأعداءُ فينا تحكّـــم
- وقد زعموا بأن الغريب إذا نأى
وحطّـت به أوطانه ليـس ينعــمُ
-فمن أجل ذا لاينعم العبد ساعـة
مــن العـمــر إلا بعـــدها يتــألَّـــمُ
وكيف لايكون العبد في هذه الدار غريبا وهو على جناح سفر، لايحلّ عن راحلته إلا بين أهل القبور، فهو مسافر في صورة قاعد،
وقد قيل :
-مـاهـــذه الأيــــام إلا مـــراحـــــل
يحثّ بها داعٍ إلى المــوت قاصِــدُ
-وأعجب من ذا أنك لو تأملت أنهـا
منــازل تُطــوى والمســـافر قاعـــدُ
والحمد لله ربِّ الأوَّلين والآخرين .
• رابط قناتنا على ↓↓↓↓:
/ @seirajultareeq
• رابط صفحتنا على الفيسبوك: ↓↓↓↓
/ سِرَاجُ-الطَّريق-10478...
• رابط قناتنا على ↓↓↓↓:
t.me/siraj_siraj2