Рет қаралды 381
أهل علينا شهر شعبان حاملا إلينا نسائم رمضان، ومنبها لنا بالاستعداد لأفضل شهور العام، ومذكرا بما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأمر أمته به في هذا الشهر.
لقد كان شعبان بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه شهرا ليس كغيره من الشهور، فقد اختصه صلوات الله وسلامه عليه بمزيد اهتمام وعبادة، خصوصا عبادة الصيام - فقد كان يكثر من الصيام فيه جدا حتى يظن الظان أنه كان يصومه كله.. والحق الذي عليه أهل العلم أنه صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شهر تاما مكملا إلا رمضان، وإنما كان يكثر من الصوم في شعبان فلا يفطر منه إلا قليلا. كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (ما رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ استكمل صيامَ شهرٍ قطُّ إلا رمضانَ، وما رأيتُه في شهرٍ أكثرَ منه صيامًا في شعبانَ].. زاد مسلم في روايته : [كان يصومُ شعبانَ كلَّه، كان يصومُ شعبانَ إلا قليلًا)[متفق عليه].
وكان عليه أزكى الصلوات وأتم التسليمات ينبه الصحابة ومن بعدهم من المسلمين للاهتمام بشعبان صياما وعبادة بأنواعها، ويحذرهم من الغفلة فيه .. فلما سأله أسامة بن زيد عن كثرة الصيام في شعبان قال: (ذلك شهْرٌ يغْفُل الناس عنْه بيْن رجب ورمضان، وهو شهْرٌ تُرْفَع فيه الأعْمال إلى ربِّ العالمين، فأحبّ أنْ يرْفعَ عملي وأنا صائمٌ)أخرجه أحمد والنسائي.
ولا شك أن الذكر والعبادة وقت الغفلة تكون بأي صورة من صور العبادة بعمومها، فبجانب الصيام هناك صلوات السنن والتطوع، وقراءة القرآن، وذكر الرحمن كالتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكل ما يدخل في مفهوم العبادة بمعناها الواسع وهو: "كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة".
ولاشك أن ما يحبه الله ويرضاه من العبادات هو ما التزم فيه فاعله بأمرين: إخلاص لله تعالى، واتباع لهدي رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن كل ما لم يكن على هديه ومن سنته ومأذونا فيه عموما، فهو من البدع المحدثة وهي مردودة على صاحبها كما قال صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)متفق عليه ، وقال: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)رواه مسلم.