Рет қаралды 68,117
نرجوا دعمكم في بداية طريقنا بأن لاتنسوا( الإشتراك) في القناة... و(تفعيل الجرس) ليصلكم جديدنا
الحمد لله الغني الوهاب، الكريم التواب، لا تغيظه نفقة بإعطاء، ولا تلحقه فاقة بإسداء؛ فلله خزائن السموات والأرض، ويد الله ملأى، لا تغيظها نفقة، سحاءُ الليلَ والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يده.
ولو أن العباد أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم قاموا في صعيد واحد فسألوه فأعطى كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكه إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل في البحر. فسبحان الواسع المعطي!
وأشهد أن لا إله إلا الله الغني عن عباده وجميعهم إليه مفتقرون: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15].
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما.
أما بعد:
فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله؛ فإنها العروة الوثقى، والعون الأقوى، قال الله تعالى: ﴿ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ ﴾ [الزمر: 16].
عباد الله، إن الله خلق الخلق، وأسكنهم هذه الأرض وهم عاجزون عن كفاية أنفسهم، وإصلاح معايشهم، وبهم حاجة ملحّة إلى بارئهم اختياراً واضطراراً، لا يسدها أحد سواه.
فالفقر والحاجة، والعوز والفاقة أوصافهم الذاتية السرمدية، والغنى والوسع، والملك والعز أوصاف خالقهم الذاتية الأبدية، فلما خلقهم تكفل برزقهم وحده قبل وجودهم على هذه الأرض، ودخولهم بالحياة إليها، كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم تكون علقة مثل ذلك، ثم تكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله الملك فينفخ فيه الروح، ثم يؤمر بأربع كلمات: كتب رزقه، وعمله، وأجله، وشقي هو أم سعيد) [2].
ولن يخرجوا عن الحياة بالموت حتى يستكملوا ما كتب لهم من ذلك الرزق، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إن روح القدس نفث في روعي: أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها، و تستوعب رزقها، فاتقوا الله، و أجملوا في الطلب، و لا يحملن أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله؛ فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته)[3].
عباد الله، لقد كان من حكمة الله العليم الخبير أن يكون الناس صنفين: فقراء وأغنياء؛ وأن لا يكونوا صنفاً واحداً، ويبدو أن من حكمة ذلك: حصول تبادل المنافع بينهم، وتحقيق مقاصد الحياة الجماعية، قال تعالى: ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [الزخرف: 32].
والله حكيم في بسطه وقدْره رزقَ عباده، قال تعالى: ﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [العنكبوت: 62]، وفي ذلك التفاوت دلائلُ على حكمة الله وعلمه بعباده، قال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الروم: 37]، وبعض الناس لا يعرف هذه الحكمة؛ فيظن إغناءه محبة ونعمة، وفقره كراهية ونقمة! قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾[سبأ: 36].
بل إن من نعمة الله على بعض الناس: العيش في ظل الفقر؛ لأن الغنى خطر عليه؛ إذ هو بوابة البغي والطغيان، والله يعلم وأنتم لا تعلمون، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27].
فعلى المسلم أن يرضى بقدر الله وقضائه، ويعلم أن اختيار الله له خير مما يتشوف إليه ويريده، وعليه أن يعلم كذلك أن قضية الرزق من قضايا الإيمان بالقدر، وأن الغنى غير آتٍ بذكاء الأذكياء، أو سعة عقول العقلاء؛فكم من صاحب ذكاء كبير يرافقه الفقر والحاجة، وكم من جاهل غير فطن يتقلب بين أحضان الغنى والترف:
لو كان بالحيل الغنى لوجدتني *** بتخوم أعناق السماء تعلقي
ومن الدليل على القضاء وكونه *** بؤسُ الذكي وطيب عيش الأحمق
عباد الله، إن الله هيأ لعباده في هذا الكون أسباب الرزق ووسائله: فأرض مبسوطة فيها عوامل العيش، وسماء تسكب الغيث عليها فتنبت من كل زوج بهيج، قال تعالى: ﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً * مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عبس 24-32].
عباد الله، إن الله تبارك وتعالى قد يبسط الرزق لبعض العصاة ابتلاء واستدراجاً، لا محبة ولا مكافأة، وإن كان لهم في الدنيا المال الكثير فإنه مال لا خير فيه، و يغدو نقمة عليهم لا نعمة، وعذاباً لا نعيماً، ولكن أكثر الناس لا يفقهون، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ﴾ [الأنفال: 36]، وقال تعالى: ﴿ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [القصص: 82]، وقال النبي صلى الله عليه و سلم قال: (إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44] [8].
#2021
#حازم_شومان