Рет қаралды 25,255
السائل : ذكرتم حديث ( لا تمسّه النار ... )
الشيخ : يسأل سائل هنا عن معنى قوله عليه السلام في الحديث السابق ( لن تمسه النار إلا تحلة القسم ) هذا الحديث يشير إلى قوله تبارك وتعالى في الآية الكريمة (( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا )) إلا واردها (( وإن منكم )) قسم من الله (( وإن منكم إلا واردها )) اختلف العلماء قديما وحديثا في معنى الورود المقصود في هذا الحديث على ثلاثة أقوال الورود بطرف النار كما يقال أورد الإبل الحوض والمعنى الثاني المرور على الصراط من فوق النار والمعنى الثالث وهو لا ينافي المعنى الثاني الدخول في النار لأن المرور في الصراط هو دخول في النار فقوله تعالى (( وإن منكم إلا واردها )) أي داخلها لا فرق بين مؤمن وكافر كلهم جميعا من الإنس والجن لا بد لهم من هذا الدخول لكن بعد ان يتحقق هذا القسم الإلهي من الدخول هناك بعد ذلك سرعان ما يتميز الصالح من الطالح الصالح ... بدخول الجنة الطالح ... بدخول النار ويفسر هذا الكلام حديث أذكره لما فيه من بيان وتفصيل لكن لا بد لي من أن أقرن بذلك أن هذا الحديث لم يصح من حيث إسناده لأنه على شهرته ينبغي أن نذكره تنبيها على ضعفه لكن معناه مقبول في حدود ما جاء من الأدلة ذلك الحديث يرويه بعض التابعين من المجهولين وهو العلة عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه لقيه في طريقه قال كنا في مجلس ذكرت فيه هذه الآية (( وإن منكم إلا واردها )) قال فاختلفنا وذكر الأقوال الثلاثة فما كان من جابر كما تقول الرواية على ضعفها إلا أن وضع أصبعيه في أذنيه وقال " صمّتا صمّتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ( لا يبقى بر ولا فاجر إلا ويدخلها ثم تكون بردا وسلاما على المؤمنين كما كانت على إبراهيم ) " إذا هذا الدخول المذكور في هذه الآية والمفسر أيضا في حديث اخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( لا يدخل النار أحد من أهل البدر وأصحاب الشجرة ) قالت " كيف هذا يا رسول الله واله عز وجل يقول (( وإن منكم إلا واردها )) " هنا ملاحظة ومهمة من حيث أنها تساعد طالب العلم على فهم النصوص الشرعية نجد هنا السيدة حفصة رضي الله عنها كأنها تريد أن تقول إن الذي تقوله يا رسول الله خلاف ما أفهم من الآية فكيف التوفيق بين هذه الآية حسب فهمي أي حفصة وبين ما تقول يا رسول الله فقال لها بكل هدوء ولطف كما هو شأنه عليه السلام وديدنه قال اقرئي ما بعدها (( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا )) ما هي الفائدة؟ الفائدة أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إذا سمع قولا وما أنكره كان ذلك دليلا على صحته في نفسه ولكن يمكن أن يدخل فيه تخصيصا وتقييدا ما يخظر على بال المتكلم تلك الكلمة والتي أقره الرسول عليه السلام ولكنه يدخل فيها تقييدا أو تخصيصا هذه فائدة مهمة جدا قد يغفل عنها بعض أهل العلم ولا بأس من أن أضرب لكم مثلا وقع في عدم الانتباه لهذه النكتة الفقهية الدقيقة الإمام أبو محمد ابن حزم صاحب كتاب " المحلى " الكتاب العظيم وكتاب " الإحكام في أصول الأحكام " وغيرها من الكتب لقد كتب رسالة في إباحة الملاهي عامة من الآلات الموسيقية والأغاني وما شابه ذلك وكان مما استدل به على ما ذهب إليه في تلك الرسالة الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت " دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي يوم عيد وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث الاستفادة بذلك، هنا أذكر غزوة بدر وحينما أهلك الله عز وجل صناديد قريش وألقوا في قليب بدر ثم جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن وضعت الحرب أوزارها فوقف على القليب ونادى أولئك الكفار الموتى القتلى بأسمائهم يا فلان بن فلان ( قد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ) قال عمر هنا الشاهد قال " يا رسول الله إنك لتنادي أجسادا لا أرواح فيها " ماذا نفهم من قول عمر هنا نفهم ما فهمنا من كلمة أبي بكر هناك ومن كلمة حفصة هناك نفهم أن عمر بن الخطاب يرى أن الموتى لا يسمعون ولذلك هو يستغرب ويتعجب من مناداة الرسول عليه السلام لهؤلاء الموتى يا فلان يا فلان إلى آخره بأسمائهم ( إني وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ) هذه المناداة تنافي كما أنا أفهم وهو حق إن شاء الله ما كان تلقاه عمر بن الخطاب تعليما من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الموتى لا يسمعون يكفي في ذلك القرآن الكريم (( إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء )) كذلك قوله عز وجل (( وما أنت بمسمع من في القبور )) طبعا الآيتان فيهما كلام من حيث التفسير لكن خلاصة الكلام لا يتنافى أبدا مع هذه الحقيقة الشرعية وهي أن الموتى لا يسمعون هذه الحقيقة هي التي كان عمر بن الخطاب تلقاها من قبل وتعلمها من رسوله صلى الله عليه وسلم ولذلك صار عنده إشكال كيف هو لقننا هذا العلم ثم هو يناديهم فماذا كان موقف الرسول عليه السلام كان موقفه منه كما كان موقفه من أبي بكر وحفصة أقرهم جميعا على ما قالوا لكن أدخل قيدا ما يعرفونه لأنهم لا يوحى إليهم كما يوحى إليه فلقد أقر الرسول عليه السلام عمر بن الخطاب على كلمته هذه ومعنى هذا كأنه يقول له صدقت الموتى لا يسمعون لكن هؤلاء يسمعونني ولذلك قال له في الجواب بلسان عربي مبين ( ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ) أي هؤلاء يسمعونني فأنت يا عمر الذي تلقيته مني حق وصواب لكن اعلم أن هنا معجزة وكرامة خاصة لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم حيث أسمعهم صوته ومن شأنهم أنه لا يسمعون لم؟ لأنهم موتى ويؤكد هذا لمعنى أن الإمام أحمد رحمه الله روى هذه القصة بإسناده الصحيح في " المسند " أن عمر قال " والموتى لا يسمعون " أيضا جاء الجواب كما سمعتم ما قال له أنت مخطئ الموتى يسمعون لو كان هو مخطئا لكنه أقره على هذه العبارة