Рет қаралды 31,301
أيها الأخوة الكرام ؛ ورد في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ))[مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]
وزاد أصحاب الأعمش في متن هذا الحديث:(( . . ومن أقال لله مسلماً أقال الله عثرته يوم القيامة ))
أيها الأخوة الكرام ؛ هذا الحديث أصل في التعامل بين المؤمنين .
الحقائق المستنبطة من الحديث السابق:
يُستنبط من الحديث السابق عدة حقائق ؛ أولى هذه الحقائق: أن الجزاء من جنس العمل ، هكذا عند الله عز وجل.
(( إنما يرحم الله من عباده الرحماء ))[ البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنه ]
في الحديث القدسي:
((إن كنتم تحبون رحمتي فارحموا خلقي))[ الديلمي وابن عساكر عن أبي بكر]
(( إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا ))[ مسلم وأحمد وأبو داود]
الحقيقة الأولى : أن الجزاء من جنس العمل
حقيقة أخرى : وهي أن الكربة هي الشدة العظيمة، التي توقع صاحبها في الكرب. قد يُصاب الإنسان بمرض عضال، ولا يملك أجر العملية خارج البلاد ، فهذا كرب عظيم :
قد يُخلى الإنسان من بيته ، فيجد نفسه فجأة في الطريق هو وأولاده وعياله .
(( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ))
هناك مصائب طاحنة ، هناك مصائب قد لا يحتملها الإنسان، هذه هي الكربة في الدنيا ، ولكن الشيء الثابت أيها الأخوة أن كرب يوم القيامة أعظم بكثير من كرب الدنيا. مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً في الدنيا، ساهم في حلّ مشكلته، أزاح عنه هذا الكابوس، أزاح عنه هذا الضغط الذي لا يُحتمل
((مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ))
العلاقات الاجتماعية بين المؤمنين يجب أن تكون إيجابية:
فالتنفيس أن تسهم في حلّها ، والتفريج أن تحلها أنت وحدك . فلو ضربنا مثلاً دين على فلان دين كبير ، فإذا ساهمت أنت بجزء من هذا الدين فقد نفست كربته ، أما إذا تحملته عنه فقد فرجت كربته . على كل:
((وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))
أيها الأخوة الكرام ، روى ابن أبي الدنيا بإسناده عن ابن مسعود قال:
(( يُحشر الناس يوم القيامة أعرى ما كانوا قط ، وأجوع ما كانوا قط ، وأظمأ ما كانوا قط ، وأنصب ما كانوا قط ، فمن كسا لله كساه الله ، ومن أطعم لله أطعمه الله ، ومن سقى لله سقاه الله ، ومن عفا لله عفا الله عنه . فكما تدين تدان ))[ابن أبي الدنيا عن ابن مسعود]
لا يستطيع الوصف أن يصف كرب يوم القيامة ، إن كرب الدنيا كلها ليست بشيء أمام كربة من كرب يوم القيامة، ألم يقل الإمام علي كرم الله وجهه: " يا بني، ما خير بعده النار بخير ، وما شر بعده الجنة بشر، وكل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية ". يجب أن تعلم أيها الأخ الكريم أن كل مخلوق أمامك هو مخلوق لله عز وجل ، وأن الإنسان بنيان الله، وملعون من هدم بنيان الله . ساهم في حلّ مشكلته، ساهم في تيسير الأمر عليه، ساهم في تخفيف مصيبته، لا تكن عوناً للشيطان عليه ، بل كن عوناً له على الشيطان. هذا الحديث الصحيح أيها الأخوة أصل في العلاقات الاجتماعية مع المؤمنين، يجب أن يكون المؤمن في علاقاته الاجتماعية إيجابياً ، يجب أن تكون أعماله ثمرةً يانعةً في المجتمع
التيسير على المعسر:
((وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ))
الإعسار يحصل في الآخرة أيضاً ، ألم يقل الله عز وجل في وصف يوم القيامة بأنه:
﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾[سورة المدثر: 8-10]
ألم يقل الله عز وجل:
﴿وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً ﴾[سورة الفرقان: 26]
أن تضع له بعض الدين - وإما بإعطائه ما يزول به إعساره:
((وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ))
وفي الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ : تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا ، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ ))[متفق عليه عن أبي هريرة]
وفي حديث آخر:
(( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ))[ مسلم وأحمد والدرامي عن أبي قتادة]
ومن أراد أن تُستجاب دعوته ، أو تكشف كربته فليفرج عن معسر، المعسر هو المدين الذي لا يجد ما يفي به دينه.