محاضرة استشراف المستقبل Future Foresight

مُلخص كتاب استشراف المستقبل Future Foresight
تزايد الاهتمام بالمستقبل ومحاولات خلقه وصناعته وتطبيقه أو العمل به في الزمن الحاضر أي قبل حلول الغد أو المستقبل بشكل استباقي، أدى إلى استنساخ مفهوم عالمي جديد، استحوذ على الكثير من الاهتمام في مفردات هذا العصر،
وهو ما يعرف الآن باستشراف المستقبل أو البصيرة المستقبلية (Looking ahead or Future Foresight) ، لأن مفهوم الاستشراف يأتي ضمن مفاهيم الإدارة الاستراتيجية وكأحد أدوات التخطيط الاستراتيجي والتفكير في المستقبل الغامض والمجهول بطبيعته، لضمان استدامة المؤسَّسات والمجتمعات وتمكينها على اغتنام الفرص ومواجهة التحديات.
لهذا يطلق بعض الخبراء على الاستشراف الاستراتيجي للمستقبل مصطلح "التطُّع إلى المستقبل". كما جاء هذا الاهتمام؛ نتيجة لظهور عدة محاولات واتجاهات سابقة في عالم الدراسات والبحوث العلمية. حيث كانت تلك المحاولات تسعى إلى محاولة الإلمام الجيد بمآل المستقبل المجهول واستكشاف تحدياته ومتطلباته، كمن يتقدم الخطى نحو الشرق الجغرافي مُستشرقاً، أو يتسلق الجبال باحثاً للمعرفة في قمتها، أو يغوص في أعماق المحيطات، أو يخترق الخنادق والكهوف مُستكشفاً لها....
والاستعداد على معرفة ذاك المجهول وتقديره بما يفيد الإدراك التام بالمستقبل، والاستبصار به، وفق معطيات علمية محددة، وبآليات مناسبة، حتى يمكن الاستفادة منها في اتخاذ وصياغة قرارات ناجحة في الحاضر المعاصر، أو العمل بما تشكل من معارف إدراكية مكتسبة بشكل استباقي.
على أن تُستخدم هذه المعارف المكتسبة من قبل المجتمعات ونظم الإدارة الراشدة المختلفة لصالح المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة، وحكومات الدول المتطلعة لمزيد من التمكين لتوجهات المستقبل، وذلك لكي تستطيع من تحقيق أهدافها الاستراتيجية ومن ثم ترجمتها وصياغتها في الرؤية التي تصيغها وتسعى من خلالها إلى تحقيق أهدافها في صورة مستجدات ملموسة ومجسدة للتطلعات والآمال والغايات المرجوة منها.
ولما كان صنع القرار حول كيفية تغيير الواقع الحاضر للأفضل، يحتاج إلى معلومات راسخة، بناءً على اعتبارات عديدة منها ثقل الماضي وتأثيره في العادات والتقاليد وتحديد دوافع العصر لمعرفة السلوك المستقبلي المستهدف بين الأفراد والمؤسسات والتوجهات العامة.
فإن عمليات التحليل الدقيق للبيانات والقراءات المستنبطة باستخدام الآليات والأدوات والتقنيات المناسبة وتقديمها بشكل صحيح قبل اتخاذ القرارات، يمكن أن تُحول تلك البيانات إلى معارف وحكم قابلة للتنفيذ في نطاق المعرفة المستقبلية، وهذا النوع من التحول هو ما يُطلق عليه بـ "ذكاء المستقبل" Future Intelligence .
والذي سنتناوله بشكل موجز في الفصل الثالث من هذا الكتاب. مبادئ علم استشراف المستقبل.
أي أن هذا الكتاب يدعو إلى ضرورة الموازنة بين ما تم في الماضي وما يدفعنا إليه الحاضر المعاصر، ليمثل دليلاً ملموساً لاستشراف المستقبل، وذلك بناءً على الدراسات التي تتم عادة على البيانات المتاحة في الحاضر وتحليل التوجهات والمحركات المحتملة في المستقبل. من خلال خمس خطوات أو مراحل لا بد أن تتضمن في أي مبادرة لاستشراف المستقبل، وذلك بالاستعانة بعدد من الأدوات والتقنيات والنماذج يصل عددها إلى خمس عشرة أداة ضمن الإطار الخماسي للتطبيق.
م. خالد موسى إدريس- دبي 21 مارس 2022