تأمل اليوم - (لماذا يسمح الله بالألم ؟) ٤ ذكرنا انه يمكن أن يسمح الرب للمؤمن بالألم وذلك مشاركة في الآم كل الخليقة نتيجة دخول الخطية الى العالم ولكن بالنسبة للمومنين يبقى فيه غرض آخر من هذه الآلام الرب يريد ان يحققه، كمان ممكن الآلام تكون عبارة عن حصاد لزرع زرعته، وفيه ألام لاختبار وامتحان الإيمان...أيضاً فيه: ١٢- آلام تشكيل وتمحيص من يد الفخاري الأعظم «لأَنَّكَ جَرَّبْتَنَا يَا اَللهُ. مَحَصْتَنَا كَمَحْصِ الْفِضَّةِ: أَدْخَلْتَنَا إِلَى الشَّبَكَةِ، جَعَلْتَ ضَغْطًا عَلَى مُتُونِنَا، رَكَّبْتَ أُنَاسًا عَلَى رُؤُوسِنَا، دَخَلْنَا فِي النَّارِ وَالْمَاءِ؛ ثُمَّ أَخْرَجْتَنَا إِلَى الْخِصْبِ» (مز ٦٦: ١٠-١٢). تخرج المعادن الثمينة من الأرض مادة خام مختلطة بالشوائب، ولإستخدامها يجب تنقيتها. وهذه تستلزم عملية “التمحيص”، أي إدخالها في نار حامية ثم في ماء بارد. وقد يستلزم الأمر بعد ذلك بعض المعالجات الكيميائية. والمؤمن في عيني الله هو أثمن المعادن؛ لذا يقتضي الأمر إجراء نفس العمليات لتشكيله ليصبح نافعًا. فهناك زوائد فيه تحتاج للإزالة، كيعقوب الذي كان لا بد أن يُنزع منه اتكاله على ذاته. أو قد تكون نواقص لا بد من تكميلها، كإدراك التلاميذ لـ«من هو هذا» وسط هياج البحر. ففي وسط الظروف الصعبة نعلم من هو الإنسان، ونتعلَّم من هو الله. في نهاية تجربة أيوب، يوم إعلان النتيجة، جَمَع أيوب الدَرسين معًا في قوله «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ ، وَلاَ يَعْسُرُ عَلَيْكَ أَمْرٌ... وَلكِنِّي قَدْ نَطَقْتُ بِمَا لَمْ أَفْهَمْ... بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ، وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي. لِذلِكَ أَرْفُضُ (نفسي أو ألومها) وَأَنْدَمُ فِي التُّرَابِ وَالرَّمَادِ» (أيوب ٤٢: ١-٦). ١٣- آلام لأجل البر «إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أَبْغَضَنِي قَبْلَكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ لَكَانَ الْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلكِنْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ، بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ مِنَ الْعَالَمِ، لِذلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ. اُذْكُرُوا الْكَلاَمَ الَّذِي قُلْتُهُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كَلاَمِي فَسَيَحْفَظُونَ كَلاَمَكُمْ. لكِنَّهُمْ إِنَّمَا يَفْعَلُونَ بِكُمْ هذَا كُلَّهُ مِنْ أَجْلِ اسْمِي، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ الَّذِي أَرْسَلَنِي» (يو ١٥: ١٨-٢١). هنا شرح الرب الأمر بوضوح؛ فالعالم الرافض لله، الرفض الذي ظهر في رفضه للمسيح، رافضٌ لأتباعه. لذا فـ«جَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِالتَّقْوَى فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ» (٢تي ٣: ١٢)، فتقواهم تُظهر أكثر شر العالم. ولا يمكن لمؤمن إمساك العصا من المنتصف، أي أن يهادن عَالمًا رافضًا لسيده ويعيش أمينًا لهذا السيد المرفوض في الوقت عينه. تذكَّر ما قاساه يوسف، ودانيآل ورفقاءه، والتلاميذ في سفر الأعمال. ١٤- وقاية من السقوط «وَلِئَلاَّ أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ، مَلاَكَ الشَّيْطَانِ لِيَلْطِمَنِي، لِئَلاَّ أَرْتَفِعَ» (٢ كو ١٢: ٧-١٠). حسب حكمة الله، غالبًا ما تكون الشوكة لازمة؛ لأن الوقاية خير من العلاج، ولأن القلب البشري في أفضل صوره ميّال للغرور والتفاخر بما أعطاه الله، كأن له فضلاً فيه! إنها (الشوكة) تلزم للحفظ من آفات روحية مدمِّرة. وظهور عجز الإنسان وعدم نفعه هو المجال الأمثل لتجلي نعمة الله في حياة المؤمن، ففي وسط الظروف الضيقة، فقط، يمكنه أن يسمع قول الله «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ» وله أن يجيب «فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ... لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ». ١٥- لكي نحظى بالمجد «لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا» (٢كورنثوس ٤: ١٧). كان استفانوس يتعرَّض لعنفٍ شَرس يمزِّق جسده، لكنه إذ رآى للحظات لمحات من المجد وهو يرى يسوع قائمًا عن يمين الله، فقد نسى الكل. لقد كان المجد هنا أقوى تأثيرًا من الضيقة؛ فما بالك والمجد الذي ينتظر القديسين ليس للحظات ولا لمحات، بل هو ثقل (أي لا يُحَدّ) وهو أبدي. سيهون علينا الضيق إذا نظرنا إليه على أنه استثمار عظيم للأبدية يحصِّله الله الحكيم لصالحنا. قريبًا ستنتهي الرحلة...قريبًا سينتهي المدمع....قريبًا سنعرف كما عُرِفنا.. يومها سنسجد لذاك الذي أخرج من الجافي حلاوة، ووظَّف كل الأشياء لتعمل معًا لخير الذين يحبونه. وإلى ذلك اليوم لنا أن نهدأ؛ لأن في سفينة حياتنا السيد القدوس الذي: بحكمة يفعل.. وبسلطان يتحكم.. وبحبٍ يقود...له كل المجد