Рет қаралды 133,184
فضلاً وليس أمرأ اشترك بالقناة لدعمنا و ليصلك كل جديد وإن أعجبك الفيديو إضغط إعجاب وشاركنا رأيك بتعليق وشكراً..
هـذي البـلاد شـقـةٌ مفـروشـةٌ
يملكها شخصٌ يسمى عنترة
يسـكر طوال الليل عنـد بابهـا
و يجمع الإيجـار من سكـانهـا
و يطلب الزواج من نسـوانهـا
و يطلق النـار على الأشجـار
و الأطفـال … و العيـون … و الأثـداء …والضفـائر المعطرة ...
هـذي البـلاد كلهـا مزرعـةٌ شخصيـةٌ لعنترة
سـماؤهـا .. هواؤهـا … نسـاؤها … حقولهـا المخضوضرة
كل البنايـات - هنـا - يسـكن فيها عنترة …
كل الشـبابيك عليـها صـورةٌ لعنترة …
كل الميـادين هنـا ، تحمـل اسـم عنترة …
عــنترةٌ يقـيم فـي ثيـابنـا … فـي ربطـة الخـبز …
و فـي زجـاجـة الكولا ، و فـي أحـلامنـا المحتضرة ...
مـدينـةٌ مهـجورةٌ مهجـره …
لم يبق - فيها - فأرةٌ ، أو نملـةٌ ، أو جدولٌ ، أو شـجره …
لا شيء - فيها - يدهش السـياح إلا الصـورة الرسميـة المقررة ..
للجـنرال عنترة …
فـي عربـات الخـس ، و البـطيخ …
فــي البـاصـات ، فـي محطـة القطـار ، فـي جمارك المطـار..
فـي طوابـع البريـد ، في ملاعب الفوتبول ، فـي مطاعم البيتزا …
و فـي كل فئـات العمـلة المزورة …
فـي غرفـة الجلوس … فـي الحمـام .. فـي المرحاض ..
فـي ميـلاده السـعيد ، فـي ختـانه المجيـد ..
فـي قصـوره الشـامخـة ، البـاذخـة ، المسورة …
مـا من جـديدٍ في حيـاة هـذي المـدينـة المستعمرة …
فحزننـا مكررٌ ، وموتنـا مكررٌ ،ونكهة القهوة في شفاهنـا مكرره …
فمنذ أن ولدنـا ،و نحن محبوسون فـي زجـاجة الثقافة المدورة …
ومـذ دخلـنا المدرسة ،و نحن لا ندرس إلا سيرةً ذاتيـةً واحـدهً …
تـخبرنـا عـن عضـلات عنترة …
و مكـرمات عنترة … و معجزات عنترة …
ولا نرى في كل دور السينما إلا شريطاً عربياً مضجراً يلعب فيه عنترة …
لا شـيء - في إذاعـة الصـباح - نهتـم به …
فـالخـبر الأولــ - فيهـا - خبرٌ عن عنترة …
و الخـبر الأخـير - فيهـا - خبرٌ عن عنترة …
لا شـيء - في البرنامج الثـاني - سـوى :
عـزفٌ - عـلى القـانون - من مؤلفـات عنترة …
و لـوحـةٌ زيتيـةٌ من خـربشــات عنترة ...
و بـاقـةٌ من أردئ الشـعر بصـوت عنترة …
هذي بلادٌ يمنح المثقفون فيها صوتهم ،لسـيد المثقفين عنترة …
يجملون قـبحه ، يؤرخون عصره ، و ينشرون فكره …
و يقـرعون الطبـل فـي حـروبـه المظفرة …
لا نجـم - في شـاشـة التلفـاز - إلا عنترة …
بقـده الميـاس ، أو ضحكـته المعبرة …
يـوماً بزي الدوق و الأمير … يـوماً بزي الكادحٍ الفـقير …
يـوماً عـلى طـائرةٍ سـمتيـةٍ .. يوماً على دبابة روسيـةٍ …
يـوماً عـلى مجنزرة …
يـوماً عـلى أضـلاعنـا المكسـره …
لا أحـدٌ يجـرؤ أن يقـول : " لا " ، للجـنرال عــنتره …
لا أحـدٌ يجرؤ أن يسـأل أهل العلم - في المدينة - عن حكم عنتره …
إن الخيارات هنا ، محدودةٌ ،بين دخول السجن ،أو دخول المقبره ..
لا شـيء فـي مدينة المائة و خمسين مليون تابوت سوى …
تلاوة القرآن ، و السرادق الكبير ، و الجنائز المنتظره …
لا شيء ،إلا رجلٌ يبيع - في حقيبةٍ - تذاكر الدخول للقبر ، يدعى عنتره …
عــنترة العبسـي … لا يتركنـا دقيقةً واحدةً …
فـ مرة ، يـأكل من طعامنـا … و مـرةً يشرب من شـرابنـا …
و مرةً يندس فـي فراشـنا … و مـرةً يزورنـا مسـلحاً …
ليقبض الإيجـار عن بلادنـا المسـتأجره