Рет қаралды 23,747
التبني في الإسلام والفرق بين التبني وكفالة اليتيم
نالت فكرة التبني اهتماماً مفصلاً في الفقه الإسلامي من حيث التحليل والتحريم، والذي يقوم أساساً على الفرق بين مفهوم التبني وكفالة الأيتام.
فالإسلام وضَّح الفرق بين التبني وكفالة اليتيم من خلال قصة زيد بن حارثة رضي الله عنه الذي تبناه الرسول صلى الله عليه وسلم وكان يدعى زيد بن محمد، وذلك بنزول الآية الكريمة من سورة الأحزاب ((ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ))، ومن هنا جاء التفريق بين مفهوم التبني وكفالة اليتيم:
التبني: ويعني أن يتخذ المرء ابناً ليس ولده ولا من نسبه، ثم ينسبه إليه ويتعامل معه وكأنه ابنه الحقيقي، وهذا محرَّم في الإسلام لما فيه من ضياع للأنساب ولاختلاط الجنسين المحرم بين الطفل المتبنى وأسرة المتبني، كما أن هذا النوع من التبني قد يسبب مشاكل في الميراث وضياعاً للحقوق وهذا أيضاً محرم في الإسلام.
كفالة اليتيم: أمَّا هذا النوع من التبني فهو أن يتكفل الشخص بالقيام على تربية طفل ليس من صلبه ورعاية شؤونه لأسباب وظروف خاصة بكل حالة، وهذا النوع من التبني لا بأس فيه بل على العكس من ذلك فإنه يمارس وظيفة أخلاقية ويعتبر من أعمال الخير المفضلة في الإسلام، ولا يترتب على كفالة اليتيم نسبته إلى متبنيه أو دخوله في الوَرَثة دون وصية، وبذلك يتحقق قوله تعالى ((ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ)).
بوجيز العبارة: عندما كان جوهر مفهوم التبني يقوم على رعاية اليتيم وحمايته وتوفير الحياة الكريمة له دون أن يعود ذلك بالضرر على أسرة المُتَبني أو يخل بالأنساب؛ أقر الإسلام رعاية اليتيم والتكفُّل به دون اعتباره منسوباً لمن يكفله أو وريثاً شرعياً له أو أخاً شقيقاً لأبنائه وبناته.
وبذلك حافظ التشريع الإسلامي على جوهر التبني ودوره الاجتماعي والأخلاقي، مع حماية المجتمع من الآثار التي قد تنتج عن اختلاط الأنساب أو توزيع الميراث، وأتاح الإسلام بطبيعة الحال لمن يرغب بتبني اليتيم وكفالته أن يقوم بالتوصية له بما شاء من تركته فيكون ذلك حلالاً خالصاً له ولا حرج عليه.
أما في دراستنا هذه وفي معرض حديثنا عن مفهوم التبني فإنما نقصد به النوع الثاني وهو كفالة الأيتام وعند الحديث عن تبني أحد الأطفال في هذا الإطار فهو يعني التكفل بتربيته ورعايته وتأمين حاجاته ومستلزماته، دون الحاجة لأن يكون هناك صلة قرابة أو رحم بين الطفل والشخص الذي يتبناه ويتعهد برعايته، ولكن مفهوم التبني متسع في معناه مشتمل على معاني قانونية أو شرعية متعددة ومختلفة بحسب كل مجتمع وثقافة، وأيضاً هناك اختلاف في مفهوم التبني من حيث الدوافع والحالات الخاصة أو العامة أو الهدف المرجو من القيام بفعل التبني.