Рет қаралды 47,714
الحُرّ بن يزيد الرِّياحيِّ، أحد زعماء أهل الكوفة ومن قادة جيشها، وقد أرسله عبيد الله بن زياد؛ ليساير الحسينعليه السلام، ويراقب حركته، وقد ندم في اللحظات الأخيرة في يوم عاشوراء؛ فالتحق بـالحسينعليه السلام، واستشهد معه بكربلاء سنة 61 هـ؛ ومن هنا نال منزلة خاصة عند الشيعة.
توبته يوم عاشوراء
لم يصدر من الحر بن يزيد ما يسيء إلى الإمام أخلاقياً رغم تشدده في تنفيذ أوامر السلطة حتى أنه - كما في بعض الروايات- لم يذكر اسم فاطمة الزهراء (س) بسوء عند الحوار الذي دار بينه وبين الإمام، احتراماً لها.[17] وكان يأمل بانتهاء القضية بالصلح إلاّ أنه فوجئ بقدوم ابن سعد وإصرار الجيش على قتال الإمام (ع).[18]
ولما رأى الحر منطق الحسين (ع)، وما سمعه من خطب وكلام للإمام خلال تلك الأيام،[19] ونقض الكوفيين لعهودهم وإنكارهم للكتب التي أرسلوها للإمام (ع)، حتى منعوا الماء عن معسكر الإمام (ع)، تأثر بذلك وقرر ترك جبهة الباطل والالتحاق بركب الحسين(ع).[20]
فلما أخذ ابن سعد بتجهيز الجيش وتنظيم صفوفة في العاشر من المحرم وتعيين القادة أوكل قيادة بني تميم وبني همدان إلى الحر بن يزيد واستعد الجيش للقتال، فلمّا رأى الحرّ بن يزيد أنّ القوم قد صمّموا على قتال الحسين وسمع صيحة الحسين (ع).
قال الحر لعمر بن سعد:أي عمر!! أتقاتل أنت هذا الرجل؟!
قال عمر بن سعد: إي والله قِتالاً أيسره أن تَسْقُط الرؤوس وتطيح الأيدي!!
قال: أ فما لكم فيما عرضه عليكم رضىً؟
قال عمر: أمّا لو كان الأمر إليّ لفعلْتُ، ولكنْ أميرك قد أبى!
فأقبل الحرّ حتّى وقف من النّاس موقفاً ومعه رجلٌ من قومه يقال له قُرّة بن قيس، فأخذ يدنو من الحسين (ع) قليلاً قليلاً، فقال له المهاجر بن أوْس: ما تُريد أن تصنع يابن يزيد؟ أتريد أن تحمل؟ فلم يُجِبْهُ، وأخذه مثل الإفْكِل (وهي الرَّعْدةُ) فقال له المهاجر: إنّ أمرك لمُريب، والله! ما رأيت منك في موقف قطّ مثل هذا، ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة ما عَدَوْتُكَ، فما هذا الذي أرى منك؟
فقال الحرّ: إنّي والله أُخيِّر نفسي بين الجنّة والنّار، فوالله لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قُطِّعْتُ وحُرِّقْتُ، ثمّ ضرب فرسه قاصداً إلى الحسين ويده على رأسه وهو يقول: اللّهمّ إليك أنَبْتُ فتُبْ عَلَيّ، فقد أرْعَبْتُ قلوب أوليائك وأولاد بنتِ نبيّك!! جُعلتُ فداك يا بن رسول الله، أنا صاحبك الذي حَبستك عن الرّجوع وسايَرْتُك في الطّريق وجَعْجَعْتُ بك في هذا المكان، وما ظننتُ أنّ القوم يردّون عليك ما عرضْتَه عليهم ولا يبلغون منك هذه المنزلة، والله لو علِمْتُ أنّهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركِبْتُ منك الذي ركِبْتُ وإنّي تائبٌ إلى الله ممّا صنعْتُ فترى لي ذلك توبةً؟
فقال له الحسين (ع): نعم يتوب الله عليك، أنت الحر في الدنيا والآخرة.[21]
ذهبت بعض المصادر التأريخية المتأخرة أن الحر لم يلتحق بالحسين (ع) وحده بل التحق معه أبناءه واخوه وخادم له كلهم استشهدوا يوم عاشوراء.[22] ومع خلو المصادر التأريخية المتقدمة عن هذه المعلومة لايمكن الركون إلى المصادر المتأخرة.
وعظه لجيش الكوفة
لم يكتف الحر بالالتحاق بركب الحسين (ع) بنفسه وإنما بذل جهداً كبيراً في تقديم النصح للمغرر بهم حينما خاطبهم بقوله: أيها القوم! أ لا تقبلون من الحسين (ع) خصلة من هذه الخصال التي عرض عليكم فيعافيكم الله من حربه وقتاله؟ فقال عمر: لقد حرصت لو وجدت إلى ذلك سبيلا. فقال:
«يا أهل الكوفة لأمكم الهبل «الثكل» والعبر! [23] أ دعوتم هذا العبد الصالح حتى إذا جاءكم أسلمتموه وزعمتم انكم قاتلو أنفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه أمسكتم بنفسه وأخذتم بكظمه وأحطتم به من كل جانب لتمنعوه التوجه في بلاد الله العريضة حتى يأمن ويأمن أهل بيته فصار كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً وحلأتموه ونساءه وصبيته وأصحابه عن ماء الفرات الجاري، فها هم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمداً في دينه لا سقاكم الله يوم الظمأ ان لم تتوبوا وتنزعوا عما أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه. فحملت عليه الرجال ترميه بالنبل، فرجع حتى وقف أمام الحسين (ع)».