✳ آثار التقوى ومستلزماتها

✳ آثار التقوى ومستلزماتها
كما بينا سابقاً وأشرنا إليه فأن للتقوى درجات ، وكلما ازداد الإنسان المؤمن وترسخت عنده التقوى بصورة أكثر كلما ازدادت درجته وارتفعت قيمته عند الله سبحانه ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وقد يبلغ الإنسان في تقواه ما يوصله إلى مقعد الصدق ، فتقوى الإنسان هي بمثابة الصدق كلما ازدادت وتعمقت جذورها في نفسه كلما ازداد صدقاً وقرب من مقام ومنزلة الصديقين الذي هو بجوار الحضرة المقدسة للجليل الأجل . ومن مجموع آثار التقوى ومستلزماتها هي النجاة من الملمات والصعاب والنوازل التي يمتحن بها الإنسان وكذلك نزول الرزق الحلال الذي ورد ذكره في سورة الطلاق حيث يقول تعالى : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره) (1) .
يقول ابن فهد الحلي ( عليه الرحمة ) في عدة الداعي :
📌 إن هذه الآية الشريفة لها دلالات عديدة منها :
1️⃣ - إن التقوى قلعة حصينة وكهف محكم طبقاً لقول الله سبحانه : ويجعل له مخرجاً ومثل ذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله) ما مفاده و لو أن السماوات والأرضين أغلقت على العبد ثم أتقى هذا العبد فإن الله تعالى سيجعل له مخرجاً
وفرجاً من السماء والأرض )
2️⃣ - التقوى كنز لا يفنى وذلك طبقاً لقوله تعالى : (ويرزقه من حيث لا يحتسب) .
3️⃣ - إن الآية دليل على فضيلة التوكل وفيها يكون الله سبحانه كفيلاً بالتوكل عليه فهو حسبه وهل هناك شك فيما يصدر عن الله و حاشى له سبحانه ، ومن أصدق من الله قيلاً) (۲)
ومن هنا يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما معناه : لو أن الناس أخذوا بهذه الآية فإنها كافيتهم .
4️⃣ - إنها ( أي الآية السابقة ) تبين للعباد بأن الله سبحانه قادر على ما يريد ولا يعجزه شيء ولا تمتنع غاية قصدها سبحانه وشاءها ذلك لأنه سبحانه بالغ أمره ( إن الله بالغ أمره ) .
كل ذلك كي نجهد أنفسنا ونعمل بالتقوى لأنه سبحانه وعد المتقين بأن يكفيهم ويغفر لهم ويحفظهم ويرعاهم لتوكلهم عليه .
وفي حديث قدسي عن الإمام محمد الباقر (ع) مفاده أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يقول الله تعالى : ( بعزتي وجلالي وعظمتي وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مقامي ما إختار عبد ما تمناه على ما تمنيته له إلا وقد بعثرت أمره وجعلت قلبه منهمكاً في الدنيا وقطعت عنه رزقه إلا ما قدرته له .
فبعزتي وجلالي وعظمتي وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني ما إختار عبد هواي على هوى نفسه إلا وحفظته بملائكتي وضمنت له رزقه من السماوات والأرضين وأتاجر له في كل تجارة ( والمراد من ذلك أن الفائدة التي يستحصلها مني تفوق ربح التجار ) ، وأعطيه الدنيا وأذلها له » .
وفي رواية عن أبي سعيد الخدري (رض) مفادها أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما رجع من أحد وكان الناس قد أحاطوا به وقد استند إلى شجرة وهو يقول : أيها الناس أنظروا واعملوا بما كلفتم به من إصلاح أمر آخرتكم ودعوا ذلك الذي قد قدّر لكم في دنياكم ولا تستخدموا أعضاءكم وجوارحكم التي نمت وقويت بنعمة الله في إقتراف الذنوب التي تكون محل سخطه وغضبه واطلبوا رحمته وأنفقوا نعمه في طاعته ، وكل من بدأ بنصيبه من الدنيا أي ذلك الذي طلبه من الله فهو نصيبه في الآخرة ولن يكون له شيء في الدنيا وكل من بدأ بنصيبه من الآخرة ، فإنه يصل، نصيبه من الدنيا وله
في الآخرة ما أراد (1)
ويستفاد من رواية لعبد الله بن سنان عن الإمام الصادق (عليه السلام) : أن كل مؤمن يبتغي ذلك الذي يحبه الله ويُولّي إليه وجهه فإن الله تعالى يلتفت إليه عوضاً لما أحبه ، وكل من اعتصم بالله بتقواه فقد حفظه الله وكل من توجه إلى الله يستقبله الله ويحرسه ولو أطبقت السماء على الأرض فلا يُصيبه ضرر ولو نزل بأهل
الأرض بلاء عظيم كان ملجأه عند الله لأنه أتقى كل بلاء أو ما قال الله تعالى :
( إن المتقين في مقام أمين)
📚(۱) سورة الطلاق ، الآية : ٢ - ٣ .
📚 (۲) سورة النساء ، الآية : ١٢٢
📚 كتاب حقائق من القرآن
👤 الشهيد السيد عبد الحسين دستغيب
• ✳ آثار التقوى ومستلزماتها