🔰 تعريف التقوى والأفضل إجتناب الآثام والمعاصي :

🔰 تعريف التقوى والأفضل إجتناب الآثام والمعاصي :
1️⃣ التقوى في اللغة هي من الوقاية إشتقاقها ومراد المعنى اللغوي الحفظ والإحتراز ووردت في مجمع البحرين بمعنى الإهتمام الأكثر بالمحافظة على النفس والإحتراز مما يضرها أو يسبب لها الضرر والأذى .
ولو نظرنا إلى مرادها من حيث يراها أهل البيت (عليهم السلام) ومن خلال الروايات الواردة عنهم ، فهي كما تنقل الإشارة إليها من الإمام الصادق (عليه السلام) حين يقول :
التقوى أن لا يفقدك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك ، ،
والشطر الأول من الحديث يراد منه أي المواظبة على أداء واجباتك وفرائضك في أوقاتها ومحلها ،
وأما الشطر الثاني فيريد به (عليه السلام ) ( إجتناب المحرمات والمعاصي (۳) . وهذه التي عرض لها الإمام الصادق (عليه السلام) هي المرتبة الأولى من التقوى ويمكن الصعود بها بأداء المستحبات واجتناب المكروهات حيث تزداد معها مراتب السعادة والأجر .
الغاية من كلامنا هو ان الإمام الصادق (عليه السلام) بين أن أولى درجات التقوى هو الملازمة بين أداء الواجبات والفرائض من جهة واجتناب المحرمات والمعاصي فلو أخذ بأحد هذين وترك الثاني فإن التقوى غير حاصلة في هذه الحالة فلو أن أحداً صلى وصام وذكر الله وفي ذات الوقت إقترف المعصية كأن شرب الخمرة أو ارتكب عمل فاحش ترى ما الفائدة من عبادته تلك والعبادة والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ؟
2️⃣ الأفضل إجتناب الآثام والمعاصي :
ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حديث شريف يفيد» « أن كل من شيد ثم هدم فلا بناء يكون عنده لكنه لو داوم على قليل يبنيه فإنه سيحصل على البنيان في آخر المطاف . .
وربما لو أنه لم يعمل في الخيرات والصالحات ولم يرتكب في الوقت ذاته المحرمات فإن ذلك أفضل ممن يعيش على أرض مستوية أفضل مما يعيش في بناء خرب منهار .
كذلك جاء في الروايات ما مضمونه أن العمل باليسير من التقوى والإحتراز من الذنوب هو بمنزلة الملح في الطعام ، فكم يكون الملح قليلا في كميته المضافة فلا بد أن تضفي هذه الكمية طعماً لذيذاً للطعام مقارنة بالطعام الخالي
من الملح
فلو أن المرء إجتنب كل ذنب ومعصية ولم يرتكبها وأدى ما عليه من الفرائض والواجبات مكتفياً بها فقط فإنه أفضل بكثير من هذا الذي يقوم الليل حتى الصباح لكنه لا يتورع عن ارتكاب بعض المعاصي .
3️⃣ وضع حجر الأساس أولاً :
مما سبق من العرض صار لدينا معلوماً أن إجتناب المحرمات هو الأولى والأهم ، فيستلزم أولاً تهيئة الأرضية لقبول العبادة أو بعبارة أخرى إقامة الأساس أولاً ثم الشروع بالبناء عليه . في الخطبة التي رويت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشأن حلول شهر رمضان ،
لا يسيئون ولا يُسببون الأذى لأحد ، حاجاتهم في الدنيا يسيرة وقليلة و لا يستعظمون الكثير من أعمالهم ولا يستصغرون القليل الصغير منها ) . صبروا أياماً قصيرة أعقبتهم راحة طويلة ، تجارة مريحة يسرها لهم ربهم . أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها ،
ثم يصف (عليه السلام) حالهم التعبدي وعلاقتهم بالله فيقول : ( أما الليل فصافون أقدامهم ، تالين لأجزاء القرآن يرتلونها ترتيلاً ، يُحزنون به أنفسهم ويستثيرون به دواء دائهم ، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً وظنوا أنها نصب أعينهم . وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم ، فهم حانون على أوساطهم مفترشون لجباههم وركبهم وأطراف أقدامهم يطلبون إلى الله تعالى في فكاك رقابهم .
وأما النهار فحلماء علماء ، أبرار أتقياء . قد براهم الخوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى ، وما بالقوم من مرض ، ويقول لقد خولطوا ، ولقد خالطهم أمر عظيم ، لا يرضون من أعمالهم القليل ولا يستكثرون الكثير ، فهم لأنفسهم متهمون ، ومن أعمالهم مشفقون ، إذا زكي أحد منهم خاف مما يُقال له فيقول : أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم بي مني بنفسي ، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني أفضل مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ) .
📚 كتاب حقائق من القرآن
👤 الشهيد السيد عبد الحسين دستغيب
• 🔰 تعريف التقوى والأفضل...
📚(۱) سورة الحجرات ، الآية : ١٣
📚(۲) سورة آل عمران ، الآية : ٧٦ .
📚(۳) جرى البحث في موضوع التقوى وأهميته في مقدمة كتاب ( الكبائر ) للسيد الشهيد آية الله دستغيب ( عليه الرحمة ) وذلك في اطار الروايات والأخبار المفصلة فيمكن مراجعة ذلك لمزيد من الإطلاع .