Рет қаралды 4,202
يلقيه الفنان اشرف عبد الغفور
يقدم لنا الفيلسوف الأندلسي المسلم ابن طفيل شخصية بطل عمله الفلسفي حي بن يقظان، الخالي من أي إرث حضاري أو ثقافي سابق على وجوده، الذي نشأ وترعرع في جزيرة معزولة تماماً عن أي اتصال انساني، إلا أنه سيتمكن من تمييز ذاته عن الوجود الحيواني الطبيعي المحيط به، وسيرتقي في درجات الوعي والإدراك، من الإدراك الحسي عبر الاتصال بالأشياء والتعاطي معها، إلى الإدراك العقلي من خلال النظر العقلي، ومنه إلى تجربة الكشف الصوفية، والتي تمثل أعلى درجات الإدراك الإنساني!
فكانت معركة ابن طفيل الأساسية التي أراد الانتصار لها في قصته هذه هي تأكيد "القيمة المعرفية لموضوع العزلة وانتصار العقل على نمط الحياة الثقافي المؤدلج وتقديم إجابة لسؤال جوهري: إلى أي مدى يمكن أن تؤثر الاكتشافات الجديدة في علاقتنا بأنفسنا ووعينا بذاتنا؟ أملاً في لفت انتباه القارئ إلى أهمية التقارب بين الإنسان وذاته من خلال العزلة
وبالإضافة إلى موضوع العزلة وقيمته المعرفية، أراد ابن طفيل عبر هذه القصة تأكيد مسألة درء التناقض بين المعارف العقلية التي تتأتى عبر النظر العقلي والمعارف الشرعية المستقاة من الوحي، "فالمعرفة الإنسانية وأسباب الحصول عليها وطرائق استيعابها وآليات تأملها وإعادة إنتاجها"تعد جميعها مواضيع رئيسية أراد ابن طفيل الكشف عنها بأسلوب سردي متدرج يراعي التسلسل المنطقي في الحصول على المعرفة. وهنا سيتبين لنا أن هذه المعرفة المتحصلة من خلال التجربة والنظر العقلي لم تباين في شيء المعرفة المستقاة من الوحي!
في واقع الحال، لم تكن فكرة قصة حي بن يقظان من ابتداع ابن طفيل، إذ نجدها عند ابن سينا والسهروردي بالعنوان ذاته "حي بن يقظان". كما نجدها عند ابن باجة ولكنْ بعنوان آخر وهو "تدبير المتوحد". لكن الفرق الذي تميزت فيه قصة ابن طفيل عن غيره تمثل في جذرية عزلة شخصيته عن المجتمع وابتعاده التام عن أي تأثير مجتمعي، ما ينسجم مع موقف ابن طفيل اليائس من إمكان تعليم العامة أو إعادة تشكيل ثقافتهم ومعارفهم، ما جعل العزلة لديه فضاءً صالحاً يتيح للعقل التأمل وإنتاج المعرفة واكتشاف الحقيقة
لاتنسانا من الاعجاب و ارجو تعميم الرابط ومشاركته لتعم الفائدة عسى ان يجعله الله صدقة جارية في ميزان حسناتنا جميعاً