والله أحلى خطبة في محبة النبي صلى الله عليه وسلم جزاك الله خير الجزاء يا شيخ
@بدرالعديل9 ай бұрын
جزاه الله خير خطبه توافق الزمن
@سعودالجوهر-ح3ظ10 ай бұрын
الله ينفع بك
@alialalwi1211 ай бұрын
الله يعزك يابوعمر
@abdulgabarkhouja387711 ай бұрын
لا إله إلا الله محمد رسول الله
@فلاحالمخلد11 ай бұрын
الخطبة الأولى الحمدُ لله ﴿خَلَقَ من الْمَاءِ بَشَرًا فَجعَلَهُ نَسَبَاً وصهرًا﴾، ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ أحمده سبحانه وأشكره، وَأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ لَهُ، لَه الأسماءُ الحسنى والصِّفاتُ العُلْيَا، وَأَشهدُ أنَّ محمدا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وَعَلى آلِهِ وَصحبِهِ ومن اهتدى بهديهِ أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ في السرِّ والنَّجْوَى؛ فَالتَّقْوَى: هِيَ سَبَبُ الفَلَاحِ، وَطَرِيْقُ النَّجَاح! ﴿فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. أيها المؤمنون: صعبة هي الحياة اليوم بتكاليفها وبانفتاحاتها المتعددة، والتي أثرت على نمط الحياة وعلى العلاقات الاجتماعية والروابط الأسرية فأصبحت بيوت كثير من المسلمين اليوم قفراً تفتقد حيويتها وسكينتها، بل وحتى ساكنيها، الذين لم تعد تجمعهم مسامرة حديث وكلام، بل ولا سفرة طعام، يدخل الداخل بها ويخرج وكأنها قاعاً بلقعا، كل في طريقه يهيم، وإذا ما رجع انزوا في مكان منعزل ليبدأ في عالمه الخاص خلف شاشات الجوال، ترى الشيخ الكبير بلا أنيس والأم بلا جليس، فإين آية الله من سكينة البيوت يقول سبحانه ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ وحتى بين الأزواج فقل التواصل وحصل الشقاق والفراق وكثرت صكوك الطلاق والخلع. عباد الله: إن الأسرة هي اللبنة الأولى في تكوين المجتمع، وإن الاهتمام بها وبإصلاحها، وترابطها من الدين بمكان وإن أعظم وسائل الإصلاح للمجتمع اليوم إنما يكون بإصلاح هذه اللبنة ولقد اهتم الإسلام بها إيما اهتمام منذ بداية تكوينها وحتى اجتماعها بعد فناء الدنيا في الجنة، فاهْتَمَّت الشَرِيعَةُ باخْتِيَارِ الزَّوْجَيْنِ قَالَ ﷺ "إذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وحسنه الألباني وَقَالَ ﷺ "فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّيْنِ تَرِبَتْ يَدَاك" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ وأَمرَ بِحُسْنِ العِشْرَةِ قَالَ تَعَالَى ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾، عباد الله: في كلِّ بيتٍ عِتَابٌ وَمَوَدَّةٌ، وَسَخَطٌ وَرِضَا، والرَّجُلُ العاقِلُ يَعفُوا عن الخَطأِ، ويَنسى الزَّلَلِ؛ لأنَّهُ مُدرِكٌ طبيعة الْمَرْأَةَ فبالصَّبرِ عليها تَستقيمُ الأمورُ، وتَحسُنُ الْمَعِيشَةُ. يقول ﷺ "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي اَلضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا." وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ "فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ" رواه مسلم. وَإِنَّ فمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الاِسْتِقَرَارِ في البيوت المودةُ بَيْنَ الزَّوجَينِ بالْتِزَامُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالتَّوْجِيهِ الشَّرْعِيِّ، وَالهَدْيِ النَّبَوِيِّ؛ فِي كُلِّ شَأْنٍ مِنْ شُؤُونِهِمَا، وَأَنْ تَكُونَ العِشْرَةُ بِالمَعْرُوفِ؛ ثم إن الرضا بما قسم الله والقناعة بقضاء الله من أهم أسباب السعادة والاستقرار لهذا البناء فإياكَ والنظرةَ المثاليةَ، وإياكَ والمقارناتِ، قَالَ تَعَالَى ﴿أهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾. ولذا كان من أكبر الشروخ في هدم هذه اللبنة لبنة الاسرة هي من هذا الجانب مع ما يتابع اليوم عبر وسائل التواصل من بذخ الفساق من التافهين والتافهات وما يعرض عبر الدعاية والإعلان يقول ﷺ " اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ" أخرجه الترمذي وحسنه الألباني فالسعادة الحقيقية في الرضا والقناعة الذي لا تساويه كنوز الدنيا فهو حقاً "الكنز الذي لا يفني" رزقني الله وإياكم القناعة والرضى وألزمنا الشكر للمنعم جل وعلا أقول ما تسمعون
@فلاحالمخلد11 ай бұрын
الخطبة الثانية الحمد لله أنزل علينا خير دين وأصلي وأسلم على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فاتقوا الله وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ الظَّاهِرَة وَآلائِهِ الْبَاهِرَة، فَدِينُنَا خَيْرُ الأَدْيَانِ، وَأُمَّتُنَا خَيْرُ الأُمَمِ، وَنَبِيُّنَا أَفْضَلُ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُه، وَنَحْنُ بَيْنَ ذَلِكَ فِي صِحَّةٍ فِي الأَبْدَانِ وَأَمْنٍ فِي الأَوْطَانِ وَرَغَدٍ فِي الْعَيْشِ وَأَمَان ألا وإن مما يتطلبه بناء البيوت تربية الأبناء والاهتمام بذلك، فلا خير في مصلٍ هجّر لبيوت الله وأبناؤه في فرشهم نائمون أو في طرقهم سادرون لاهون لم يأمرهم بمعروف أو ينههم عن منكر يقول المولى ﷻ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾، قال السعدي رحمه الله في تفسيره "ووقاية الأهل والأولاد، بتأديبهم وتعليمهم، وإجبارهم على أمر الله، فلا يسلم العبد إلا إذا قام بما أمر الله به في نفسه، وفيما يدخل تحت ولايته من الزوجات والأولاد وغيرهم ممن هو تحت ولايته وتصرفه " وأخبر رسول الله ﷺ أن المرء يسأل عن رعيته وأن الوالدين عليهما حق الرعاية ، ففي الصحيح يَقُولُ ﷺ" كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، ..حتى قال ﷺ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا" فتربية الأولاد ورعايتهم مسؤولية، قد يتسبب إهمالها وعدم القيام بها إلى مصير مؤلم ينتظر الوالدين، ففي البخاري يَقُولُ النَّبِيَّ ﷺ "مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ" وفي لفظ " ما مِنْ عبدٍ يسترْعيه اللهُ رعيَّةً ، يموتُ يومَ يموتُ، وهوَ غاشٌّ لرعِيَّتِهِ، إلَّا حرّمَ اللهُ عليْهِ الجنَّةَ"، ألا وإن من وسائل التربية الناجحة ربط الأبناء بكتاب الله تلاوة وحفظاً فإنه من أعظم أسباب الفلاح والنجاح والتوفيق والهدى ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾ فحفظوهم كتاب الله وتدارسوه معهم يقول الأمام أحمد رحمه الله: توفي والدي وأنا طفل فحفظتني أمي القرآن وعمري عشر سنوات وكانت أمي تلبسني اللباس، وتوقظني، وتحمي لي الماء قبل صلاة الفجر، وأنا أبن عشر سنوات، وكانت تختمر وتتغطى بحجابها وتذهب معي إلى المسجد؛ لأن المسجد بعيد؛ والطريق مظلمة. وهذا الإمام الشافعي رحمه الله توفي والده وعمره سنتان فألزمته أمُّه حفظَ القرآن الكريم، فأتمَّه وهو ابن سبع سنين، ثم أقبل على مَعين السُّنَّة ينهلُ منها، فحفظ الموطَّأ وهو ابن عشر سنين، ثم أخذ يطلب العلم في مكة حتى أُذنَ له بالفتيا وهو دون عشرين سنة. فكانا من كانا نموا في قلوب أبنائكم وبناتكم الْوَازِعِ الدِّينِيِّ فإِذَا قَوِيَ فِي قُلُوبِهِمُ التَّدَيُّنُ الصَّحِيحُ صَارَ سِيَاجًا مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ النَّفْسِ فِي حَمْأَةِ الْمُخَالَفَاتِ وَالرَّذِيلَةِ، وَوَلَّدَ ذَلِكَ فِي نُفُوسِهِمْ مُرَاقَبَةَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُسَارَعَةَ إِلَى مَرْضَاتِهِ، وَغَرَسَ فِيهِمُ قيم الْفَضَائِلَ وَالْمَكَارِمَ، وَأَبْعَدَهُمْ عَنِ الرَّذَائِلِ وَالْقَبَائِحِ فتَرْبِيَةُ الأُسْرَةِ والأولاد طَرِيقٌ طَوِيل، يَحْتَاجُ إلى الصَّبْرِ الجَمِيلِ! قال ﷻ ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾. قال بَعْضُ السَّلَف:مِن الذُّنُوْبِ ذُنُوْبٌ لا يُكَفِّرُهَا إِلَّا الغَمُّ بِالعِيَالِ فتسعدوا بهم في الدنيا وتقر أعينكم بصلاحهم ثم تكون حسنات لكم في قبوركم ويوم القيامة تجمعكم سرر الجنة ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا اللهم أصلح لنا نياتنا وذرياتنا ؛ اللَّهُمَّ احْمِهِمْ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَاحْفَظْهُمْ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَاجْعَلْهُمْ هُدَاةً مُهْتَدِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ،
@هاديالحربي-ك1ز11 ай бұрын
جزاك الله خير
@فلاحالمخلد11 ай бұрын
الخطبة الأولى: الحمد لله، ﴿خلق الإنسان مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ﴾، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى أله وصحبه ومن استن بسنته إلى يومِ الدين وسلم تسليماً كثيرا، أمّا بعدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ عباد الله ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ عباد الله: لنا في الدنيا عبر ولنا فيها مدكر، والسعيد من عَرَفَها حق المعرفة فلم تغره ولم يغتر هو بها، فتزود منها لأخراه وجعل عمله خالصاً لله مبتغيا به رضاه ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ عباد الله ولازال الحديث متصلاً لما بدأناه في الأسبوع الماضي عن الممنوع والجائز في اتباع الجنائز، ألا وإن مما ينبغي للمسلم تعلمه وقد زهد فيه كثير من الناس اليوم هو تجهيز الميت وتغسيله وإكرامه، وذلك من علوم الدين بالضرورة فكم هم أولئك الذي يعلمون كثيرا من أمور الدين والدنيا، وهم أجهل ما يكون في شأن أكرام الميت وتجهيزه وكأن ذاك يقرب أجل أو يبعده ألا فتعلموا في هذا الباب واشهدوا الجنائز في تغسيلها لتفقهوا هذا الباب، ومن غسل مسلماً فستره ستره الله من الذنوب كما جاء في الصحيحة من حديث أمامه ألا وإن مما ينهى عنه في دين الله النياحة على الميت وهو منكر من القول يقول النبي ﷺ "ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية" رواه البخاري ومسلم وفيهما ويقول ﷺ "أنا بريء من الصالقة، والحالقة، والشاقة". والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: هي التي تشق ثوبها عند المصيبة. وإنما ذكرت بصيغة التأنيث لوقوعها أكثر في النساء وإلا فالحديث عام في الرجال والنساء ويقول ﷺ "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت" وقال ﷺ" النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة، وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب" رواه مسلم. أما البكاء بدمع العين فلا بأس، كونه تدمع العين، ويحزن القلب لا حرج يقول النبي ﷺ لما مات ابنه إبراهيم " تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون هكذا قال -عليه الصلاة والسلام- وقال ﷺ "إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا، أو يرحم، وأشار إلى لسانه أَوْ يَرْحَمُ" ألا وأن مما يجب التنبيه عليه وهو مما انتشر وضع خلفية سوداء في مواقع التواصل والجوالات وابتدائها بقول الله تعالى ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً﴾ وهذا فيه من المخالفات أن شعار السواد وجعله للحزن لا يجوز فيه دين الله شعاراً جاهلياً نهينا عنه فنهينا على لبس السواد وجعله شعاراً حال المصيبة وفيه تسخط وجزع والمؤمن مأمور بالرضى بالقضاء والقدر بل هو ركن من أركان الإيمان كما أنه تزكية للميت فما أدارك أنها نفس زكيه وأنها راضية مرضية ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أننا لا نشهد لأحد بجنة أو نار إلا من شهد لهم الله أو هد لهم رسوله ﷺ وقد نبه العلماء على هذا إلا إنه لازال متبعا ومبتدعاً في دين الله بارك الله لي ولكم
@فلاحالمخلد11 ай бұрын
الخطبة الثانية: الحمد لله رب العلمين وأصلي وأسلم على أمام المرسلين ﷺ وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فاتقوا الله عباد الله والتزموا بشرع الله وإياكم ومحدثات الأمور فكم محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار عباد الله : ألا وإن مما ينبغي تكثير المصلين على الميت وهو ليس من النعي المحرم رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ، فَقَالَ: يَا كُرَيْبُ انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَاسٌ قَدِ اجْتَمَعُوا لَهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: تَقُولُ هُمْ أَرْبَعُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَخْرِجُوهُ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا إلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ» ورى مسلم أيضاً عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ» ومما شرَع ﷺ لأُمّته أن يُدعا للميت بعد دفنه، ففي صحيح الجامع كان النبي ﷺ، إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: «استغفروا لأخيكم، وسلوا له بالتثبيت؛ فإنه الآن يُسأل» والسنة عدم إطالة الوقوف، بل يدعو ثلاثاً بالمغفرة والثبات ثم ينصرف؛ ليتيح المجالَ لغيره وأما ما روي عن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ من الأمر بالإقامة حول قبره قدْر ما تُنحر جزورٌ ويؤكل لحمُها.، فهو اجتهاد منه، رضي الله عنه والسنّةُ وما عليه عمل الخلفاء وسائر الصحابة عدم إطالة الوقوف. ألا وإن مما يندب إليه زيارة القبور للرجال دون النساء وهي سنة ثابتة عن رسول الله ﷺ يقول ﷺ كما في صحيح الجامع "زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة" والميت ينتفع بالزيارة بصادق الدعاء وينتفع الزائر بترقيق قلة وزيادة إيمانه إلا أنه ينبغي أن يعلم أن من البدع تخصيص يوم معين للزيارة وفي فتاوى اللجنة الدائمة: لا يجوز تخصيص يوم معين من السنة لا الجمعة ولا أول يوم من رجب، ولا آخر يوم، في زيارة المقابر؛ لعدم الدليل على ذلك، وإنما المشروع أن تزار متى تيسر ذلك، من غير تخصيص يوم معين للزيارة ويقول ابن باز رحمه الله أما التخصيص بيوم معين أو ليلة معينة فبدعة لا أصل له؛ لقول النبي ﷺ" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه، وهي زيارة والسنة أن تقع هجراً فهي زيارة وليست عيادة فيسلم على أهل المقبرة ويدعو لهم وأن يستقبل القبر لأن الميت وجهه إلى القبلة ومن الخطأ أن بعض الناس هداهم الله يجعلون القبر بينهم وبين القبلة فيستقبلون القبر وربما صلى عليه ورفع يديه داعياً وتلك مما لم ترد عن رسول الله ﷺ والدعاء للميت في كل مكان وليس للقرب من قبرة مزية بل بها تشبة لمن يستغيثون بالموتى ويعبدونهم من دون الله ولقد زار النبي ﷺ أهل البقيع حيث أمره الله في آخر الليل كما في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها لما تبعته وهو وقت سكون وأدعى للتدبر والاتعاظ اللهم أحينا على سنة نبيك ﷺ وتوفنا على ملته، وأعذنا من مضلات الفتن.اللهم إنا نعوذ بك من العجز، والكسل، والجُبن، والبخل، والهَرَم، وعذاب القبر.اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكاها، أنت وليُّها ومولاها. اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يُستجاب لها. اللهم ثبِّت على الإيمان.
@محمدآلمخلد-س6ح11 ай бұрын
ماشاء الله تبارك الله الله يجزاك خير
@فلاحالمخلد11 ай бұрын
الخطبة الأولى الحمد لله كتب الفناء على عباده، أحمده سبحانه حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى صحبه وأله ومن اقتدى به واستنّ بسنته إلى يومِ الدين، أمّا بعدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ عباد الله وتذكروا ساعة الرحيل من هذه الدار فهي من أقوى الروادع عن المعاصي والأوزار ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ عباد الله: إن مما يحمد للناس اليوم ونراه ظاهرةً محمودةً فيهم؛ ظاهرةَ اتّبَاعِ الجنائزِ، والحرصَ على شهودها، والصلاة عليها، في دلالة واضحة على حرص الناس على الخير، فما أن يسمع في الناس بأن سيصلى على جنازة إلا وتجد المصلين يحضرون إلى الجامع في وقت باكر وبعضهم يستعجل مسجد حيه لئلا تفوتَه الجنازةُ وشهودُها، ألا وإن شهود الجنائز والصلاة عليها عمل صالح، حث عليه النبي ﷺ ووعد عليه بموعود الله بالأجر العظيم والنفع في الدنيا والآخرة، ولكي يصلح هذا العمل ويقبل فلابد من الاتيان به وفق ما أمر الله وأمر رسوله ﷺ وهاكم آداب وتوجيهات ينبغي مراعاتها والتذكير بها أولا: ينبغي الإخلاص لله وتصحيح النية في شهود الجنائز فلن يقبل عملٌ إذا لم تخلص النية فيه لله يقول ﷺ " مَنْ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّه يَرْجِعُ مِنْ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ" رواه البخاري إيماناً واحتساباً، لا للرياء والسمعة ولا لغرض آخر، ولا لأجل فلان وعلان بل يتبع الجنازة إيماناً بأن الله شرع ذلك، واحتساباً للأجر عنده سبحانه وتعالى. ثانياً: أن يذكر التابع للجنازة الموت والاستعداد للآخرة، وأن الذي أصاب أخاه سوف يصيبه؛ فاليوم تابع ومشيع وغداً هو متبوع ومشيَّع وهكذا سنة الحياة، فليعد العدة وليحذر من الغفلة، وتلك من مرادات شرع الله يقول ﷺ في شأن القبور زوروها فإنها تذكر الآخرة. وفيه جبراً ومواساة للمصابين وتعزية لهم في ميّتهم، فيحصل له بذلك أجر التعزية والجبر والمواساة لإخوانه. وصلاة الجنازة واتباعها من فروض الكفايات على المسلمين إذا تركوها أثموا جميعا. واحذوا عباد الله مخالفات يقع فيها البعض عند التشييع للجنازة، ومنها الانشغال بالسلام والحديث في الذهاب للمقبرة وفيها وأثناء الدفن وبعضهم يتعمد ذلك وكأن الناس لم يروا بعضهم من سنين ولو صبر حتى يخرج من المقبرة لكان خير، فانتم في عبادة تتعبدون الله بها فدعو ذلك واشتغلوا بأنفسكم وتذكيرها، وأشنع منه الحديث في أمر الدنيا أو التعليق والضحك وتلك ظاهرة إنما تدل على مدى قسوة القلوب وتغلغل الدنيا بها يقول البراء بن عازب رضي الله عنه في حديثه الطويل " فانتَهينا إلى القبرِ ولمَّا يُلحَدْ، فجلسَ رسولُ اللَّهِ ﷺ وجَلَسنا حولَهُ كأنَّما على رؤوسنا الطَّيرُ.." الحديث صححه الألباني وغيره قال قيس بن عُباد -أحد كبار التابعين-: "كان أصحاب رسول الله ﷺ يكرهون رفعَ الصوت عند ثلاث: عند القتال، وعند الجنائز وعند الذكر" ومن مخالفات الجنائز: أن بعض المشيعين يترك اتباع الجنازة ليزور قبر قريبه أو صاحبه وماهذا بوقت زيارة أنت في عبادة فأتمها، وللزيارة وقت آخر. ومنها توزيع الماء في المقبرة والقربات بالنية عن الميت وتركه ذلك أولى وقد نبه عليه مشايخنا بأنه باب بدعه يفضي إلى ما هو أعظم منه من التعبد لله عند قبور الصالحين وهو مما تعارف عليه معظمي القبور فإن كان ولابد فليكن الماء خارج أسوار المقبرة هذا سوى ما يترك من القوارير في المقبرة بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ...
@فلاحالمخلد11 ай бұрын
الخطبة الثانية الحمد لله وصلى الله وسلم على خير خلق الله من تركنا على بيضاء نقيه لا يزيغ عنها إلا هالك وبعد: فاتقوا الله عباد الله واتبعوا أمر الله وأمر رسوله ﷺ تنالوا خيري الدنيا والآخرة قال الإِمام ابنُ القيم رحمه الله: "كان هَدْيُ النبي ﷺ في الجنائز أكملَ الهدي، مُخالفاً لهَدْيِ سائر الأمم، مشتملاً على الإِحسان إلى الميت ومعاملته بما ينفَعُه في قبرهِ ويوم معاده، وعلى الإِحسان إلى أهلهِ وأقاربه، وعلى إقامة عبودية الحي لله وحده فيها يعاملُ به الميت. ألا وإن من ينبه عليه متبعو الجنائز مبتغ الأجر من الله السلام على أهل المقبرة وكثيراً ما يترك بأن يقال ماورد" السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم " وموطنه إذا دخل المقبرة أو رأى القبور ولا يشرع للمار خارج المقبرة إذا كان لا يرى القبور عباد الله: السنة لمن تبع الجنازة ألا يجلس حتى توضع من على الأرض. فإذا وضعت فالسنة الجلوس وعدم القيام وإنك لتعجب من أناس يضلون وافقين حتى يُنتهى من الدفن وبعضهم هداهم الله يتجمهرون على شفير القبر فلا هم أعانوا ولا هم أوسعوا للمحتسبين وبعضهم يكثر التوجيه وكأنه يعلّم من يلحد القبر بما يصنع ويسابقه قبل انتهاء عمله، حتى إن الذين يوجهون يختلفون فيما بينهم فالعامل واحد والموجهن له عشرة، ألا وأن ذلك مما يذهب التأثر بالموقف والاتعاظ به ومما يجلب اللغط والكلام فأين ذلك من قول البراء كأنَّما على رؤوسنا الطَّيرُ واعلموا رحمكم الله أنه لا بأس بالموعظة عند القبر قبل الدفن مالم تكن ديدنا متبعاً في كل جنازة، وبعض المشيعين ربما انصرف من المقبرة قبل انتهاء الدفن وهذا قد فوت على نفسه أجر القيراطان يقول ﷺ فيما صح عنه ﷺ " مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتّى يُصَلّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيراط، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتّى تُدْفَن فَلَهُ قِيرَاطَانِ"، قِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ: مَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: "مَثَلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ"؛ يعني: من الأجر. وفي الحديث الأخر "حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا"، تجنبوا الجلوس والاتكاء على القبور أو وطئها ففي صحيح مسلم يقول ﷺ " لأنْ يجلسَ أحدُكم على جمرةٍ فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلدِهِ، خير له مِن أن يجلس على قبر" وفي صحيح الجامع يقول ﷺ " لَأَنْ أمْشِيَ على جَمْرةٍ أوْ سَيفٍ ، أو أخْصِفَ نَعلِي بِرِجْلِي -أخرزها فيها- ، أحَبُّ إِليَّ من أنْ أمْشِيَ على قَبرِ مُسْلِمٍ " واعلموا أنه لم يصح عن النبي ﷺ حديث أنه لابد من الحثي بثلاث حثيات قال أبو حاتم الرازي - رحمه الله- لا يصح عن النبي ﷺ، والقيراطان ثابتان بمجرد الحضور حتى الدفن، ولو لم يشارك الإنسانُ في الحثي. وهذا مما يزدحم عليه الناس وربما أثاروا الغبار وأحدثوا جلبة وصوتاً والغاية هي المساعدة عند الحاجة، ومما ينبه عليه ما يفعله بعض الناس اليوم: بأن يذهبوا بالميت إلى بيته أو يأتون إليه كي يسلم عليه أهله، وما يسمى بالنظرة الأخيرة؛ وهذا من عادات النصارى؛ التي أمرنا بمخالفتهم هذا وصلوا
@Ahem.A_brahem Жыл бұрын
جزاكم الله خير.
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الأولى الحمد لله الذي أعزنا بهذا الدين فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، أحمده سبحانه حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما، أما بعد: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَلَّمُوا دِينَهُ وَالْزَمُوهُ، وَاتْلُوا كِتَابَهُ وَتَدَبَّرُوهُ؛ تفلحوا في الدنيا والآخرة ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ﴾ عباد الله : إن من ثوابت هذا الدين الذين ندين الله به الولاء والبراء الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين والبراء من الشرك والمشركين وَلقد نَهَى الله سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ وِلَايَةِ الْكَافِرِينَ، وَتَوَعَّدَ بِالْعَذَابِ عَلَى ذَلِكَ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾، أَيْ: حُجَّةً لِلَّهِ تَعَالَى فِي عَذَابِكُمْ، وقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ﴾ ، وَفِي آيَاتٍ أُخْرَى بَيَّنَ سُبْحَانَهُ بَرَاءَتَهُ مِمَّنْ وَالَاهُمَ وَأَعَانَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾، قَالَ الْإِمَامُ الطَّبَرِيُّ: «يَعْنِي بِذَلِكَ: فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ، وَبَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ بِارْتِدَادِهِ عَنْ دِينِهِ، وَدُخُولِهِ فِي الْكُفْرِ». وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الْوَثَنِيِّينَ، وَمِنْ كُفَّارِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ﴾ ونهى سبحانه عن موالاتهم ولو كانوا أقرب قريب ما دموا على الكفر بالله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ﴾ وَقَاْل تَعَالَى: ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنَ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَحَقُّهُ سُبْحَانَهُ يُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْآبَاءِ وَالْإِخْوَانِ وَالْقَرَابَةِ وَكُلِّ أَحَدٍ؛ وَلِذَا تَبَرَّأَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَبِيهِ لَمَّا أَصَرَّ عَلَى الْكُفْرِ وَمَاتَ عَلَيْهِ؛ كَمَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾، وَكَانَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِبَرَاءَتِهِ مِنْ أَبِيهِ وَمِنْ قَوْمِهِ أُسْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي هَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾، فَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ وَمِنْ شِرْكِهِمْ. إن عقيدة الولاء والبراء من الدين بمكان وإن من الواجب العناية بها وتربية الأجيال عليها وإن من صور المولاة للكفرة محبتهم أو الرضى بكفرهم أو الشك في عقيدتهم أو تصحيح مذهبهم أو مأزرتهم ومعاونتهم ضد المسلمين أو تفضيلهم عليهم وهذه كلها تعد ناقضا من نواقض التوحيد فمن أصول أهل السنة: أن من لم يكفر الكافرين أو يشك في كفرهم أو يتبرأ منهم؛ فقد كفر. يقول سبحانه ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ فَلْيَحْذَرْ كُلُّ مُؤْمِنٍ أَنْ يُبْطِلَ إِيمَانَهُ وَصَلَاتَهُ وَأَعْمَالَهُ بِتَوَلِّي كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ؛ لِضَغِينَةٍ فِي قَلْبِهِ عَلَى ذَلِكَ الْمُسْلِمِ؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ عَظِيمٌ، وَالْخَطْبَ كَبِيرٌ، وَهُوَ حَدٌّ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، وَالْإِيمَانِ وَالنِّفَاقِ، وَإِذَا أَبْطَلَ الْعَبْدُ إِيمَانَهُ فَمَاذَا يَبْقَى لَهُ؟!اللهم انصر كتابك وسنة نبيك ...بارك الله لي
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الأولى الحمد لله الذي أعزنا بهذا الدين فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، أحمده سبحانه حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما، أما بعد: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَلَّمُوا دِينَهُ وَالْزَمُوهُ، وَاتْلُوا كِتَابَهُ وَتَدَبَّرُوهُ؛ تفلحوا في الدنيا والآخرة ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ﴾ عباد الله : إن من ثوابت هذا الدين الذين ندين الله به الولاء والبراء الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين والبراء من الشرك والمشركين وَلقد نَهَى الله سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ وِلَايَةِ الْكَافِرِينَ، وَتَوَعَّدَ بِالْعَذَابِ عَلَى ذَلِكَ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾، أَيْ: حُجَّةً لِلَّهِ تَعَالَى فِي عَذَابِكُمْ، وقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ﴾ ، وَفِي آيَاتٍ أُخْرَى بَيَّنَ سُبْحَانَهُ بَرَاءَتَهُ مِمَّنْ وَالَاهُمَ وَأَعَانَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾، قَالَ الْإِمَامُ الطَّبَرِيُّ: «يَعْنِي بِذَلِكَ: فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ، وَبَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ بِارْتِدَادِهِ عَنْ دِينِهِ، وَدُخُولِهِ فِي الْكُفْرِ». وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الْوَثَنِيِّينَ، وَمِنْ كُفَّارِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ﴾ ونهى سبحانه عن موالاتهم ولو كانوا أقرب قريب ما دموا على الكفر بالله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ﴾ وَقَاْل تَعَالَى: ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنَ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَحَقُّهُ سُبْحَانَهُ يُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْآبَاءِ وَالْإِخْوَانِ وَالْقَرَابَةِ وَكُلِّ أَحَدٍ؛ وَلِذَا تَبَرَّأَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَبِيهِ لَمَّا أَصَرَّ عَلَى الْكُفْرِ وَمَاتَ عَلَيْهِ؛ كَمَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾، وَكَانَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِبَرَاءَتِهِ مِنْ أَبِيهِ وَمِنْ قَوْمِهِ أُسْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي هَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾، فَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ وَمِنْ شِرْكِهِمْ. إن عقيدة الولاء والبراء من الدين بمكان وإن من الواجب العناية بها وتربية الأجيال عليها وإن من صور المولاة للكفرة محبتهم أو الرضى بكفرهم أو الشك في عقيدتهم أو تصحيح مذهبهم أو مأزرتهم ومعاونتهم ضد المسلمين أو تفضيلهم عليهم وهذه كلها تعد ناقضا من نواقض التوحيد فمن أصول أهل السنة: أن من لم يكفر الكافرين أو يشك في كفرهم أو يتبرأ منهم؛ فقد كفر. يقول سبحانه ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ فَلْيَحْذَرْ كُلُّ مُؤْمِنٍ أَنْ يُبْطِلَ إِيمَانَهُ وَصَلَاتَهُ وَأَعْمَالَهُ بِتَوَلِّي كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ؛ لِضَغِينَةٍ فِي قَلْبِهِ عَلَى ذَلِكَ الْمُسْلِمِ؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ عَظِيمٌ، وَالْخَطْبَ كَبِيرٌ، وَهُوَ حَدٌّ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، وَالْإِيمَانِ وَالنِّفَاقِ، وَإِذَا أَبْطَلَ الْعَبْدُ إِيمَانَهُ فَمَاذَا يَبْقَى لَهُ؟!اللهم انصر كتابك وسنة نبيك ...بارك الله لي
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الثانية الحمد لله القائل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾ قال حذيفة رضي الله عنه "ليتق أحدكم أن يكون يهوديًا أو نصرانيًا وهو لا يشعر لهذه الآية" والصلاة والسلام على الرسول القائل لأبي ذر رضي الله عنه يسأله "أي عرى الإيمان أوثق؟!"، قال: الله ورسوله أعلم، قال: "المولاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله". رواه الطبراني وحسنه الألباني. أما بعد عباد الله الحق والباطل ضدنا ولذا قال الله لنوح لما راجع ربه في ابنه الذي من صلبه قال الله ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ﴾ يقَولَ الشَّيخُ حمدُ بنُ عَتِيقٍ من علماء نجد -رَحِمَهُ اللهُ-: " فَأَمَّا مُعَادَاةُ الكُفَّارِ وَالمُشرِكِينَ، فَاعلَمْ أَنَّ اللهَ -سُبحَانَهُ وَتَعَالى- قَد أَوجَبَ ذَلِكَ وَأَكَّدَ إِيجَابَهُ، وَحَرَّمَ مُوَالاتَهُم وَشَدَّدَ فِيهَا، حَتى إِنَّهُ لَيسَ في كِتَابِ اللهِ -تَعَالى- حُكمٌ فِيهِ مِنَ الأَدِلَّةِ أكثَرُ وَلا أَبيَنُ مِن هَذَا الحُكمِ بَعدَ وُجُوبِ التَّوحِيدِ وَتَحرِيمِ ضِدِّهِ". أ-هـ فلا بد من المولاة للمؤمنين والمعادة للكافرين وإلا اختلت عقيدة الإيمان ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ قَالَ أَبُو الوَفَاءِ ابنُ عَقِيلٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: " إِذَا أَرَدتَ أَن تَعلَمَ مَحَلَّ الإِسلامِ مِن أَهلِ الزَّمَانِ فَلا تَنظُرْ إِلى زِحَامِهِم في أَبوَابِ الجَوَامِعِ، وَلا ضَجِيجِهِم في المَوقِفِ بِـ(لَبَّيكَ)، وَإِنَّمَا انظُرْ إِلى مُوَاطَأَتِهِم أَعدَاءَ الشَّرِيعَةِ ". وقَالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ-: "إِنَّ تَحقِيقَ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ يَقتَضِي أَن لا يُحِبَّ إِلاَّ للهِ، وَلا يُبغِضَ إِلاَّ للهِ، وَلا يُوَادَّ إِلاَّ للهِ، وَلا يُعَادِيَ إِلاَّ للهِ، وَأَن يُحِبَّ مَا أَحَبَّهُ اللهُ، وَيُبغِضَ مَا أَبغَضَهُ اللهُ". ألا وإن من صدق المولاة للمؤمنين الوقوف معهم حال مصابهم والألم لألمهم وقد أطلقت قيادتنا الرشيدة وفقها الله الحملة الشعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة وفتحت المجال للمساهمة في تخفيف معاناتهم نسأل الله أن يجزيهم خير الجزاء وأن ينصر بهم دينه وسنة نبيه محمد ﷺ هذا وصلوا وسلمواعلى من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه في قوله عز من قائل: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ﴾
@عبداللهمحمدفارعسعيدالخمري Жыл бұрын
جزاك الله خيــرا شيخنا
@محمدآلمخلد-س6ح Жыл бұрын
الله يكتب أجرك ويجزاك خير
@Ahem.A_brahem Жыл бұрын
جزاكم الله خير.
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الأولى الحمد لله إيماناً بكمال الله وجلاله، ويقيناً بعلمه وحكمته، ورضا وطمأنينة بعدله ورحمته، أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبدُ الله ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً مزيدا أما بعد.. فاتقوا الله ربكم واعبدوه إليه ترجعون ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ لك الله يا فلسطين لك الله يا غزة لك الله أيتها الأرض المباركة استبيحت حرماتك وسال دمك وعظمت المصيبة بك ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ لقد شاهد العالم كله ماجري ويجري الآن في تلك البقعة المباركة من الأرض موطن الأنبياء، مُهَاجَرُ خَلِيلِ اللهِ إِبْرَاهِيمَ وَلُوطٍ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾ موطن يعقوب وال عمران وزكريا ويحيى وعيسى منجى موسى عليهم السلام مسرى نبينا ﷺ وموطن لقاه بأنبياء الله وصلاة بهم ومعراجه إلى السماء، تَعَلَّقَتْ بِهِ قُلُوبُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَتَعَبَّدَ فِيهِ الْأَوْلِيَاءُ، وَرَخُصَتْ مِنْ أَجْلِهِ دِمَاءُ الشُّهَدَاءِ، أولى القبلتين وثالث المساجد التي تشد لها الرحال أرض الإسلام وأوقاف عمر فتحها المسلمون بعد وفاته ﷺ بست سنوات في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحكمها المسلمون قرونا طويلة، ثم احتلها الصليبيون فأخرجهم المسلمون المجاهدون بقيادة صلاح الدين، ثم احتلها النصارى البريطانيون في القرن الماضي، وسلموها لليهود ليقيموا فيها دولة لهم في أرض غيرهم، فأعلنوا قيام دولة إسرائيل قبل 78 عاماً من الآن سنة 1367 هجرية، ولازلنا نعيش الغبن والقهر منذ ذلك التاريخ فهل قضى الله وقدر أن نعيش هذا الهوان على الناس وأن نهان من أخبث وأنذل خلق الله قتلة الأنبياء وإخوان القردة والخنازير ممن تجرؤا على الله بوصفه أنه فقير وأن يده مغلولة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، نكلوا بإخواننا وساموهم سوء العذاب ونحن نرى ونسمع ولا نملك من الأمر شيئاً فهل بعد هذا ذل و هوان يقول ﷺ كما في صحيح الجامع «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ:"بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ"، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ: "حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ". وفي الصحيحة يقول ﷺ "إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ" فالخطب جلل والمصاب كبير والواجب عظيم ومن لم يحمل هم المسلمين فليس منهم يقول ﷺ كما في الصحيحين "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" وروي أنه مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. ورغم كل تلك المصائب والمجازر إلا أننا متفائلون لما نشاهد ونسمع من ثبات الله الذي أنزله على أهلنا وإخواننا في غزة الجريحة وتعلقهم بالله وصبرهم على عظم المصاب والفاجعة فاللهم أربط على قلوبهم وثبت أقدمهم اللهم تقبل شهدائهم وعف جرحاهم ومرضاهم اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم اللهم عليك باليهود الغاصبين اللهم أنزل عليهم جداً من جندك اللهم أشغلهم بأنفسهم عن المسلمين اللهم لا ترفع لهم راية واجعلهم لم خلفهم آية اللهم زلزل الارض من تحتهم ومزقهم كل ممزق يا قوي يا قاهر يا جبار السموات والأرضين أقول ما تسمعون
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الثانية الحمد لله القائل ﴿ إِن تَنصُرُوا ْاللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ والصلاة والسلام الأكملان الأتمان على الرسول القائل ﷺ "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زُوِي لي منها" رواه مسلم وبعد فلعل سأل يسأل وما واجبي تجاه أخوني في غزة وفلسطين والجواب أن الواجب أمور كثيرة أولها: الشعور بمصابهم والألم لألمهم ومأزرتهم وكف اللسان عن مثالبهم فليس الموطن اليوم موطن عتب وملامة، الواجب اليوم نشر قضيتهم ونقلها للأجيال وتبيين أن أرض فلسطين أرض إسلامية وأنها جرح نازف لا يهدأ للمسلمين بال حتى يعيدوها لبلاد الإسلام، وستعود بإذن الله مصداقاً لقوله ﷺ " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم هذا يهودي خلفي، تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود" رواه مسلم الواجب اليوم بث روح التفاؤل والأمل وعدم اليأس فالله ناصر دينه ومعلي كلمته وما وقع فبأمر الله وله الحكمة البالغة ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ الواجب نصرتهم بمد يد العون بالنفقة والصدقات ومساعدتهم والوقوف معهم في محنتهم الواجب تجاه إخواننا الدعاء لهم فهو من أقوى الوسائل يقول الإمام الشافعي: أتهزأ بالدعاء و تزدريه **و ما تدري بما صنع الدعاء** سهام الليل لا تخطي و لكن ** لها أمد و للأمد انقضاء ويظهر أثر الدعاء إذا بلغنا مرحلة الاستغاثة ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ﴾ فادعوا لهم الله في جل اوقاتكم تبرأ ذممكم ويستجب لكم ومن أعظم الواجب تجاههم العودة إلى الدين ومراجعة ديننا والتمسك به والعمل به ظاهرا وباطنا يقول ﷺ كما في الحديث السابق "سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ" ﴿إِن تَنصُرُوا ْاللَّهَ يَنصُرْكُمْ﴾ ونصر الله يتحقق لمن وصفهم بقوله ﴿ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ فنصر الله لمن نصر الله بإقامة الصلاة كما أمر الله بخشوعها وطمأنينتها في وقتها الذي شرع الله وفي جماعة المسلمين في مساجدهم، كيف نرجو النصر ولازالت صلاة بعضنا جوفاء خداش لا خشوع ولا تدبر كيف نرجو النصر ولازال بعضنا يتخلف عن الصلاة أقيموا الصلاة كما أمر الله ينصركم الله وآتوا الزكاة وإياكم والظلم وأكل حقوق الناس والمطل به، كيف نرجو النصر ولم ننصره سبحانه في طهارة قلوبنا من الحسد والبغضاء والحقد والكراهة لبعضنا، كيف نرجو نصر الله ونحن غارقون في فتن الشهوات والشبهات وإطلاق النظر الحرام، إن نصر الله لا يتأتى إلا لمن خاف الله ونصر الله في نفسه، وتعلق بالله والدار الآخرة نصر الله والتمكين في الأرض لا يتأتى لمن رضي بالدنيا وتنافس على حطامها وهو الوهن الذي ذكره ﷺ بقوله " وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ"، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ: "حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ". هذا بعض الواجب والواجب كبير هذا وصلوا وسلموا
الخطبة الأولى الْحَمْدُ للهِ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَحِلْمًا، وقهر كل مخلوق عزةً وحُكما، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصحبه، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أَمَّا بَعْدُ: فاتقوا الله عباد الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ أيها المسلمون: إن مما ابتلي به أغلب الناس اليوم وأصبح ظاهرة تستحق الحديث وبيان حكم الله فيها ألا وهي ظاهرة التساهل في أخذ الدين فتَسَاهَلَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي أَمْرِ الدَّينِ مَعَ أَنَّ أَمْرَهُ عَظِيمٌ وَخَطَرَهُ جَسِيمٌ، ولقد كان الناسُ فيما مضى يستدينون للضرورة أو الحاجة الماسَّة، كَقُوت عيالهم، أو بناء بيوتهم، أو إصلاح مزارعهم، أو بضائع دكاكينهم، ونحو ذلك، وبقدر ما يحتاجون إليه، أما اليوم فأصبحت معظمُ الديون للإنفاق على الكماليات من أثاث فاخر، أو سيارات باهظة الثمن، أو أسفار، أو حَفَلَاتٍ باذخة، وغير ذلك، ومنهم يستدين للدخول في مغامرات تجارية، استعجالًا للثراء، فقلَّ اليومَ أن تجد بيتًا لم يدخله الدَّين. ولا سيما مع إغراءات المُمَوِّلين، وتسهيل أمره. عباد الله: لقد عظَّم الإسلامُ شأنَ الدين وحذَّر من التساهل في قضائه؛ لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة على الدائن والمدين، في الدنيا والآخرة، فكم من غنيٍ أو مستورٍ افتقر، وتعرَّض لإيقاف الخِدْمَات أو الحبس، بسبب تراكم دينه، وكان في غِنَىً عن ذلك، لو قَنِع بما عنده، ولم يتساهل بالدين، وقد يطالُ الضررُ أولادَه وأهلَ بيته، فيضطرهم للحاجة والعوز، عافانا الله وإياكم، وأغنانا بفضله عما سواه. وقد كان النبي ﷺ في أول الإسلام يترك الصلاة على مَنْ عليه دَيْنٌ ليس له وفاء؛ ففي البخاري "أن النبي ﷺ أُتي بجنازة ليصلي عليها فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أُتي بجنازة أخرى فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: نعم، قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: عليَّ دينُه يا رسول الله، فصلى عليه". ولما فتح الله تعالى على المسلمين، وأفاء الله عليهم، كان النبي ﷺ يقضي مما أفاء الله تعالى عليه ديونَ المدينين ويصلي عليهم، قال أبو هريرة رضي الله عنه "فلما فتح اللهُ عليه الفتوحَ قال ﷺ أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن تُوفي من المؤمنين فترك دينًا فعليَّ قضاؤه، ومن ترك مالًا فلورثته" متفق عليه. ومما يبين خطورة التساهل بالدين -عباد الله- أن صاحبه قد يُمْنَعُ دخولَ الجنة ما لم يُقضَ عنه، كما في حديث سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه قال: كُنَّا مع النبي ﷺ في جنازة، فقال: " أَهَاهُنَا من بني فلان أحد؟ " قالها ثلاثا، فقام رجلٌ، فقال له النبي ﷺ: " أما إني لم أُنَوِّهْ بك إلا بخيرٍ، إن فلانا، لرجل منهم مات، إنه مَأْسُورٌ بِدَيْنِهِ" وفي رواية: "إِنَّ صَاحِبَكُمْ مَحْبُوسٌ بِبَابِ الجَنَّةِ بِدَينٍ عَلِيْهِ" أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الألباني وعند أحمد "نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حتى يُقْضَى عنه" صححه ابن حبان. وقد بلغ التشديدُ في أمر الدين أن الشهيد تغفر لهم جميع ذنوبه إلا الدَّين، فعند مسلم قال ﷺ: "يُغفر للشهيد كل ذنب إلا الدَّين" رواه مسلم. وعِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرَ مُدْبِرٍ، إِلَّا الدَّيْنَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِي ذَلِكَ" فَإِذَا كَانَ الدَّينُ لَا يَغْفِرُهُ اللهُ لِمَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِهِ فَكَيْفَ بغيره، ولعظم أمر الدَّين وخطورة عواقبه كان النبي ﷺ يتعوَّذُ بالله تعالى منه، فكان يدعو في الصلاة: "اللهم إني أعوذ بك من المأْثَم والمَغْرَم، فقال له قائل: ما أكثرَ ما تستعيذُ من المغرم! فقال ﷺ إن الرجل إذا غَرِمَ حَدَّثَ فكذب ووعد فأخلف" متفق عليه. وهذا أمر مشاهد، فإن كثيرًا من المديونين ولاسيما مَنْ لا يجد قضاءً يلجأ إلى الكذب على الدائن، ويَعِدُهُ بالوفاء ولا يوفي، عافانا الله من ذلك. فاتقوا الله عباد الله واحذروا من التساهل في الديون، واعرفوا آثارها، وإذا اضطررتم إليها، فلتكن بقدر الحاجة، وبقد ما تستطيعون الوفاءَ به، وبالطرق المشروعة الجائزة، مع العزم على الوفاء في الأجل المحدد، فمن كان بهذه الصفة فهو حريٌ أن يعينه الله على وفاء دينه، قال ﷺ "من أخذ أموال الناس يريد أداءَها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" أخرجه البخاري. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفورٌ الرحيم.
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الثانية الحمد لله القائل ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾، والصلاة والسلام على الرسول القائل "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ وَلَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ" أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وأدوا حقوق عباد الله قبل ألا يكون دينار ولا درهم وإنما حسنات وسيئات فيقضى للدائن من حسنات المدين حتى يرضى أو يحمل المدين من ذنوبه ما به خسارته وبواقه فيَا مَنِ اسْتَدَنْتَ وَأَخَذْتَ أَمْوَالَ النَّاسِ: أَدِّ مَا فِي ذِمَّتِكَ مِنْ مَالٍ، وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ رِيًّال، فَإِنَّ مِيزَانَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- يُحْصِي مَثَاقِيلَ الذَّرِّ، وَاعْلَمْ أَنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ فَقَطْ، بَلْ لاَبُدَّ مِنْ رَدِّهَا إِلَى أَهْلِهَا، وَأَنْتَ مَسْؤُولٌ عَنْ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا. ثم اعلموا رحمكم الله أن الإنسانَ إذا اضطر إلى مالٍ لقضاء حاجته أو حاجة عياله، أو إقامة تجارته أو زراعته فبحث عمن يُقْرِضُهُ، أو لجأُ إلى الدَّين، وذلك بالسَّلم، أو الشراء بأجل، أو بالتقسيط، أو التَّوَرُّق، أو غير ذلك من صور الدَّين. فليعلم أن الواجب عليه أمور تحفظ الدائن والمدين بينها الله في أطول آية في كتابه قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى... ﴾ فالكتابة أحفظ لِمِقدارِ الدين ومِيقاته، وأضبط للشهادة فيها، وقد نبَّه الله تعالى على هذا في آخِرِ الآية بقوله ﴿ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا﴾ فيُكتب اسم الدائن، واسم المَدين، ومقدار الدَّين، وموعد الاقتراض، والسداد، وغير ذلك من الأمور التي تَحفظ حقوق الدائن والمدين، ولا سيما في حال الوفاة، أو النسيان، أو الإنكار، أو نحو ذلك. وبعض الناس يستحي من توثيق الدَّين؛ ويظنُّ أنَّ فيه تخويناً للمستدين، ولا سيما إذا كان بين الطرفين قرابة، أو جوار، أو صداقة. فينبغي امتثال أمر الله تعالى والاستجابة له. وعلى المُستدين أن يُبادر إلى كتابة الدَّين الذي عليه، ويرفعُ الحرج عن أخيه ولما قدم النبي ﷺ المدينة وهم يُسْلِفون بالتمر السنتين والثلاث، فقال: "من أَسلف في شيء ففي كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم". متفق عليه. فينبغي للمسلم أن يراعي شروط الدَّين وآدابَه، ويحذر من المعاملات المحرمة بأنواعها. ولا يجوز للمَدِين أن يتأخر يومًا واحدًا عن الوفاء، إذا كان عنده ما يُوْفِّي به، كما لا يجوز له أن ينفق ماله في الكماليات والسَّفَريات وعليه حقوقٌ للناس، بل ليس الحجُّ إلا بإذن الدَّائن إذا كان الدينُ حالًّا. الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ فِي الْقَضَاءِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ عَلَى قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ، فَهُوَ أَوَّلُ مَا يَتِمُّ سَدَادُهُ مِنَ الْحُقُوقِ، فَلَا يَأْخُذُ الْوَرَثَةُ حَقَّهُمْ إِلَّا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عمن سواك. اللهم إنا نعوذ بك من المأثم والمغرم. اللهم اقضِ الدين عن المدينين ويسر أمورهم وفرج كروبهم.
@Ahem.A_brahem Жыл бұрын
جزاكم الله خير ونفع بكم
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الأولى الحمد لله العليِّ القدير، أبدعَ الخلقَ وأحكمَ التدبير، أحمده سبحانه وأشكرُه على فضلِه العميم وخيرِه الوَفير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلكُ وله الحمدُ يُحيِي ويُميت وهو على كل شيءٍ قدير، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه البشيرُ النذير، والسراجُ المُنير، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابِه والتابعين، ومن على طريق الحقِّ يسير، وسلَّم التسليمَ الكثير. أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُستَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ عباد الله شُكرَ الله سبحانه برهانُ عبادتِه وهو عبادة قال الله تعالى: ﴿وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ فالشكر قيدُ النعم الموجودة، وصيدُ النعم المفقودة، مفتاح الزيادة، وطريق السعادة، الشكرُ أزكى مقالٍ، ولشوارد النعمة أوثق عقالٍ، النِّعَمُ إنْ شُكِرت قَرَّت، وإن كُفرت فرَّت، ولقد امتن الله علينا في هذه البلاد المباركة بنعم كثيرة، وعطايا جزيلة، يتقلب فيها الناس ليلا ونهارًا، رغد في العيش وسعة في الرزق، كل ذلك بفضل من الله تبارك وتعالى. وآفة هذه النعم ياعباد الله التبذير فيها والإسراف بها، فمِنْ طَبِيعَةِ الْبَشَرِ التَّوَسُّعُ فِي النَّفَقَاتِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي الِاسْتِهْلَاكِ، وَهَدْرُ الْأَمْوَالِ عِنْدَ أَوَّلِ شُعُورٍ بِالثَّرَاءِ وَالْيَسَارِ، وَقَدْ جاءَ فِي الْقُرْآنُ أَنَّ مِنْ طَبِيعَةِ الْإِنْسَانِ السَّرَفَ عِنْدَ الْجِدَةِ، وَتَجَاوُزَ حُدُودِ الْقَصْدِ وَالِاعْتِدَالِ: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ وإِنَّ العَاقِلَ ليَحكُمُهُ قَبلَ عَقلِهِ إِيمَانُهُ وَيَقِينُهُ، إِيمَانُهُ بِأَنَّهُ مُستَخلَفٌ عَلَى مَا في يَدِهِ، وَيَقِينُهُ أَنَّ مُلكَهُ لِمَا يَملِكُ ، لَيسَ مُلكًا مُطلَقًا يُسَوِّغُ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ دُونَ حُدُودٍ تَردَعُهُ وَلا ضَوَابِطَ تَمنَعُهُ . يقول سبحانه ﴿ وَلا تُفسِدُوا في الأَرضِ بَعدَ إِصلاحِهَا﴾ وَقَالَ سُبحَانَهُ ﴿ وَكُلُوا وَاشرَبُوا وَلا تُسرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفِينَ﴾ ومن الإسرافِ الإسرافُ في الطعام والشراب وهو سببُ كلِ بلاء وموجوبُ كل نقمة ومزيلُ كل نعمة أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، فهذا نبي الله ﷺ يجد تمره ملقاة على الطريق فيأخذها ويقول لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها وهو القائل ﷺ "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان" رواه مسلم فلْنَحذَرْ عباد الله أَفعَالَ المُترَفِينَ؛ فإنها من أسبابِ سخطِ اللهِ تعالى، وفقدانِ الأمنِ الذي لا حياةَ إلا به، لْنَحذَرْ أَفعَالَ المُترَفِينَ فَإِنَّهَا مِن أَسبَابِ هَلاكِ البُلدَانِ وَتَدمِيرِهَا، قال عزَّ شَأنُهُ ﴿ وَلا تُطِيعُوا أَمرَ المُسرِفِينَ . الَّذِينَ يُفسِدُونَ في الأَرضِ وَلا يُصلِحُونَ ﴾ وَقَالَ تَعَالى ﴿ وَإِذَا أَرَدنَا أَن نُهلِكَ قَريَةً أَمَرنَا مُترَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيهَا القَولُ فَدَمَّرنَاهَا تَدمِيرًا﴾ وَقَالَ سُبحَانَهُ ﴿ وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَريَةً كَانَت آمِنَةً مُطمَئِنَّةً يَأتِيهَا رِزقُهَا رَغَدًا مِن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوفِ بِمَا كَانُوا يَصنَعُونَ﴾ إِنَّ صَنَادِيقَ القُمَامَةِ أجلكم الله ليرى فيها مايندى له الجبين من مأكولات ومشروبات حتى إنها لتراها وقد تغير لونها من زيوت الطعام والمشروبات التي أصحبت عياذاً بالله دليلاً على كفران النعم وسرف بها بَعَثَتهُ المُبَاهَاةُ وَالتَّقلِيدُ ، وَدَعَت إِلَيهِ المُفَاخَرَةُ وَالمُكَاثَرَةُ ، في سرف وبذخ لا يرضاه الله وتأبها الفطر السليمة، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وفي دراسة حديثة أجرتها الهيئة العامة للأمن الغذائي جاء فيها أن نسبة الفقد والهدر في المملكة العربية السعودية بلغت 33.1% وبتكلفة مالية بلغت 40 مليار ريال، ألا فاعلموا رحمكم الله أن الإنسان كلما تنعم بالطيبات في الدنيا قَلَّ نصيبه في الآخرة. روى الحاكم عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله ﷺ "إِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَكْثَرُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ".ورواه ابن أبي الدنيا وزاد: فما أكل أبو جحيفة ملءَ بطنه حتى فارق الدنيا. والحديث صححه الألباني وجاء في تفسير قول الله تعالى ﴿ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُون ﴾ قول عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ لَو شِئْت لَكُنْت أطيبكُم طَعَاما وألينكم لباساً وَلَكِنِّي أستبقي طَيِّبَاتِي . فاللهم ارحمنا برحمتك بارك الله لي ولكم
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الثانية : الحمد لله القائل ﴿وكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ﴾ والصلاة والسلام على الرسول القائل «إِنَّ مِنْ شِرَارِ أُمَّتِي الَّذِينَ غُذُّوا بِالنَّعِيمِ ,وَنَبَتَتْ عَلَيْهِ أَجْسَامُهُمْ، الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَلْوَانَ الطَّعَامِ، وَيَلْبَسُونَ أَلْوَانَ الثِّيَابِ، وَيَتَشَدَّقُونَ بِالْكَلامِ »صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أما بعد فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ وَاهتَدُوا بِهَدْيِ خَيْرِ العِبَادِ ﷺ الَّذِي دَعَا إِلَى الْبُعْدِ عَنْ مَظَاهِرِ الإِسْرَافِ والهدر في الغذاء﴿وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّـهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ احذوا الاسراف والهدر في الغذاء اقتصدوا واحسنوا جوار نعم الله فإنها قل أن رحت عن قوم ثم عادت إليهم لماذا تمد هذه الصحون وتلك السفر وكل يعلم إنها لن يؤكل منها إلا أقلها لما لا يرشّد في الطعام ولماذا لايتوصى بذلك يقول ﷺ «طَعَامُ الاثْنَيْنِ كَافِي الثَّلاثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كَافِي الأَرْبَعَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. يَقُولُ الْحَسَنُ الْبَصْرِىُّ رَحِمَهُ اللهُ: إِنَّ اللهَ لِيُمَتِّعُ بِالنِّعمَةِ مَا شَاءَ، فَإذا لَمْ يُشْكَرْ عَلَيهَا قَلَبَهَا عَذَابًا. احسنوا بقية الطعام وليتصدق به، فإن لم يجد فليحفظ فيما أنعم الله به علينا من وسائل التبريد ثم يسخن ويقدم في المساء ليتربى الجيل على ذلك ربوا ابنائكم على أن ينهي أحدهم طعامه فإذا بقي منه بقية فيأمر بحفظه وليحرم من طعام آخر حتى يأكله، اجعلوا فسح أبنائكم الصغار وشطائرهم في المدارس مجزأة قسمين أو ثلاثة فيأكل ما يشبعه ويرجع الباقي لأهله ما زاد من طعامكم مما لا يأكله أدمي فليكرم وليوضع في مكان لا يوطأ فيه يأكل الطير والدواب، بعيداً عن طريق المسلمين وبيوتهم وأعلموا أن الاسراف والترف يُنبِتُ في النفوس الجُبن، والخَوَرِ، وقلَّةِ الأمانة، وشِدَّةِ التعلُّقِ باللذَائِذ من العيش، ويُقوِّي الحِرصَ على الحياة، ويُبعِدُ عن مواقِع البذل والفِداء والعطاء، ففي الحديث الذي صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ يقول ﷺ:«مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ» وَقَالَ ﷺ «المُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًي وَاحِدٍ، وَالكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. هذا وصلوا
@Ahem.A_brahem Жыл бұрын
جزاك الله خير ونفع بكم
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الأولى : الحمدُ للهِ تعالى حقَّ حمدِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريك له، لا معقبَ لحكمهِ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه ومصطفاهُ من خلقِه. فاللهم صلِ وسلِمْ عليهِ وعلى آلهِ وصحبه، ومن اهتدَى بهديهِ واستنَ بسنتهِ، أما بعدُ: فاتقوا الله تعالى حق التقوى، بفعل ما أمركم به، وترك ما نهاكم عنه، فإن ذلك ملاك الأمر كله، وفيه خير الدنيا والآخرة، عباد الله لقد من الله علينا في هذه البلاد المباركة بنعم عظيمة وآلاء جسيمة وإنّ مِن شُكْرِ اللهِ التّحَدُّثَ بما أَنْعَمَ اللهُ به على هذه البلادِ المباركة، مِن نعمةِ الأمنِ والتّوحيدِ والعقيدة، ووَحْدَةِ الصّفِّ واجتماعِ الكلمةِ ولعل من أجلها نعمة التوحيد الخالص لله عزوجل فلا قبر يعبد ويتمسح ولا ضريح يزار يستشفع به ولا صنم ولا تمثال لا بناء على القبور ولا تعظيم لها ولا طواف حولها ولا ذبح لها ولا أولياء يُدعون من دون اللَّهُ ولا موالد ولا تشبها باليهود والنصارى فِي أعيادهم، وليس فِي بِلاَدَنَا خُرَافاتٍ ولا بِدعًا ظَاهِرَةً لا خضوع إلا لله ولا عبادة ولا نسك إلا له وحده لا شريك له سبحانه ولاة أمر جعل التوحيد شريعتهم وشعار دولتهم وعلماء نافحوا عنه وأحيوا السنة وحاربوا البدع والشركيات، في نعمة قل أن توجد في بلاد أخرى فلله الحمد ظاهر وباطنا وهذا التوحيد ليس توجهًا شعبيًا لا علاقة لولي الأمر به، وإنما هو دين تدين به هذه البلاد ملكًا وحكومةً وشعبًا، ولا يقبلون التنازل عنها لأي سبب.. وما موقف ولي عهد هذه البلاد حفظه الله ووفقه في زيارته للهند وامتناعه عن حضور زيارة ضريح غاندي والانحناء له ووضع باقات الورود عليه، إلا أكبر برهانٍ على تجذر العقيدة الصحيحة في نفوس ولاة أمر هذا الوطن وشعبه.. فلله الحمد رب العالمين، وهذا التوحيدُ هو الذي أدامَ الله به الأمنَ ببلادِنا، ولذا دعا أبونا إبراهيمُ عليهِ السلامُ: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ فتأملْ كيف قرنَ استتبابَ الأمنِ باستقرارِ التوحيدِ. ونعمة الأمن الذي نعيشه من أجل النعم ونحن نرى من حولنا يتخطف يقول ﷺ "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا" حسنه الألباني أيُّها الْمُؤمنونَ: وحتى نَصلَ إلى الأمنِ التَّامِّ، فَعَلَينَا بِالأمرِ بالْمعروفِ والنَّهيِ عن الْمنكرِ، والنُّصحِ للهِ ولِرَسولِهِ ولِكتَابِهِ، ولأَئِمَّةِ الْمسلمينَ، وعامَّتِهم بِصِدْقٍ، وَإخْلاصٍ. فالذُّنُوبُ مُزيلةٌ للنِّعمِ، وتُحِلُّ الفَوضى والنِّقَم، والطَّاعةُ حِصنُ اللهِ الأَعظَمُ وَمَن دَخَلَ طَرِيقَها كانَ مِن الآمِنِينَ. يا مؤمنونَ: مَن يُحِبُّ بَلَدَهُ بِصدْقٍ وَيُرِيدُ لَهُ الخَيرَ وَالنَّمَاءَ، والأَمْنَ والاسْتِقْرَارَ فَلا تَرَاهُ إِلاَّ مُطِيعًا لِرَبِّهِ، مُتَّبِعَاُ لِرَسُولِهِ، مُطِيعًا لِوُلاةِ أَمرِهِ، نَاصِحًا لِقَادَتِهِ، لا يُحدِثُ بَلبَلَةً، وَلا يَبعَثُ فَوضَى، وَلا يُفسِدُ صَالِحًا، وَلا يُخَرِّبُ عَامِرًا، وَلا يَنْشُرُ فَسَادًا.أو يجاهر بمعصية وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ فليس من الشكر في شيء ولا من الولاء اعلان المنكرات أو الرقص في الشوارع والطرقات على موسيقى ونغمات، في إذية لعباد الله ليس من الشكر في شيء تلك الجموع والمسيرات وصبغِ الوجوهِ والسياراتِ. ليس وربي من شكر نعمة الله هل هذا الامتهان الذي نراه لراية تحمل كلمة التوحيد (لا إلهَ إلا اللهُ. محمدٌ رسولُ اللهِ) إما بالجلوس عليها أو رميها ووطئها بالأقدام بل هو مؤذن بسيل عذاب وفيما جرى في المغرب وليبيا من الزلازل والأعاصير عبرة للمعتبرين الزموا غرز علمائكم وولاة أمركم واتبعوا سنة نبيكم تفلحوا في الدنيا والآخرة بارك الله لي ولكم
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الثانية: الحَمدُ للهِ، تَعَاظَمَ وَاقْتَدَرَ، نَحْمَدُهُ كَثِيراً كَمَا أَمَرَ، ونَشكُرُهُ وقد تَأَذَّن بالزِّيادة لِمَن شَكَرَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على خَيرِ البَشَرِ، وعلى آلِهِ وأصحابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الْمُستَقَرْ. أمَّا بعدُ: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأن أحسن الهدي هدي رسول الله ﷺ، وشر الأمور في الدين محدثاتها، وكل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. فاتقوا الله واطيعوه واشكروه على نعمه المتتالية، أرزاق دارَّة، وأحوال قارَّة وسنة وعقيدة وأمن وإيمان ﴿وإذ تأذَّن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد﴾ عباد الله: عِبَادَ اللهِ: حُبُّ الْوَطَنِ لا يحمِلُنا على عصبِيَّةٍ لِلتُّرابِ والطِّينِ، والجِنْسِ والُّلغةِ، على حِسَابِ العقيدةِ والدِّينِ، ولا يحمِلُنا على غَمْطٍ للِأُخوُّةِ الإسلاميَّةِ التي تَتَسَامَى عن الْحُدودِ الْجُغرَافِيَّةِ والنَّظراتِ الإقليميَّة، حَاشا وكلاَّ. فقد قالَ أصدقُ القائِلينِ: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾. وَقالَ رَسُولُنا ﷺ كما في صحيح الجامع "إِنَّ اللهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عَيْبَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، النَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْخَرُونَ بِرِجَالٍ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللهِ مِنَ الْجِعْلَانِ التي تدفعُ بأنفْها النَّتِنَ" حُبُّ الْوَطَنِ لا يحمِلُنا كذلكَ أن نُجَسِّدَ حُبَّهُ في زَمَنٍ مَحدُودٍ أو بِطُقوسٍ مُعَيَّنةٍ فَذَالِكُمُ الْمَحذُورُ! فَذَالِكُمُ الْمَحذُورُ!. ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾ عباد الله بادروا بالأعمال الصالحة فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا بادروا بالأعمال الصالحة فهل تنتظرون إلا فقر منسيا، أو غنى مطغياً، أو مرض مقعداً، أو هرم مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر، ﴿والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم﴾ هذا وصلوا وسلموا على صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر خير الورى طرا من بمحبته يكمل الأيمان وتطيب الحياة اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله فَاللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ. اللَّهُمَّ اجعلنا لِنِعمِكَ من الشَّاكرينَ ولكَ من الذَّاكرينَ. اللَّهُمَّ أَصْلح شَبَابَ الإسْلامِ وَالْمُسلِمِينَ وَاجعلهُم هُدَاةً مُهتَدِينَ، اللَّهُمَّ حبِّب إليهم الإيمانَ وزَيِّنْهُ في قلوبِهم وكرِّه إليهم الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ واجعلهم من الرَّاشِدينَ. اللَّهُمَّ احفَظْ حُدُودَنَا وانْصُرْ جُنُودَنَا. اللَّهُمَّ أبرم لهذه الأمةِ أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ الطَّاعةِ ويُذلُّ فيه أهلُ الْمعصيةِ ويؤمرُ فيه بالْمعروف ويُنهى فيه عن الْمنكر. اللَّهُمَّ وفِّق ولاةَ أمورِنا لِمَا تُحِبُّهُ وترضاهُ، واجْعَلْهُم رَحمَةً على رَعَايَاهُمْ، رَبَّنا اغفِرْ لنا وَلِوالِدِينَا والْمُسلِمينَ أجمَعِينَ. ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الأولى : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ أَمَّا بَعْدُ: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله والعملِ بطاعته واجتنابِ ما نهى عنه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ﴾ عباد الله ألا وإن يوم الجمعة أعظم الأيام عند الله قدرًا، وأجلها شرفًا، وأكثرها فضلاً، وقد اختص الله عز وجل به أمة الإسلام، وأضل عنه اليهود والنصارى، تشريفًا وتكريمًا لها ببركة نبيها ﷺ روى مسلم في صحيحه أن رسول الله ﷺ قال: "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا، فهدانا ليوم الجمعة". فضائل هذا اليوم وخصائصه، ما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة". وفي يوم الجمعة -يا عباد الله- من النفحات والبركات ما يدفع للعمل الصالح ويرغب فيه فمن ذلك ما رواه سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال: قال النبيُّ ﷺ "لا يغتسل رجُلٌ يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طُهْر، ويدَّهن من دهنه، أو يمس من طيبِ بيته، ثم يخرج فلا يفرِّق بين اثنين، ثم يصلي ما كُتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى" رواه البخاري ومنه المشي إلى الجامع يوم الجمعة عن أوس بن أوس الثقفي، سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: "من غسَّل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يَلْغُ؛ كان له بكل خطوة عمَلُ سنةٍ، أجرُ صيامها وقيامها" رواه أبو داوود وصححه الألباني وفي الحديث الأخر يقول ﷺ "أعظم الناسِ أجرًا في الصلاة أبعدُهم فأبعدهم ممشًى، ...."؛ رواه البخاري وفي الجمعة ساعة لا يوفقها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه فيُستحَبُّ الإكثارُ من الدُّعاءِ يومَ الجُمُعةِ بان يستغل هذا اليوم الفضيل بالدعاء والابتهال إلى الله عزوجل عباد الله: ولخطبة الجمعة مزية الاستماع والانصات فقد روى الإمام أحمد عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ "من قال لصاحبه والإمام يخطب: صه، فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له" وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: " إذا قلت لصاحبك: أنصت، يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت" وفي مسلم أيضاً "مَن مسَّ الحصى فقد لغا، ومَن لغا فلا جمعةَ له" قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: معناه أن من مس الحصى الذي فُرش به المسجد؛ لأن مسجد النبيِّ ﷺ كان مفروشًا بالحصى - أي: بالحصباء الصغار - فمن مس هذه الحصاة على وجه اللعب والعبث فقد لغَا، ومن لغَا فلا جُمعةَ له، وهذا يدل على أن الإنسانَ ينبغي حال استماع الخطبة أن يكونَ خاشعَ البدن، حاضِرَ القلب، منصتًا للخطيب تمامًا، وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله ومس الحصى من ذلك، وليس مقصودًا بذاته، بل المقصود العنايةُ بالاستماع، والبعد عن كلِّ ما يَشغَل عن الاستماع والإنصات، فإذا مسَّ الحصى أو مسَّ أشياءَ أخرى في المسجد من أهدابِ الفرش أو من أوراق عنده، أو ما أشبه ذلك مما يشبه مس الحصى، والمقصود كله هو أن ينصتَ إلى الخطيب، وأن يفرِّغ قلبَه لذلك، ويكفَّ الجوارح عن العبث الذي قد يَشغَله عن الاستماع، ومعنى: فقد لغا يعني: أُلغِيَت جمعتُه؛ أي: نحسبه ألا يكونَ له ثواب الجمعة أ-هـ قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله في شرح سنن أبي داود وأما كونه يُخرج الساعة إذا كانت في جيبه فهذا من جنس لمس الحصى، وأما كونه ينظر إلى الساعة وهي في يده فلا بأس به؛ كما لا يجوز تشميت العاطس، ولا ردُّ السلام على من سلَّم عليك والإمام يخطب على الصحيح من أقوال أهل العلم؛ لعموم نهيِ النبي ﷺ عن الكلام أثناء الخطبة؛ بارك الله لي
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الثانية : الحمد لله القائل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ وأصلي وأسلم على الرسول القائل "من اغتسل يوم الجمعة غُسل الجنابة ثم راح، فكأنما قرَّب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرَّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرَّب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرَّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرَّب بيضة، فإذا خرج الإمامُ حضرت الملائكة يستمعون الذِّكر"؛ رواه البخاري أما بعد: عباد الله بكروا إلى الجمعة ولا تفوتوا هذا الاجر العظيم ومن بكر فليشتغل بالصلاة والقراءة وذكر الله عز وجل عن ثعلبة بن أبي مالك أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يصلُّون يوم الجمعة حتى يخرج عمر؛ أخرجه مالك في "الموطأ" ، وصححه النووي وليحذر التشويش على عباد الله برفع الصوت بالذكر أو التلاوة، فقد نهى رسول الله ﷺ عن ذلك بقوله للصحابة حينما علت أصواتهم بالقراءة" لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن" والأسوأ من ذلك أن يحصل التشويش بالحديث مع الغير في أمور الدنيا، فإنه من الحرمان وقلة البصيرة ثم إني منبه على ثلاثة أمور لمستها هنا في هذا الجامع ووجب التنبيه لها: أولها أن كثير من المصلين هداهم الله لربما حضروا الجمعة مبكرين ثم يستندون على الجدار في مؤجرة الجامع ولازالت بعض الصفوف لم تكتمل بعد فإذا ما قربت أقامت الصلاة تخطى الرقاب في أذية لعباد الله وإشغال المصلين فقد رأى رسول الله ﷺ وهو يخطب يوم الجمعة رجلاً يتخطى رقاب الناس فقطع النبي ﷺ وقال له ﷺ منكرًا: "اجلس فقد آذيت وآنيت" ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ فمن حضر مبكر فعليه في الصفوف الأول فقد روى أبو داود عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ ، قَالَ: "احْضُرُوا الذِّكْرَ ، وَادْنُوا مِنَ الْإِمَامِ ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ يَتَبَاعَدُ حَتَّى يُؤَخَّرَ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ دَخَلَهَا" حسنه الألباني وثاني هذه التنبيهات أننا نجد بعد الفراغ من الجمعة قوارير مياه ملقاة في الجامع بكثرة بشكل ملفت للنظر، وكأننا لسنا في بيت من بيوت الله تقول عائشة رضي الله عنها " أمر رسول الله ﷺ ببناء المساجد في الدُّور وأن تنظف وتطيب". صححه الألباني وعند أبي داوود عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد وثالث التنبيهات أن بعض المصلين يستعجل في القيام إلى الصلاة قبل الفراغ من الخطبة فعند الشروع في الدعاء نلاحظ أن بعض المصلين يستتب واقفاً وربما تخطى بعض رقاب المصلين والواجب الانصات حتى الانتهاء من الخطبة وإنما القيام إذا نزل الأمام أو شرع في الإقامة للصلاة ثم لتعلموا عباد الله أن من أفضل الأعمال الصالحة يوم الجمعة وليلتها الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الهدى ﷺ ، فقد روى أبو داود بإسناد صحيح عن أوس بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليّ"، قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: رسول الله ﷺ سيد الأنام، ويوم الجمعة سيد الأيام؛ فللصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره،
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الأولى الحـمدُ للهِ ذي الفَضلِ والإحـسَانِ، والعَطَاءِ الوَاسِعِ والامتِنَانِ، رَبُّنا الذي أَغْنى وأَقْنى، وأَشـهدُ أن لا إله إلَّا اللهُ وحـدَهُ لا شَـريكَ لَهُ، لَهُ الأسمَاءُ الحُسنى، وأَشـهَدُ أنَّ نَبِيَّا مُحمَّدَا عبدُ اللهِ وَرَسُـولُه النبي المجتبى اللهمَّ صَلِّ وَسَـلِّم وَبَارِك عَليه، وعَلى آلِهِ وأَصحـَابِهِ ومن تبعهم بِإحـسَانٍ واقتفى، أَمَّا بَعْدُ. مَعَاشِرَ الْمُؤمِنِينَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَرَاقِبُوهُ،﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ عباد الله: طاب ثمر النخيل، وطاب طلعه، وتعددت أنواعه وأشكاله وكثر في المزارع والأسواق والمحلات في خيرٍ من الله وفضل، ونعمةٍ منه ومن، يتوجب منا الشكر والعمل ﴿وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۗ انظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ فاعبدوا الله واشكروه وزيدوا من شكره وعبادته وتفكروا في خلقه ورزقه ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ﴾ قالَ الشَّيخُ السَّعدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: أنْبَتَ اللهُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ماَ تُعْجِبُ مُبْصِرَهَا، وَخَصَّ مِنْهَا النَّخَلَ البَاسِقَاتِ الطِّوَالِ، التَي يَطُولُ نَفْعُها، فَتُخْرِجُ الطَّلْعَ النَّضِيدَ، الْمُتَرَاكِبَ الْمُتَرَاكِمَ الْمَنْضُودَ بَعضُهُ على بَعْضٍ فِي أَكْمَامِهِ وَقِنْوَانِهِ، مَا هُو رِزْقٌ لِلعِبَادِ، قُوتًا وَفَاكِهَةً، يَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَدَّخِرُونَ. أ-هـ فهو بسر ثم بلح ذو ألوان ثم رطب ثم تمر لا تحصى أشكاله وأنواعه، فاللهم أنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك عباد الله: في البخاري ومسلم بينما نبي الله ﷺ جالساً بين أصحابه إذ أوتي له بجمار نخل "والجمُّار: هو قلب النخلة أبيض اللون"، فجعل النبي ﷺ يأكل منه وقال لهم ﷺ "مثل المؤمن كمثل شجرةٍ لا يسقط ورقها ولا يتحات صيفًا ولا شتاءً". وفي رواية: "إن من الشجر شجرة كالرجل المؤمن" فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي أي يعددونها، والنبي ﷺ يقول لا، لا، قال عبد الله بن عمر: ووقع في نفسه أنها النخلة فاستحييت، ثم ﷺ قال: "هي النخلة". فالنخلة مباركة كالمؤمن مبارك أينما حل وكان، ومن ذلك أن النَّخلةُ كلُّها منفعةٌ لا يسقطُ ورقها ولا فيها شيءٌ بغيرِ منفعةٍ، فتمرُها غذاءٌ ودواءٌ وقُوتٌ وشرابٌ وفاكهةٌ وحَلوى، وجذعُها للأبنيَةِ، وسعفُها تُسقفُ به البيوتُ، وخُوصُها يُتَّخذُ منه المكاتلُ والأواني والحُصُرُ، ولِيفُها لصُنعِ الحِبالِ، بل حتى نوى التَّمرِ علفٌ للدوابِ.. وهكذا المؤمنُ تنتفعُ بكلامِه المُباركِ وأخلاقِه الحسنةِ وتعاملِه الطَّيِّبِ فلا تجدْه إلا في حاجةِ النَّاسِ مُساعداً لهم وناصحاً وواعظاً وآمراً بالمعروفِ وناهياً عن المنكرِ ومُعيناً على نوائبِ الحقِّ.. كما قالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عن الجليسِ الصَّالحِ أنه كحامِلِ المِسكِ: "إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تَبتاعَ منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحاً طيِّبةً" وكما أن النَّخلَ بينه تفاوتٌ عظيمٌ في شكلِه ونوعِه وثمرِه، فليستْ النَّخيلُ في مستوى واحدٍ في الحُسنِ والجَودةِ، كما قال الله تعالى: ﴿وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ فبعضُه أفضلُ من بعضٍ، وهكذا الشَّأنُ بينَ المؤمنينَ فهم متفاوتونَ في الإيمانِ، وليسوا درجةً واحدةً، بل بينهم من التَّفاضلِ الشَّيءُ الكثيرُ، قالَ اللهُ تعالى: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ﴾ والنخلة هي الشجرة الطيبة في قوله تعلى ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ وكذا المؤمن مهما تراكمت عليه الفتن والشبهات، وانفتحت عليه الشهوات والحضارات، مهما ضعف الناس عن مبادئهم، وقيمهم، ودينهم، ومهما أشتد البلاء وغربة الدين وقلة المعين، ونريد مثل ما يريد الناس، والعالم الفلاني أفتى بكذا وهذا جائز، والفتن تقصف من حواليه، تحاول زعزعته وتخليته، وهو ثابتٌ قائمٌ متمسكٌ بدينه، وقيمه وأخلاقه. كثبات النخلة في أصلها وجذورها لا تزيدها الأعوامُ إلا ثباتًا، ولا الهواءُ والرياح والأعاصير إلا ثباتًا في أصلها وقوةً أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ اللهم ثبتنا على دينك أقول ما تسمعون
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الثانية الحمد لله وكفى وصلى الله على النبي المصطفى وبعد فاتقوا الله عباد الله وتفكروا فيما يزيدكم إيمانا وقربة لله وطهروا قلوبكم فمن صفات النخل أن جمّارها أي قلب النخلة أبيضٌ حلوٌ وكذا قلب المؤمن سليمٌ أبيضُ، لا غل فيه ولا حقد ولا بغض ولا حسد. يقابل السيئة بالحسنة ويعفو ويصفح كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعًا * يُرمى بصخرٍ فيلقي بأطيب الثمرِ ومن العبر أنَّ النَّخلةَ لا تنبتُ في كلّ أرضٍ، بل لا تنبتُ إلاّ في أراضٍ معيَّنةٍ طيِّبةِ التُّربةِ، ففي بعضِ الأماكنِ لا تنبتُ مُطلقاً، وفي بعضِها تنبتُ وتُثمرُ ثَمراً رديئاً، وفي بعضِها لا تُثمرُ، فليس كلُّ أرضٍ تُناسبُ النَّخلةِ.. وكذلك المؤمنُ ليس كل مجتمع يناسبه بل يحتاجُ إلى بيئةٍ صالحةٍ تعينه على أن يَعبدُ اللهَ تعالى ولذا شرعت الهجرة وفي حديث قاتل المئة قال له العالم " انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ "وكذا يحتاج إلى صاحب صالح يذكره ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ ومن الشبة بين المؤمن والنخلة أن النخلة لا تحيا إلا إذا سُقيت بالماء، فإذا حبُس عنها الماء ذَبُلت، وإذا قطع عنها ماتت وهكذا المؤمن لا يحيا إلا بالقرآن، والذكر حياة قلبه بكلام ربه وذكره، وفي الحديث يقول ﷺ " مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ " رواه البخاري والنَّخلةُ ياعباد الله كلَّما طالَ عمرُها ازدادَ خيرُها وجادَ ثمرُها، وهكذا المؤمنُ إذا طالَ عمرُه ازدادَ خيرُه وحسنَ عملُه، وفي الحديثِ خَيْرٌ النَّاسِ "مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ". وكما أنَّ النَّخلةَ من أصبرُ الشَّجرِ على العَطشِ، فكذلك المؤمنُ صبورٌ على البلاءِ لا تزعزعه المصائبُ، صابرٌ على طاعةِ اللهِ، وصابرٌ عن مَعاصيه، وصابرٌ على أقدارِه.. مؤمناً باللهِ تعالى الحكيمِ في أقدارِه.. مُحتسِباً ذلكَ الأجرُ الذي أخفى اللهُ تعالى مِقدارَه.. ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ والأعجبُ في تشابِه المؤمنِ والنَّخلةِ هو حنينُهم إلى رسولِ اللهِ ﷺ فعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا خَطَبَ اسْتَنَدَ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ فَاسْتَوَى عَلَيْهِ، صَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَنْشَقَّ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى أَخَذَهَا فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّتُ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ، قَالَ جَابرٌ: بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ. وهكذا المؤمنُ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ يشتاقُ إليه شَوقاً عظيماً.. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ". هذه بعض صور الشبه بين المؤمنِ والنخلة، والتوافق كبيرة، والصدقة بالتمر من أفضل الصدقات يقول رسول الله ﷺ: من تصدق بعَدل تمرة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا الطيب- فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّه حتى تكون مثل الجبل رواه البخاري وفي الحديث المتفق عليه اتقوا النار ولو بشق تمره فاللهم ارزقنا العبرة والفهم. هذا وصلوا
@alialalwi12 Жыл бұрын
الله يجزاك خير ي ابوعمر
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الأولى الحمدُ للهِ كتب على الدنيا الفناء، وجعلها موطن العمل والبلاء، أحْمَدُهُ سبحانه وهو المستحق للحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا. أَمَّا بَعْدُ: فاتقوا الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ عباد الله: الموت نهاية كل حيٍ في هذه الدنيا وهو الكأس التي سيشربها من تنفس فيها ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ كتاب كتبه الله وهو واقع لامحالة فمن متقدم ومن متأخر والجميع سيصل ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ فهي الحقيقة المرة والحتم اللازم المتناسى عند بني البشر ولو كان حاضر في أذهانهم لصلح الحال وطاب العمل والمآل والله المستعان، فاذكروه وليكن منكم على بال. ثم اعلموا رحمكم الله أن رحيل الصالحين مفجع، وفقدهم موجع، فالصالحون من العلماء والعباد وأهل الصلاح والداعون إلى الله هم أطناب الأرض ورواسيها، ورحيلهم من أشراط الساعة. في صحيح الجامع عن مرداس الأسلمي رضي الله عنه قال ﷺ "يذهب الصالحون الأول فالأول، ويبقى حفالة كحفالة الشعير أو التمر، لا يباليهم الله تعالى بالة"، أي: لا يرفع لهم قدرا، ولا يقيم لهم وزنا. وما كان رحيل الصالحين بهذه المثابة إلا لتأثيرهم، فالناس يقتدي بعضهم ببعض، إما في الخير أو في الشر، فإذا قل أهلُ الخيرِ والصلاحِ في الأرضِ لم يجدْ الناسُ من يقتدون به سوى اللاهين والفاسدين، فيكثر الفساد في الأرض؛ فيحق الهلاك. نسأل الله العافية والسلامة. كم مر بنا وعرفنا من أناس رحلوا إلى ربهم، رأياهم تذكر بالله ومجالستُهم تزيد الإيمان بالله، صوّام بالنهار قوام بالليل أهل عبادة وذكر، أهل صلاح وإصلاح، ودعوة إلى الله، تسبق أحدهم دمعته إلى خده، إذا ما تلا آياتِ الله أو سمع حديث رسول الله ﷺ، كم تذكرون من أولئك الذين يتسابقون إلى بيوت الله وإلى الجمع والجماعات، ويسارعون في فعل الخير والطاعات، هجروا الدنيا واعرضوا عنها. كانوا هم مصابيحَ الأرضِ ونورَها يقول ابن عباس رضي الله عنهما فيما معناه: إن المؤمن إذا مات بكى موضع سجوده من الأرض ومصعد عمله من السماء أربعين صباحا لمن يجدن من فقد العمل الصالح ولذا لما أهلك الله قوم فرعون ولم تكن لهم آثارٌ صالحة ومصعدُ عمل صالح يفقُدُهم قال الله : ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ﴾ وقال الضحاك: بقاع المؤمن التي كان يصلي عليها من الأرض تبكي عليه إذا مات، وبقاعه من السماء التي كان يرفع فيها عمله. وقيل يبكي دربه ممشاه إلى بيوت الله، وتحن الأرضُ كالخلوج إلى جبينه ساجد لله، وإذا فقد العبد الصالح انطفأ نور عمله فقد روي أن الملائكة يرون الأرض مصابيح في الليل من قوام الليل بالتهجد كما نرى النجوم فوقنا وكلما مات عبد صالح أنطفأ نور ولذلك، إذا جاء وقت قيام الساعة قبض الله تعالى أرواح الصالحين حتى لا تقومَ الساعةُ عليهم، فقد صح عند مسلم إذا جاء وقتها قوله ﷺ "بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روحَ كلِ مؤمنِ وكلَ مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة" فاتعظوا بمن مات واستدركوا ما فات وإياكم وغرور الأماني واحذروا أن تفجأكم المنية دون استعداد، فجدوا في السير إلى الله، ولتسلكوا درب الأسلاف ففيه العزة في الدنيا والآخرة أقول ما تسمعون
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الثانية الحمد لله الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عملا، والصلاة والسلام على رسول الله أزكى البرية طهراً ونقاء وبعد فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن أعظم مصيبة أصيبت به البشرية منذ خَلْقِ آدمَ وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فقده ﷺ يقول ﷺ كما في صحيح الجامع " إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي؛ فإنها أعظم المصائب" يقول أنس رضي الله عنه "ما نفضنا أيدينا من التراب من دفنه ﷺ حتى أنكرنا قلوبنا"، يقول فقدنا نورَ قلوبِنا الذي كنا نشعر به ورسول الله ﷺ فينا، وأحسسنا بأن قلوبَنا لم تعد كما كانت عليه من قبل، من اللين والأنس والصفاء بسبب فقده ﷺ. وهذا ما يُحدثه موت الصالحين كذلك، إذ هم قدوات يستضاء بسمتهم وأخلاقهم ومنهجهم، ولو لم يتفوهوا ببنت شفه، فإذا ماتوا غابت القدوة، وضعف التأثر بهم مع طول الأمد ودخل النقص على الناس، واتخذ الناس قدوات أقلُ كفاءة، وربما أقلُ دينا وورعا، فتراجع الناس، وفتنوا في دينهم. فلا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه حتى نلقى ربنا كما صح بذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكثيرٌ من الناس لا يدركون أن الصالحين المصلحين هم بركة على المجتمع، وبركتهم ناشئة لا عن ذواتهم وإنما عن علمهم وعملهم وأثرهم في الناس، فقد قال سبحانه: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ ألا وإن من علامات التوفيق والمبشرات العاجلة، ثناء الناس على العبد الميت وذكره بخير يقول الخليل إبراهيم ﴿واجعل لي لسان صدق في الآخرين﴾ فاستجاب الله تعالى له كما قال سبحانه ﴿وتركنا عليه في الآخرين﴾ يقول المفسرون: وتركنا ثناءً حسناً عليه وفي حديث أنس عند مسلم " مُرَّ بجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقالَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَمُرَّ بجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا، فَقالَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، قالَ عُمَرُ: فِدًى لكَ أَبِي وَأُمِّي، مُرَّ بجَنَازَةٍ، فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرٌ، فَقُلْتَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَمُرَّ بجَنَازَةٍ، فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ، فَقُلْتَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: مَن أَثْنَيْتُمْ عليه خَيْرًا وَجَبَتْ له الجَنَّةُ، وَمَن أَثْنَيْتُمْ عليه شَرًّا وَجَبَتْ له النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأرْضِ. والموتى الخارجين من الدنيا قسمان: قسم مستريح من الدنيا ومشاكلها، وقسم مستراح منه فأما المستريح من الدنيا فهو المؤمن والمستراح منه الفاجر يقول ﷺ " العبدُ المؤمنُ يستريحُ من نصَبِ الدُّنيا وأذاها والعبدُ الفاجرُ يستريحُ منْهُ العبادُ والبلادُ والشَّجرُ والدَّوابُّ". وليست العبرة بالموت وفجأته وإنما العبرة بالعمل يقول ابن مسعود رضي الله عنه: إن موت الفجأة راحة للمؤمن، وأخذة غضب للفاجر. هذا وصلوا وسلموا على صاحب اللواء المعقود والحوض المورود محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
@محمدآلمخلد-س6ح Жыл бұрын
تبارك الله جزاك الله خير
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الأولى الحمد لله الرحيم الرحمن، خلق الإنسان، علَّمه البيان، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، رفع منزلة أهل العلم والإيمان: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا مزيدًا، أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، واستمسكوا بالعروة الوثقى وأعلموا أن أجسادكم على النار لا تقوى ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ عباد الله: في كل صباح يغدو أبناؤنا إلى مدارسهم، وطلابنا إلى فصولهم، لينهلوا من منبع صاف، ويرتووا من فيض علم وأدب، في منظر يستوجب الشكر وتنعقد عليه الآمال، وتقرأ من خلاله صفحات الغد الباسم بإذن الله، فالعلم أشرف مقصود، وطلبه من أجل العبادات، وأشرف الطاعات والقربات، هو طريق من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وهو الحظ الوافر لمن أخذه، وإنني اليوم متوجه بالحديث لهولاء الغادين الرائحين لأبنائنا الطلاب طلاب المدارس والجامعات فيا طلاب المدارس: أنتم خلفنا بعد سلفنا، أنتم رجال الغد وبناة المستقبل، ولئن طال بكم عمرٌ ليأتين عليكم زمان، تكونوا أنتم صانعوه ومربوا جيله، فياطلاب المدراس أخلصوا النية لله في طلب العلم فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرئ ما نوى، استحضروا النية كل صباح بأنكم غادون لطلب علم، غادون لتعزو دين الله، انوِ كل صباح نفع النفس ورفع الجهل عنها ونفع الناس بعد ذلك، فإن فعلت ذلك كتبت لك الخطوات التي تخطوها، والوقت الذي تمضيه في مقاعد الدراسة في سبيل الله حتى ترجع، وهانت عليك المشاق في سبيل ذلك كل ذلك بحسن المقصد وإخلاص النية أما من يذهب بلا نيية صالحة وإنما عادة اعتادها فقد فوت عليه أجوراً عظيمات بل ويجدها حملا ثقيلاً يتمنى الخلاص منه وأما الثالث الذي خرج للدراسة وهدفه أن ينال شهادة ووظيفة فيخشى عليه قول النبي ﷺ " من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله عزوجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " رواه أبو داوود وصححه الألباني فهذه طرق ثلاث إخلاص وحسن قصد يؤجر عليه أو عادة لا له ولا عليه أو التعلم للدنيا فيأثم فجددوا النية يا طلابنا وليكن في عزمكم أن تطبقوا ما تعلمتموه؛ إن كان مما أُمْرِتَم به شرعًا ولا تفسدوا نياتكم بحب العلو على الأقران فتلك دسيسة الإخلاص يا طلاب المدارس: معلميكم قد أحسنوا إليكم ولهم فضل في تعليمكم، وإن النفوس الكرام قد جُبِلَتْ على حبّ مَن أحسن إليها، لهم حق التقدير والاحترام، وحسن الأدب في الكلام احفظوا أعراضهم وإياكم وإظهار التضجر منهم أمامهم، ولمزهم وغيبتهم، اصبروا على قسوة تجدونها عندهم، أو تفضيل أحد من الطلاب عليكم فتلك وساوس شيطانيه لا واقع لها اصبروا على عتاب ولوم فدافعه الحرص والمحبة لكم، غضوا عن هفوات تجدونها عليهم، وانشروا محاسنهم وأحسنوا الظن بهم، ادعوا لهم بظهر الغيب فهذا أقل حق لهم. لقد كان أسلافك يَقْدُرون المعلم قَدْرَه، فهذا الإمام الشافعي يقول: "كنت أتصفح الورقة بين يدي شيخي مالك تصَفُّحًا رقيقًا لئلا يسمع وَقْعَها"، ويقول الربيع: "والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعيُ ينظرُ إليَّ؛ هيبةً له"، ياطلاب المدارس: اقَدَرُوا لدولتكم قدرها اقدروا ضَخَامَةَ اَلتَّجْهِيزَاتِ وَالْبِنَايَاتِ وَالْمِيزَانِيَّاتِ، والتي قل أن يوجد لها نظير في العالم كله، فَالدِّرَاسَةُ مَجَّانِيَّةٌ، وَالْمُقَرَّرَاتُ مَجَّانِيَّةٌ، والخِطَطُ جَبَّارَةٌ، وَوَطَنُكُمْ يَنْتَظِرُكُمْ لِتَنْفَعُوهُ وَتَرْفَعُوهُ، بَلْ وَتُطَوِّرُوهُ لِيَفُوْقَ اَلْعَالَمُ، فَضْلاً عَنْ أَنْ يُوَاكِبَهُ فأعيذكم من تعمد إتلاف أو استهانة بتجهيز. اللهم وفق الطلاب والطالبات ويسر لنا ولهم سبل الهدى والرشاد واحفظهم بحفظك يارب العالمين أقول ما تسمعون
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الثانية الحمد لله خيره كثير وفضله عظيم، والصلاة والسلام على رسول الله خير معلم وأفضل رسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فاتقوا الله عباد الله واتبعوا السيئة الحسنة تمحها عباد الله ولا زال النداء قائماً فيا طلاب المدارس: احذروا الكسلَ والإهمال، فاليومَ لا مجالَ للخمول، ولا مكانَ للكسول، احذوا الغياب واحْرِصوا على الاجتهادِ في الدّراسة، والتّزوّدِ مِن العلمِ والمعرفة، والحفظِ والفهمِ وكثرةِ المراجعة، فبقدرِ الكَدِّ تُكتسبُ المعالي * ومَن طلبَ العُلا سَهِرَ الليالي.. يقول الزمخشري : سهري لتنقيح العلوم أحب لي من وصل غانية وطيب عناقي وتمايلي طربا لحل عويصة أشهى وأحلى من مدامة ساق وما ساد من أحب الوساد وإنني سار إليكم بحديث فقد خدعنا بثقافات وارادت بأن الشاب في سن البلوغ وقبله يكون في سن المراهقة وأنه لا يأخذ على فعله وطيشة وتلك قاصمة الظهور ومرهقة الآباء ومفجعة قلوب الأمهات فليس في ديننا سن مراهقة كما يزعمون لقد عاش أبناء صحبة رسول الله ﷺ هذا السن في طلب العلم وكثرة العبادة وقراءة القرآن لقد عاشوه على سروج خيولهم ناشرين دين الله رافعين راية الاسلام ومجاهدين في سبيل الله، والحقيقة أن هذه المرحلة من العمر هي عنفوان الشباب فاستغلوها في طاعة الله وفي طلب العلم وحفظ القرآن واعلموا يا طلاب المدارس أن مجتمع الطلاب في كل مكان مجتمع فيه الصالح والطالح، فاحذروا قرناء السوء الذين يزينون المعصية، فكثير من المدخنين اليوم ومن انجرف في وحل المخدرات كانت البداية من قرين أعان وشيطان زين ونفس غفلت عن مراد الله لها، يقول أصدق البشر ﷺ " المرءُ على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدُكم مَن يُخاللُ "،صححه الألباني و في البخاري"المَرْءُ مَعَ مَنْ أحَبَّ"، وصح عنه ﷺ "لا تُصاحِب إلَّا مُؤمِنًا ولا يأكُل طعامَك إلا تقيٌّ "، يا طلاب المدراس: احذروا الجوّالِ الذي بينَ أيديكم، فهو باب من أبواب الابتلاء والفتنة والغرب الكافر قد وضعكم هدفاً له ليدمر أخلاقكم ويذهب حيائكم ويفسد عقائدكم ويغرقكم في وحل الفواحش والشهوات، فأعيذكم بالله أن يجد فيكم مطلبه كونوا سداً منيعا بدينكم وعقيدتكم، وتَجنّبوا ما يُعرضُ فيه مِن شبهاتٍ وشهوات إياكم ومتابعة التافهين والتافهات، وإضاعة الوقت في الألعاب التي أريد منها شغلكم عن الاهتمام بدينكم شغلكم عن القرآن وحفظه وعن معالي الأمور شغلكم عن سيرة أسلافكم ومجدكم واعلموا أن هناك أب تعب وأم سهرت وربت ومجتمع منظر فلا تخيبوا آمالهم وخططوا لزمان قادم تكونوا فيه أنتم الأئمة والخطباء والدعاة المصلحين خططوا لزمن قادم يفخر بكم آبائكم وعشيرتكم قادة وأطباء ومهندسين. واعلموا أن مرحلة الشباب مسؤولون عنها يوم القيامة فأعدوا للسؤال جوابا يقول ﷺ " لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع وذكر منها عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه اللهم سلم سلم نفعني الله وإياكم بما نقول ونسمع هذا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى من أمرتم بالصلاة والسلام عليه من قبل ربكم فقال سبحانه ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
@محمدآلمخلد-س6ح Жыл бұрын
الله يبارك لك في مالك وعيالك
@Ahem.A_brahem Жыл бұрын
جزاكم الله خير
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الأولى الحمد لله الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان مالم يعلم، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واشكروه على نعمائه وآلائه وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ عباد الله: إن من نعم الله علينا والتي لإلفِها قل شكرُها نعمة العلم والتعلم ففي سنين غابرات ولانشغال الآباء والأجداد بلقمة العيش وقلة المعلم عاش الناس في أمية مظلمة، حتى إنه ليؤتى بالقراء ليقيموا للناس صلاة التراويح ويعلمونهم أحكام دينهم، حتى من الله على هذه البلاد بالقيادة الحكيمة والتي أخذت على نفسها نشر العلم والتعلم ففتحت المدارس ووضعت الحوافز للمتعلمين ولا زلنا إلى اليوم ننعم بالتعليم الحكومي المجاني، فعرف الناس القراءة والكتابة، وتلك نعمة عظيمة من الواجب شكرُها عباد الله: وبَعْدَ غَدٍ يَنْطَلِقُ أَبْنَاؤُنَا وَبَنَاتُنَا لِمَدَارِسِهِمْ، مُبْتَدِئِينَ عَامًا دِرَاسِيًّا جَدِيدًا مُمْتَدًّا لِمُدَّةِ عَشْرَةِ أَشْهَرٌ تَقْرِيبًا، جَعَلَهُ اللهُ عَامًا مُبَارَكًا؛ يُنْشَرُ فِيهِ الْعِلْمُ وَيُعْمَلُ بِهِ، وَيُزَالُ الجَهْلُ وَيُقْضَى عَلَيهِ. وَهَذَا يَجْعَلُنَا نَقِفُ مَعَ هَذَا الْحَدَثِ عدة وَقَفَاتٍ: أولها فضيلة العلم والعلماء فلم يرفع الله من شأن شيء ما رفع من شأن العلم وأهله بل إن أول ما أنزل من كتاب الله اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ وَهِيَ أَمْرٌ بِطَلَبِ العِلْمِ والسَّعْيِ فِي تَحْصيلِهِ! لِأَنَّهُ النّورُ اَلَّذِي يُخْرِجُ النّاسَ مِنْ ظُلُماتِ الجَهْلِ، إِلَى نُورِ الْـمَعْرِفَةِ والإيمان، وهُوَ مُورِثٌ لِلْخَشْيَةِ، مُثْمِرٌ لِلْعَمَلِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ فَمَنْ كَانَ بِاللهِ أَعْرَفَ كَانَ مِنْهُ أَخْوَف. وَيَكْفِيِهِ شَرَفًا وَفْضَلًا وَجَلالَةً وَنُبْلاً : أَنَّ اللهَ اسْتَشْهَدَ أَهْلَ الْعِلْمِ عَلَى أَشْرَفِ مَشْهُودٍ بِهِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ، وَقَرَنَ شَهَادَتَهُمْ بِشَهَادَتَهِ وَبِشَهَادَةِ مَلائِكَتِهِ، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يقول ﷺ " إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير " رواه الترمذي وصححه الألباني يقول معاذ جبل : تعلّموا العِلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جِهاد، وتعليمه لمن لا يَعلمه صدقة، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الخُلوة. إلخ ويقول الفضيل بن عياض: عالم عامل معلم يدعى كبيراً في ملكوت السموات. فَأَخْبِرُوا أَوْلَادَكُمْ - مِنْ بَينِنَ وَبَنَاتٍ - أَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ عِبَادَةٌ يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَى اللهِ، فَإِنْ كَانَتِ العُلُومُ شَرْعِيَّةً فَالأَمْرُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا عِبَادَةٌ، وَإِنْ كَانِتِ العُلومُ طَبِيعِيَّةً فَفِيهَا خَيْرٌ كَذَلِكَ، لِأَنَّهَا قِيَامٌ بِحَاجَةِ المسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الأَبْوَابِ، كَالطِّبِّ وَالهَنْدَسَةِ والتقنية وَغَيْرِهَا، مما يعز الله به الدين وَهَذِهِ يُؤْجَرُ عَلَيهَا الإِنَسَانُ إِذَا احْتَسَبَ الأَجْرِ. هيئهم للبدء بنية صالحة ولِاسْتِقْبِالِ عِامِهِمْ وبجد ونشاط وَمِنَ التَّهْيِئَةِ : تَجْهِيزُ أَدَوَاتِ الدِّرَاسَةِ وَمُسْتَلْزَمَاتِهَا، وَبَثُّ رُوحِ التَّنَافُسِ، وَالنَّظَرُ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَالتَّفَاؤُلُ بِالْخَيْرِ. واجب على الآباء أن ييسروا لهم طلب العلم وأن يتذاكرونه معهم، ويحرصوا على تأسيسهم في سني عمرهم الأولى على جودة القرآن وتحفظهم الفاتحة وقصار السور ليدركوا بذلك الأجور العظيمات فكلما قرؤا في صلاتهم أو بغيرها فلهم مثل أجرهم وهي الصدقات الجاريات يقول ﷺ "إِذَا مَاتَ ابنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وكل هذي الثلاث متحققة في ذلك يقول معاذ جبل : تعلّموا العِلم فإن تعلمه لله خشية وطلبه عبادة ومدارسته تسبيح والبحث عنه جِهاد وتعليمه لمن لا يَعلمه صدقة وهو الأنيس في الوحدة والصاحب في الخُلوة. إلخ اللهم وفق أبنائنا واحفظهم بحفظك وقر أعيننا بصلاحهم يارب العلمين
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الثانية الحمد الله القائل قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ و الصلاة والسلام على السول القائل "مَن سلَك طريقًا يطلُب فيه علمًا، سلَك الله به طريقًا من طرُق الجنَّة، وإنَّ الملائكة لتَضَع أجنِحَتها رضًا لطالب العلم، وإنَّ العالِم ليَستَغفِر له مَن في السَّماوات ومَن في الأرض والحِيتان في جَوْفِ الماء، وإنَّ فضْل العالِم على العابِد كفضْل القمر ليلةَ البدر على سائِر الكواكب، وإنَّ العُلَماء ورَثَة الأنبياء، وإنَّ الأنبِيَاء لم يورثوا دِينارًا ولا دِرهمًا إنَّما ورَّثوا العلم، فمَن أخَذَه أخَذَ بحظٍّ وافِر" صححه الألباني أما بعد : عِبَادَ اللهِ: مَا دَامَ العِلْمُ وَأَهْلُ العِلْمِ فِي النَّاسِ؛ فَهُمْ فِي خَيْرٍ عَظِيْمٍ؛ وَإِذَا فُقْدَ العِلْمُ وَأَهْلُهُ؛ حَلَّ مَكَانَهُ الجَهْلُ وَأَهْلُهُ وَالضَّلَالُ وَالضُّلَّالُ؛ يَقُولُ ﷺ "إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.وَفِي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ: " إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَثْبُتَ الجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا" فلَا يُكْشَفُ الضَّلَالُ بِمِثْلِ العِلْمِ، وَلَا تُرَدُّ البِدَعُ وَتُزَالُ الشُّبَهُ بِمِثْلِ العِلْمِ، وَلَا تُقْمَعُ الفِتَنُ بِمِثْل العِلْمِ. ألا وإن مما يجب التوصية به احتساب المال المبذول في العلم والتعليم فهو من أفضل الصدقات المخلوفة من مسلتزمات ومواصلات ومصروف يومي فكلها نفقات أجرها عظيم بحسب نية منفقها وعند شراء مستلزمات المدرسة اِحْذَرْوا مِمَّا يَشْتَمِلُ عَلَى صُوَرِ وُجُوهِ اَلْحَيَوَانَاتِ وَالْآدَمِيِّينَ، وَأَشَدُّ مِنْهُ شِعَارَاتٌ لِمَعْبُودَاتِ اَلْكُفَّارِ، كَالصُّلْبَانِ أَوْ شِعَارِ اَلْمِثْلِيَّةِ. وَلْيَتَّقِ اَللهَ مَنْ يَبِيعُهَا وَمَنْ يَشْتَرِيْهَا. اللهَ اللهَ أيها الأباء فِي حُقُوقِ المُعَلِّمِينَ وَالمُعَلِّمَاتِ رَبُّوا أَوْلَادَكُمْ عَلَى حُبِّهِمْ وَإِجْلَالِهِمْ وَتَوقِيرِهِمْ وَاحْتِرَامِهِمْ وَالصَّبْرِ عَلَى قَسْوَتِهِمْ. تَابِعُوا أَوْلَادَكُمْ فِي دُرُوسِهِمْ، وَاسْأَلُوا عَنْ أَحْوَالِهِمْ أوَّلًا بِأوَّلٍ، مَنْ يُجَالِسُونَ وَمَنْ يُصَاحِبُونَ. لَا تَتَسَاهَلْ أَخِي وَلِيَّ الأمْرِ بِلِبَاسِ بَنَاتِكَ، وَحِجَابِهِنَّ إِذَا كَبُرْنَ.
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الأولى الحمدُ للهِ أرسل رسوله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، وأسوة للناس أجمعين، أرسله للناس بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، أحمده سبحانه واستغفره وأتوب إليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا. أَمَّا بَعْدُ: فاتقوا الله عباد الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ حدث في بيت أفضل وأزكى نسمة وجدت على ظهر الأرض في بيت رسول الله ﷺ لنا فيه عبرة وعضة نتذاكرها اليوم ونستلهم منها الدروس العبر، فقد حدث أن اجتمع نساؤه ﷺ عليه، وشكونا إليه شظف المعيشة، وسألنه المزيد من النفقة، وكنا رضي الله عنهن قد اتفقن على ذلك واجتمعن عليه، فغضب النبي ﷺ من هذا التصرف، غضبا شديدا، وأقسم بالله ألا يدخل عليهن شهرا كاملا، واعتزل في مشربة يؤتى له فيها بطعام وشراب والحديث في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد أشيع في المدينة أن النبي ﷺ طلق نسائه، فدخل عمر رضي الله عنه على ابنته حفصه زوج النبي ﷺ فإذا هي تبكي أشد البكاء رضي الله عنها توبة وندما فقال لها قولا شديدا ثم سألها أطلقكن رسول الله ﷺ ؟ فقالت: لا أدري هو ذا هو مُعتزِلٌ في هذه المَشرُبةِ قال عمر فاستأذنت عليه، فإذا برباح غلام النبي ﷺ، وقلت له: استأذن لي على رسول الله ﷺ فأذن، قال عمر: فدخلت عليه في تلك المشربة، فإذا هو مضطجع على حصير، وإذا الحصير قد أثر في جنبه بأبي هو وأمي ﷺ، فلما رأى عمر مابه من الغضب أراد أن يسلي النبي ﷺ فقال له لو رأيتَنا يا رسولَ اللهِ وكنَّا معشرَ قريشٍ قومًا نغلِبُ النِّساءَ فلمَّا قدِمْنا المدينةَ وجَدْنا قومًا تغلِبُهم نساؤُهم فطفِق نساؤُنا يتعلَّمْنَ مِن نسائِهم فتراجعنا أحداهن فتبسم النبي ﷺ فسر عمر لإدخاله السرور على رسول الله ﷺ قال فسألتُه أطلَّقْتَ يا رسولَ اللهِ نساءَك ؟ قال: فرفَع رأسَه إليَّ وقال: ( لا ) فقُلْتُ: اللهُ أكبرُ فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ لقد دخَلْتُ على حفصةَ فقُلْتُ لها: لا تُراجِعي رسولَ اللهِ ﷺ ولا تسأَليه شيئًا وسَليني ما بدا لكِ ولا يغُرَّنَّكِ أنْ كانت جارتُك يقصد عائشة رضي الله عنها هي أوسمَ وأحبَّ إلى رسولِ اللهِ ﷺ منكِ قال: فتبسَّم رسولُ اللهِ ﷺ أخرى فقُلْتُ: أستأنِسُ يا رسولَ اللهِ ؟ إي أواصل الحديث معك تأدباً معه ﷺ قال: نَعم قال عمر فجلَسْتُ فرفَعْتُ رأسي في البيتِ فواللهِ ما رأَيْتُ فيه شيئًا يرُدُّ البصرَ إلَّا أُهُبًا ثلاثةً فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ ادعُ اللهَ أنْ يوسِّعَ على أمَّتِك فقد وسَّع اللهُ على فارسَ والرُّومِ وهم لا يعبُدونَه قال: فاستوى جالسًا ﷺ وقال: "أفي شكٍّ أنتَ يا ابنَ الخطَّابِ أولئكَ قومٌ عُجِّلتْ لهم طيِّباتُهم في الحياةِ الدُّنيا" فقُلْتُ: استغفِرْ لي يا رسولَ اللهِ، وكان أقسَم لا يدخُلُ عليهنَّ شهرًا مِن شدَّةِ مَوْجِدتِه عليهنَّ فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي : لم يطلق رسول الله ﷺ نساءه . ونزلت هذه الآية : ﴿ وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾ فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر . فلمَّا مضى تسعٌ وعشرونَ نزل رسولُ ﷺ فدخَل على عائشة رضي الله عنها فقالت وهي تحبس دوعها فرحاً برسول الله ﷺ: يا رسولَ اللهِ إنَّكَ أقسَمْتَ ألَّا تدخُلَ علينا شهرًا وإنَّك دخَلْتَ تسعًا وعشرينَ أعُدُّهنَّ عداً فقال ﷺ "إنَّ الشَّهرَ تسعٌ وعشرونَ" ثمَّ قال:" يا عائشةُ إنِّي ذاكرٌ لكِ أمرًا فلا أُريدُ أنْ تعجَلي فيه حتَّى تستأمِري أبويكِ" قالت: ثمَّ قرَأ عليَّ آيةَ التخيير ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ فقالت رضي الله عنها: أو فيك أستأمِرُ أبويَّ فإنِّي أُريدُ اللهَ ورسولَه والدَّارَ الآخرةَ وقلن سائر أزواجه مثل ذلك -رضي الله تعالى عنهن وأرضاهن-. بارك الله
@فلاحالمخلد Жыл бұрын
الخطبة الثانية الحمد الله وصلى الله وسلم على رسول وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد: فإن كان حدث هذا الأمر في بيت رسول الله ﷺ ومع أطهر وأشرف زوجات أمهات المؤمنين وهن من هن رضي الله عنهن زوجاته في الدنيا والآخرة من اختارهن الله ليكن زوجات لأطهر وأفضل وأشرف خلق الله رسول الله ﷺ من قال الله فيهن ﴿وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا () يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ﴾ فما كان هذا التأديب إلا تكفيراً ورفعة لهن في الدنيا والآخرة وفيه فضلهن حيث اخترن الله ورسوله والدار الآخرة وزهدن في الدنيا رضي الله عنهن وأرضاهن ومن مشاعل هذا الحدث ياعباد الله: أن يعلم أن الدنيا أصغر وأحقر من أن تنشد الراحة والهنأ بها أو أن تغرّ المؤمن فيركن إليها فما هي إلا ضرة الآخرة من أيهما اقربت ابتعدت عن الأخرى ولقد خير ﷺ بين أن يكون ملكاً رسولا أو عبداً رسولا فاختار العبودية لله وقال اشبع يوما وأجوع يوماً وقد ربط النبي ﷺ الحجر والحجرين على بطنه ﷺ ويمر الشهر والشهران وما يوقد في بيته نارٌ ﷺ كان طعامه خلالها الأسودان التمر والماء ولذا كان فقراء المؤمنين يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمس مئة عام فتخففوا من دنياكم ولا تشغلنكم عن أخراكم ﴿وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ ومن مشاعل هذا الحدث موقف عمر رضي الله عنه في محاولة رأب الصدع في بيت النبوة، وفي التثبت في الأخبار وفي رحمته برسول الله ﷺ وفي محاولته إدخال السرور عليه ﷺ في منقبة عظيمة لعمر رضي الله عنه وأرضاه وفيه أن المرء الذي عجلت له طيبته في حياته الدنيا يبغي له ألا يغفل عن حمد الله وشكره واستشعار نعمة الله عليه، وألا يركن إليها فيطغى، فهذه النعم لربما تكون استدراجا وزيادة حجة على العبد ففي فارس والروم يقول ﷺ "أولئكَ قومٌ عُجِّلتْ لهم طيِّباتُهم في الحياةِ الدُّنيا " ومن مشاعل هذه الحدث العظيم فهم طبيعة النساء وحسن معاشرتهن فقد قال النبي ﷺ "إن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن استمتعت بها وفيها عوج، وكسرها طلاقها". وفسر أهل العلم قوله أعوج ما في الضلع أعلاه أي اللسان، أي أعوج ما في المرأة لسانها. وفيه هذا عبرة للأزواج، وعبرة للزوجات، وأن الواجب هو الصبر والتحمل، والتغاضي عن الهفوات والتغافل، وكما قال النبي ﷺ "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر" أخرجه مسلم وعبر ومشاعل هذا الحدث لا تنتهي ففيها العبرة والعظة وفيها الهدى لمن رامه هذا؛ وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...