Рет қаралды 14,478
12- المسيح عيسى بن مريم حياته وعصره
تفريغ نصي الفاضل علي جعفر الجمريّ
تصحيح الأخ الفاضل سعيد ارهين
ملاحظة : هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا : al-saif.net/?ac...
قال تعالى : "قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا"
عيسى ابن مريم :
صاحب شريعةٍ وواحدٌ من الأنبياء أولو العزم ، وأكثر الأنبياء أتباعًـا في هذا الزمان .
يؤمن المسلمون بأنبياء الله تعالى جميعًا ؛ فهم المصطفَون لتبليغ أمرِ السماء وهداية البشر لعبادة الله تعالى وحده .
ويعتقد المسلمون أنّ شرائع الأنبياء والرسل السابقين للرسالة الخاتمة مؤطرةٌ بزمانها ، منسوخةٌ برسالة الإسلام الخالدة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأوضاع إبّان ولادة المسيح
الناحية السياسية :
وُلد نبي الله عيسى زمانَ تسلّط الدولة الرومانية على أكثر مناطق العالم ، بما فيها المنطقة التي كانت مسرحًا لبعثة الأنبياء كبلاد الشام وفلسطين ومصر .
تولّى "القيصر أغسطس" الحكم وهو شابٌ وكان نهمًا إلى الفتوحات والقتال واستخدام القوة العسكرية . تعاظم أمره في نفسه حتى قيل إنه دعا شعبه لعبادته !
كانت الوثنيةُ - آنذاك - الدينَ الرسمي للدولة الرومانية .
احتلّ الرومان فلسطين - مهدَ ولادة المسيح - قبل ولادته بحوالى مئتين وخمسين سنة ، وبقيت تحت حكم الرومان . وقبيل ميلاد عيسى بن مريم تمّ منحها حكمًا ذاتيًا تابعًا للإمبراطورية الرومانية ، فيكونُ الحاكم عليها يهوديَّ الديانة مؤتمرًا بأوامر الرومان .
وكان حاكم فلسطين إبّان ولادة المسيح بصفة المؤتمِر بأمر الرومان هو "هيرودس"
-الناحية الاجتماعية :
قبيل مجيء نبي الله عيسى بن مريم كان الوضع الاجتماعي مُمثلاً في ثلاثِ فئات ، وهم :
1.الصدوقيون : وهم أربابُ الأموال ، المرتبطون بمصالح ماديةٍ مع الرومان ؛ فهم يتماهون مع أوامر الدولة الرومانية ولو كان ذلك على حسابِ بعض معتقداتِ اليهود وطقوسهم العبادية ؛ رغبةً منهم في تأمين مصلحتهم الشخصية .
1.الفريسيون : وهم الذين فرزوا أنفسهم عن باقي المجتمع ، ويعتبرون أنفسهم أكثر تدينًا وأقرب إلى الله وأكثرعملًا بالدساتير. وكانوا متعصبين للعقائد اليهودية والطقوس العبادية ، أشداءَ على مَن خالفهم .
1.الآسيون : يضعون أنفسهم في منطقةٍ وسط بين المتشددين ( الفريسيين ) وبين المتحررين (الصدوقيين ) ؛ فهم وسطيون معتدلون بالنظر للفئتين الأخريين.
في هذه الأجواء السياسية ، وهذه الأجواء الاجتماعية ؛ جاء النبي عيسى بن مريم -على نبينا و آله وعليه أفضل الصلاة والسلام - ؛ حيث أرسل الله تعالى جبرئيل لمريمَ كي يهبْ لها غلامًا زكيّا بأمر الله وكلمته .
ولمّا كان الزنا فاشيًا في المجتمع اليهودي آنذاك ، يشجعهم عليه سلوك أميرهم "هيرودس" ؛ فقد ابتُليتْ مريم العذراء بهذه القضية .
جاءتْ بوليدها تحمله ، فاتهمها اليهود بالأمر الفاحش ؛ حتى أظهر الله تعالى معجزةَ تكلُّم عيسى في مهده ؛ تأييدًا لمريم عليها السلام ، وإلجامًا لأفواه المتهمين لها .
ولم يكن أحدٌ مناسبًا أنْ تُجرى المعجزةُ المؤيدةُ لمريمَ على يديه إلاعيسى الوليد الرضيع ؛ فيتكلّم رادًا التهمةَ عن أمه ، رادًا على النصارى في دعواهم فيما بعدُ ببنوة عيسى لله - تعالى الله عن ذلك - ؛ إذ أعلن أنه عبدٌ من عباد الله ، وردَّ على اليهود الرافضين لنبوته بإعلانه - وهو في المهد - أنّه نبيٌ صاحبُ شريعة ، قال تعالى : )) قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ( )مريم 30
رفض اليهودُ وبخاصةٍ الفئة الدينية من الكهنة والقساوسة - رفضوا - نبوة عيسى ، وكذبوه وبهتوه في أمه وتآمروا عليه ليقتلوه .
كانت فترة حمل السيدة مريم بالنبي عيسى -ع - فترةً طبيعية من ناحية عدد أشهر الحمل ـ كما نجد هذا في الانجيل وبعض تفاسير المسلمين ) بتوجيه أن الإعجاز يكمن في أصل تكوّنه من غير أبٍ ، تكوّنه بكلمةٍ من الله تعالى ؛ كلمة ( كُنْ ) فكان بأمرالله ؛ كما هو الحال في خلق آدم - ع - . لكن هناك رواية عن أهل البيت ( لكن في سندها مشكلة ) تقول بأن الفترة أيضا اعجازية ، وهي أنها تسع ساعات بدل التسعة أشهر ، فالاعجاز في أصل تكونه وفي المدة .
قال تعالى : ) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (آل عمران: 59
يُلحظ أنّ الأناجيلَ تركتْ ذِكْرَ عيسى ابن مريم بعد ولادته إلى بدء نبوته وهو في حدود الثلاثين سنة ، وهذا مثير للغرابة .
يذهب بعض الباحثين إلى أنّ ذلك التركَ والإغفالَ متعمدٌ ؛ ذلك لأنّ الأناجيل تمهّد إلى دعوى بنوة عيسى لله - تعالى الله - فلا يناسب هذه الدعوى عرض سيرة عيسى الذي كان يعمل ويكدح في النجارة وغيرها . فهذه الأناجيل أرادت نفي الحالة البشرية لعيسى كي لا تقع في تعارض كونه إلهًا أو قطعةً من الإله - بزعمهم - وبين بشريته وحاجاته المعاشية والبيلوجية .