Рет қаралды 100
القوة والعقيدة وقوة العقيدة
د. خالص جلبي
في القرآن مجموعة من القصص المعبرة، عن قانون اجتماعي في انتشار العقائد، مثل قصة أصحاب الكهف، أو قصة البروج وحرق المؤمنين، وهي قصص تروي صراع الأفكار والقوى المادية المضادة.
وحين بدأ الإسلام رحلته الأولى مر في خمس مراحل؛ كل واحدة كانت أصعب من التي قبلها، مثل مراحل الرضيع والطفل والصبي والمراهق والقوي المتين، محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، معركة بدر، معركة الخندق، حروب الردة فكانت سهلة في الاغتيال الفردي، أما اليوم فلا توجد قوة في العالم تخنق الإسلام وأهله.
وهناك فكرة مهمة في انتشار الأفكار فقد بت في سجل التاريخ أن الدعوات التي تبدأ من القاعدة الجماهيرية تنمو حتى تكتسح الحكام في النهاية، ويضطر (ولو نفاقاً) الحاكم في النهاية إلى الرضوخ لها والإيمان بها وتبنيها.
وهذا ما حدث مع المسيحية وقسطنطين في روما، والبوذية وملوك الصين
وعكس هذا عندما جرب الحكام حظهم في فرض العقيدة ففشلوا ولا غرابة، لأن العقائد تنتشر بالإقناع وليس بالإكراه، ولا غرابة فالعقيدة معناها التزام النفس بفكرة، ولا التزام دون فهم، والفهم أو شروط المحبة والرضا ليست بالإكراه.
وجرب أخناتون قديماً حظه بفرض عقيدة غير عقيدة الجمهور ففشل، وتجربة عمر بن عبد العزيز من التاريخ الإسلامي شاهدة.
وهتلر في كتابه 'كفاحي' أشار أيضاً إلى أن مجرد القوة لا تكفي للقضاء على فكرة متأصلة، بل لا بد من مواجهتها بشكل رئيسي بفكرة مضادة.
جاء في كتاب 'كفاحي' ص: 27 ما يلي:' هل تتمكن القوة من القضاء على العقيدة؟ لقد رجعت إلى التاريخ استقرأه وخرجت بالمبدأ الأساسي التالي:
تصبح العقائد والمبادئ المرتكزة على الفكرة الفلسفية، بعد أن تبلغ مرحلة معينة، أمتن وأقوى من أن يقضى عليها بالقوة المادية، إلا إذا أبيد جميع أنصارها ومؤيديها من الوجود، وهذا يؤدي إلى الإطاحة بالدولة، لأن مذبحة كهذه ستقضي على الفريق الصالح من المواطنين مع غيرهم، وهكذا فإن كل حركة اضطهاد لا ترتكز على أساس فكري، تظهر للعالم وكأنها حركة ظالمة، وتدفعهم إلى العطف على المضطهدين، وبذلك تزداد قوة الأنصار تبعاً لاتساع حركة الاضطهاد.
إن الشبه الكبير بين العقيدة المحصورة في نطاقها الضيق، وبين الكائن الحر وهو لا يزال طفلاً، فهو يتعرض للأمراض في مرحلة الطفولة، إنما السنين تكسبه مناعة كافية، وهكذا الفكرة أو العقيدة يسهل القضاء عليها قبل أن تنمو وتنتشر، أما إذا جاء التدبير بعد انتشارها، فإن النتائج تكون مخيبة للآمال للأسباب الآتية:
إن الشرط الأساسي لنجاح فكرة القوة لمكافحة عقيدة ما، هو الاستمرار في محاربتها دون هوادة، أما إذا كان هناك قليلاً من التسامح، فالعقيدة لا تلبث أن تستجمع قواها، وتعود إلى نشاطها من جديد، لكن الاستمرار في المكافحة يجب أن يقوم على أساس عقيدة أخرى، وإلا كان الاستمرار في القمع يبدو متردداً لافتقاره إلى الركائز التي تدعمه، لهذا نجد أن جميع المحاولات التي بذلت لقمع الماركسية قد باءت بالفشل.
إن ما اتخذه بسمارك من تدابير ضد الاشتراكيين لم يؤد إلى نتيجة مرضية، وذلك لعدم وجود فكرة أو عقيدة مضادة، وقد اضطر بسمارك في النهاية لاسيما بعد أن جنح الاشتراكيون نحو الماركسية إلى الاستعانة بالديمقراطية البرجوازية، أي بكلمة ثانية بالاشتراكيين المعتدلين لمكافحة الماركسيين، وكان بعمله هذا كالذي يوصي القط بقطعة الجبنة.'
إن القرآن استشهد بقول الشيطان يوم القيامة أنه لن يغني عنهم شيئا، فوجب الاستفادة من هذه القاعدة فنقرأ للجميع ونكتشف الحقيقة عند شياطين الإنس والجن.