Рет қаралды 154,814
دراسة مستفيضة لقصائد متناثرة
مساعد / حول الصورة الشعرية
من لقطة فوتوغرافية إلى
لوحة تشكيلية
بقلم: سعد الصويان تمعن
في قول مساعد الرشيدي:
عين تشربك شوف وعين تظماك
لا ذبحني ظماك ولا رويتك
قمت آخيلك هنا وهناك وهناك
وين ترحل بي النظرة لقيتك
انتقلت القصيدة النبطية
في عصرنا هذا نقلة نوعية
مذهلة حررتها من نطاق
جاذبية التجربة النبطية
الكلاسيكية وطبقاتها
الجوية لتحلق في أجواء
وعوالم ابداعية غير مأهولة
لم يرتدها احد من قبل
مساحات
جديدة من الابداع
فيها جمال الصورة
وعذوبة الكلمة
والأوزان والايقاعات
التي تلامس الشعور
وتداعب الحواس
لقد قوض المجددون
بناء القصيدة النبطية
التقليدية ليقيموا
على أنقاضها
صرحا ابداعيا يختلف
بصورة ملحوظة
في شكله ومضمونه،
في هندسته وتصميمه
في زخرفته وألوانه
وهذا لا يأتي فقط بالفطرة
والطبع وانما هو ايضا
نتيجة جهد واع
وادراك عميق لرسالة الفن
وهذا يعبر عنه مساعد
في قوله:
انزفي يا وردة الشعر من دم الوريد
لا تجفي في عروق تراجف يدها
يا قصيدي كان الاشعار سادات وعبيد
والله انك من بحور عريب جدها
ما تقاود مهرة الحرف للقلب البليد
يا قصيدي خذ رسنها وخلك قدها
لقد استطاعت الكلمة الشعرية
التي ابدعتها قرائح الشعراء
المجددين ان تحقق
عدة أغراض فنية،
بل ووطنية ايضا
لقد دفعت كلماتهم
الأغنية السعودية
الى ان تتخطى
حدودها
وتلقى صدى واسعا
وتقبلا ورواجا في
مختلف أرجاء الوطن
العربي الكبير.
وهذا
في رأيي
مكسب كبير
ينبغي التنويه به،
والتأكيد عليه
والمكسب الآخر الذي
يلزم التأكيد عليه هو
ان المملكة بمساحاتها
الشاسعة ولهجاتها المختلفة
ومناطقها الثقافية المتفاوتة
وطبقاتها الاجتماعية المتباينة
في أذواقها وادراكاتها
اصبح لها الآن طابع فني
وغنائي موحد متفق عليه
ويتذوقه الجميع
لقد جرى ذلك بفضل
النصوص الغنائية
السلسلة والبسيطة
في تركيبها. وكان
للقصيدة ـ الأغنية
دور فعال في توحيد
هذا الوطن ثقافيا
وصبغه بصبغة فنية
واحدة اضفت بعدا
جديدا لوحدته
السياسية
الاجتماعية
الابداعية وسكبها
في قوالب الشعر
وأوانيه المستطرقة
حينما يقول مساعد الرشيدي
قصيدة فانه لا يتلفظ بكلمات،
انه يقطف نجوم السماء
ويطلقها عصافير ملونة
ترفرف اجنحتها الجميلة
في حديقة الشعر وتحلق
في فضاء الابداع الفسيح
مناك جيت من النوى تالي عصير
جفني يضف بجفلة النور ذودك
اليا كتبتك نبت غصن وعصافير
بأصابعي وأستاقت العطر نودك
جبت النجو زجيت معهن مسايير
ليلة وصال وجابت العيد سودك
قصائد مساعد
جياد متوحشة
عاذرة في مرج فسيح
وأنت واقف على رأس ربوة
تطل ط على هذا المنظر العجيب
في حمرة الشفق. كل واحدة من هذه
الجياد جميلة بتوحشها وشموسها
وغموضها، وما تتيحه للمتلقي
من امكانات مفتوحة للتصور
والتخيل والتفسير واستخلاص
الايحاءات الكامنة والمعنى
المكنون:
مهرتي مجنونة الريح بعروقي تذوب
وان عطت فج الفيافي وسيع بالها
سقتها من فرعة الشمس وشفاة الهبوب
ليه مايفلح رسنها وأنا خيالها
مساعد قلب الصورة الشعرية
وحولها من لقطة فوتوغرافية
الى لوحة تشكيلية تعتمد
الايماء والايحاء.
ولكن على الرغم من
طراوة الصورة وغرابتها
عند مساعد الا انها شفافة المعنى
قناعها (شيله رهيفه) تستر فاضح
يلفها كماتلف عباءة الحرير الرقيقة
مفاتن الجسد الغض
(تو المشاعر على زمة نهدها)
وتقترن شفافية المعنى
ورذاذية الصورة في
قصائد مساعد
بشفافية التفنن
تحس وأنت تقرأ أبياته
كأنك تسمعه بمطرقته
وازميله ينقش المعاني
والصور على الألفاظ
ويطرق الايقاعات
على الكلمات
تحس وأنت تقرأ أبياته
كأنك واقف خلفه ترقبه
يغزل خيوط اللغة
وينسجها عبارات
يطرزها بملامح تشكيلية
مختزلة خطوط ظلية
غير محددة تأخذ
شكلها وقيمتها
الفنية من خلال توظيف
التراكيب السيمترية التي
يتقابل فيها التضاد
والانسجام:
ايه اعرفك وأعرف اني من غلاك أجهلك
مرات اضمك وأخاف اني مشبه عليك
ما قلت لك عمر سيف العشق ما يقتلك
ما تشوفني حي قدامك وأنا أموت فيك
اشتقت لك قبل أجيك وجيت واشتقت لك
البارحة طول ليلي بين هذي وذيك
مليت جمر انتظارك واستحيت اسألك
وحسبتني ما بعد جيتك وفكرت اجيك
اثرك بقلبي من البارح وانا استعجلك
واثري نسيتك من الفرحة وقمت احتريك
وكما ترى، ينثر ساعد ابيات القصيدة
كما تنثر ضاربة الودع اصدافها
لترسم كل مرة تقذف بها
على الرمل تشكيلا جديد
يحمل معنى آخر، قدرا آخر
تنبئ به الكاهنة في أسجاع
جميلة موقعة جرسا جميلا
ومعاني مبهمة.
ولو سألتني عن معنى قصائد
مساعد لأجبتك بمقولة برادلي
(تنمو القصيدة بشكلها ومحتواها
معا بين يدي صاحبها وتتم خلقا
وابداعا فاذا سألت ما معناها
قيل لك انها تعني نفسها)
هلا والا هلا قد قلتها قبلك لذاك وذاك
أبدور كلام ما سمعته وانثر اشواقي
سمعت أحلى أحبك في حياتي كلها بشفاك
اثر بعض الشفايف همسها غيمة وبراقي
سهى قلبي معاك وفاحت الدلة ولا قهواك
على صالي حشاي أركى لك الدلة ولا فاقي
سرقته بالحنان وهرجك الخاثر
وشفته جاك فزعت أرد قلبي
وأثرني حبيت سراقي
لذة الدهشة
وصدمة المفاجأة
تنتظرانك في كل قصيدة
من قصائد ... هذا الشاعر
فأنت لا تدري من أي كوة
سينبثق اليك شعاع
القصيدة ولا في أي
بيت منها ستغمرك
لحظة التنوير:
ما أقول شفته وشفت البيض يتلنه
اقول شفته وشفت الشمس منجومه
ما اقول كنه جديل الليل لا كنه
ليل خرعه الظلام وضيع نجومه
كل مرة
أعيد فيها قراءة
قصائد مساعد
أتذكر كلاما لنزار قباني
عن الشعر حيث يقول:
«يحدث الشعر عشرات
ااالانفجارات الصغيرة
داخل اللغة، فتتكسر
العلاقات المنطقية
بين الكلمات
ويتغير مفهومها
القاموسي والاصطلاحي
وتصبح مفردات القصيدة
مضيئة كأرقام ساعة
فوسفورية»، ويصدق
هذا الكلام على تجربة
مساعد الشعرية، خصوصا
في مراحلها الأخيرة بعدما
استكملت نضجها وتحددت
معالمها
هات من جمرها وشوي من كاسها
ضحكتك طفلة مرفوع عنها العتب
طفلة تسهر الغيمة بكراسها
ترسم النجمة اللي غافية بالهدب
خلها بالضلوع تشب مرواسها
القصايد تبي دافع قوي وسبب
هاتها يابعد عمري بعد ناسها
ضحكة ما ربت بشفاك ما تنحسب
عاد لا ريّع النعناع بأنفاسها .