Рет қаралды 39,562
كتب الشاعر حسان الجودي:
أحب الاعتقاد أن محمود درويش هو شاعر فريد ناقش ثنائيات (القاتل والضحية ) ( المغتصِب والجار ) (القديم والجديد) ضمن محددات إنسانية نبيلة ، واستطاع بحرفيته تقديم هذه العلاقة الصعبة بوضوح وصفاء فكري تاريخي .
في قصيدة (في القدس) قدّم درويش اقتراحاً يؤكد هوية الصراع الدينية .
***
القصيدة
في القدس، أَعني داخلَ السُّور القديمِ،
أَسيرُ من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ بلا ذكرى
تُصوِّبُني. فإن الأنبياءَ هناك يقتسمون
تاريخَ المقدَّس... يصعدون إلى السماء
ويرجعون أَقلَّ إحباطاً وحزناً، فالمحبَّةُ
والسلام مُقَدَّسَان وقادمان إلى المدينة.
كنت أَمشي فوق مُنْحَدَرٍ وأَهْجِسُ: كيف
يختلف الرُّواةُ على كلام الضوء في حَجَرٍ؟
أَمِنْ حَجَر ٍشحيحِ الضوء تندلعُ الحروبُ؟
أسير في نومي. أَحملق في منامي. لا
أرى أحداً ورائي. لا أرى أَحداً أمامي.
كُلُّ هذا الضوءِ لي. أَمشي. أخفُّ. أطيرُ
ثم أَصير غيري في التَّجَلِّي. تنبُتُ
الكلماتُ كالأعشاب من فم أشعيا
النِّبَويِّ: ((إنْ لم تُؤْمنوا لن تَأْمَنُوا)).
أَمشي كأنِّي واحدٌ غيْري. وجُرْحي وَرْدَةٌ
بيضاءُ إنجيليَّةٌ. ويدايَ مثل حمامتَيْنِ
على الصليب تُحلِّقان وتحملان الأرضَ.
لا أمشي، أَطيرُ، أَصيرُ غَيْري في
التجلِّي. لا مكانَ و لا زمان . فمن أَنا؟
أَنا لا أنا في حضرة المعراج. لكنِّي
أُفكِّرُ: وَحْدَهُ، كان النبيّ محمِّدٌ
يتكلِّمُ العربيَّةَ الفُصْحَى. ((وماذا بعد؟))
ماذا بعد؟ صاحت فجأة جنديّةٌ:
هُوَ أَنتَ ثانيةً؟ أَلم أَقتلْكَ؟
قلت: قَتَلْتني... ونسيتُ، مثلك، أن أَموت.
****
مداخل
١-/فإن الأنبياء هناك يقتسمون تاريخ المقدس/
مساواة في الحقوق الدينية.
2-/كنت أمشي فوق منحدر وأهجس كيف يختلف الرواة على كلام الضوء في حجرٍ
أمن حجر شحيح الضوء تندلع الحروب/
التأكيد على سخافة الحرب والصراع الديني.
3-/تنبت الكلمات كالأعشاب من فم أشعيا النبوي ( إن لم تؤمنوا لن تأمنوا)/
رمزية أشعيا واضحة فهو النبي التلمودي الذي يهدد الجميع بعدم الأمان ماداموا غير مؤمنين بما يبشر به.
4-/وجُرْحي وَرْدَةٌ
بيضاءُ إنجيليَّةٌ. ويدايَ مثل حمامتَيْنِ
على الصليب/
التأكيد على حضور الإرث المسيحي
5-/أنا لا أنا في حضرة المعراج لكني أفكر : وحده كان النبي محمدٍ بتكلم العربية الفصحى/
إشارة كالسهم إلى حضور المقدس الإسلامي في الهوية العربية في القدس.
6-/صاحت فجأة جندية : هو أنتَ ثانية؟
ألم أقتلكَ؟
قلت قتلتني، ونسيت مثلك أن أموت/
حوار في غاية الذكاء الفكري والشعري.
وفيه تأكيد على استمرارية الصراع بين الجندية بهويتها العسكرية الواضحة وحمولتها الرمزية وبين الشاعر ( الفلسطيني) بحمولاته الدينية السابقة .
كلاهما رغم القتل ما يزال حياً في جدلية الصراع الديني.
***
الجميل في القصيدة هو تنصل الشاعر من هذه الحمولات المقدسة التاريخية./أصير غيري في التجلي/ من أنا؟/ أنا لا أنا/
وهذا الموقف الفكري الحر كما أعتقد هو ما يجعل درويش مقيماً في قلب الشعر والقارىء والشعب.
#فلسطين #إسرائيل