Рет қаралды 492
/ @ibn_arabi -www.ibnalarabi.... -- • مشاهد الأسرار القدسية
فصل في خاتمة الكتاب في تأييد هذه المكاشفات العلمية والمشاهد القدسية وما يتعلق بها بالآيات، والأخبار، والآثار.
لعلك تطلب - أيها الباحث عن هذه الأسرار والباغي اقتباس هذه الأنوار - شواهد عليها من الآيات والأخبار، والآثار، لتقوى طلبك عليها وتكون ممن ينتدب إليها. نعم ! سددك اللّه بنظره الصائب، وجعلك ممن جمع في معرفته بين الشاهد والغائب. ونمهدها لك أحسن تمهيد، ونفرق لك بين المعوج منها والسديد ما إذا عملت بمقتضاه كوشفت على حقيقته ومعناه، وشاهدت هذه المشاهد القدسية، والمكاشفات العلمية التي أوردت منها في هذا الكتاب على قدر ما حد لي في الخطاب، حتى لو بثثت ما أسدى إليّ سبحانه من أسراره العلية، وأنواره السنية وغيوبه الأزلية. وتكون الأبحر مدادا، والشجر أقلاما، لفنيت الأدوات، وبقيت الأسرار والواردات فألق سمعك إن كنت على الحقيقة طالبا. ولا تكن عمّا أورده عليك راغبا. أمّا الآيات: فقوله تعالى: وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ يُؤْتِي
الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا. وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ( 83 ). أَ وَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا. وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا. وأما الأخبار: فقوله ( صلى اللّه عليه وسلم ): ( من عمل بما علم أورثه اللّه علم ما لم يعلم ) وقال النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ): ( العلم نور يضعه اللّه في قلب من يشاء ).
وقال ( صلى اللّه عليه وسلم ): ( العلم علمان: علم باللسان فذلك حجّة اللّه على ابن آدم. وعلم في القلب فذلك العلم النافع ). وقال ( صلى اللّه عليه وسلم ): ( إن من العلم كهيئة المكنون، لا يعلمه إلا العالمون باللّه ). وقال ( صلى اللّه عليه وسلم ) - حكاية عن ربه -: ( لا يزال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتى
أحبه. فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ) الحديث. وفي حديث أبي سعيد: ( القلوب أوعية: قلب أجرد فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن ). وأمّا الآثار: فقد قال " علي " ( رضي اللّه عنه )، وضرب بيده على صدره: ( إن هنا لعلوما جمة، لو
وجدت لها حملة ). وقال " ابن عباس " في قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ( لو ذكرت تفسيره لرجمتموني ). وفي رواية: لقلتم إني كافر.
وقال علي ( رضي اللّه عنه ): ( لو أذن لي أن أتكلم في الألف من الحمد للّه، لتكلمت فيه سبعين وقرا ). إلى أمثال هذا مما لا يحصى كثرة. وهذه هي العلوم التي اختص اللّه بها بعض عباده ونهى عن كشفها لغير أهلها في الكتاب والسنة. وفقك اللّه وسددك. شروط الحصول على هذه العلوم وسبيل حصول هذه العلوم المذكورة في قلوب أهل الحقائق له شروط جمة، لا يفي بها إلا أهل العناية والتوفيق، والسالكين سواء الطريق. فنقول: إن القلب على خلاف بين أهل الحقائق والمكاشفات، كالمرآة المستديرة. لها ستة أوجه - وقال بعضهم ثمانية. هذا محل خلاف، ولولا التطويل وخروجنا عما قصدناه من الاختصار، لأزلنا الخلاف، وبينا وجه الجمع بين هذين المقامين بأدلة قاطعة. لكنا تممنا هذا المقصد في كتابنا المترجم: ب - " جلاء القلوب ". ولا يلتفت إلى من زاد لها وجها تاسعا، لأن الحكمة الإلهية منعت من ذلك - ولا في الإمكان أن يوجد لها من الوجوه ما لا يتناهى، إذ صفات الجلال لا تحصى. ولعلك تقول: أستشعر من هذا القول الذي ذكرته مناقضة الإمام أبي حامد حيث قال: ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم.
........
القول أن يرشد غيره بقوله إلى الصراط المستقيم. وقد يكون عريا مما أرشد إليه. فهذا نعني بالاستقامة. ويجمع ذلك مثال واحد: * وهو رجل تفقه في أمر صلاته وحققها، ثم علّمها غيره، فهذا مستقيم في قوله. * ثم حضر وقتها فأداها على حد ما علمها وحافظ على أركانها الظاهرة. فهذا مستقيم في فعله. * ثم علم أن مراد اللّه منه في تلك الصلاة حضور قلبه لمناجاته، فأحضره. فهذا مستقيم بقلبه. * ثم احمل هذا المثال على ما بقي من الأقسام، تجده واضحا إن شاء اللّه تعالى. * ثم لتعلم أن العلل التي تصدك عن طريق الاستقامة الكاملة غير منحصرة مستقرها كتاب اللّه، وحديث رسوله ( صلى اللّه عليه وسلم ): ( فلا تأمن مكر اللّه، فإنه فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ وأنّى لك بالأمن، ورسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) يقول: ( اللهم إني أستغفرك مما علمت ومما لم أعلم. فقيل له: أتخاف يا رسول اللّه؟ قال: وما يؤمنني، والقلب بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبه كيف شاء ).
واللّه تعالى يقول: وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ فالإنسان محل للتغيير، قابل لكل صفة ترد عليه. ولذلك قال بعض العارفين " لو عرضت عليّ الشهادة عند باب الدار، والموت على التوحيد عند باب الحجرة لاخترت الموت على الشهادة، لأني لا أدري ما يعرض لقلبي من التغيير عن التوحيد إلى باب الحجرة، فكن على حذر ما دام تركيبك ". قال تعالى لموسى ( عليه السلام ) في التوراة: ( يا ابن آدم، لا تأمن مكري حتى تجوز على الصراط ). فالآفات ( رحمك اللّه ) كثيرة الخطوب. والطريق دقيق، أدق من الشعرة وأحد من السيف. لا يثبت عليه إلا أهل العناية. فباللحظة والخطرة تزل الأقدام. ألا ترى أبا سليمان الداراني يقول: سمعت من بعض الأمراء شيئا فأردت أن
أنكر فخفت أن يقتلني، وما خفت من الموت، ولكني خشيت أن يتعرض لقلبي التزين للخلق عند خروج روحي فكففت. فانظر حذرهم من الزلل مخافة الفوت، وإن أردت أنوارهم وأسرارهم فاسلك آثارهم.