Рет қаралды 39,537
المثال الثاني غرور العصاة من المؤمنين بقولهم إِن الله كريم وإنا نرجو عفوه واتكالهم على ذلك وإهمالهم الأعمال وتحسين ذلك بتسمية تمنيهم واغترارهم رجاء وظنهم أن الرجاء مقام محمود في الدين وأن نعمة الله واسعة ورحمته شاملة وكرمه عميم وأين معاصي العباد في بحار رحمته وإنا موحدون ومؤمنون فنرجوه بوسيلة الإيمان، وربما كان مستند رجائهم التمسك بصلاح الآباء وعلو رتبتهم كاغترار العلوية بنسبهم ومخالفة سيرة آبائهم في الخوف والتقوى والورع وظنهم أنهم أكرم على الله من آبائهم إذ آباؤهم مع غاية الورع والتقوى كانوا خائفين وهم مع غاية الفسق والفجور آمنون وذلك نهاية الإغترار بالله تعالى فقياس الشيطان للعلوية أن من أحب إنسانا أحب أولاده وأن الله قد أحب آباءكم فيحبكم فلا تحتاجون إلى الطاعة وينسى المغرور أن نوحا عليه السلام أراد أن يستصحب ولده معه في السفينة فلم يرد فكان من المغرقين فقال رب إن ابني من أهلي فقال تعالى يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح. إلى أن قال: ومن ظن أنه ينجو بتقوى أبيه كمن ظن أنه يشبع بأكل أبيه ويروى بشرب أبيه ويصير عالما بتعلم أَبيه ويصل إلى الكعبة ويراها بمشي أبيه، فالتقوى فرض عين فلا يجزي فيه والد عن ولده شيئا وكذا العكس وعند الله جزاء التقوى "يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيْهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيْهِ" إلا على سبيل الشفاعة لمن لم يشتد غضب الله عليه فيأذن في الشفاعة له كما سبق في كتاب الكبر والعجب (إحياء علوم الدين - للإمام الغزالي/الجزء الثالث/ صحيفة: ٣٧٣ - ٣٧٤) مكتبة إمارة الله