Рет қаралды 8,728
نشر الدكتور احمد الجنابي مقالا في صفحته على الفيسبوك، جاء فيها ما يلي:
قال لي صديقي: أنتم أهل السنة على خطأ لعدم اتباعكم لأهل البيت عليهم السلام.
قلت له: ماذا تقصد باتِّباع أهل البيت عليهم السلام؟ هل تقصد محبتهم ومتابعة طريقهم والاقتداء بسيرتهم؟ فإن كان كذلك فإنني أزعم أنني أحبهم ولا أخالف الطريق الذي ساروا عليه متبعين هدي جدهم سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام مثلهم مثل أهل السبق من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.
قال لي: ولكن الله ورسوله أمرانا باتِّباع أهل البيت عليهم السلام ولم يأمرانا باتِّباع غيرهم، كما إنهم أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، فلماذا تتجاهلون ذلك.
قلت له: هل تتفق معي أن مثل هذا الأمر العظيم (أمر الاتِّباع) ينبغي أن يكون منصوصا عليه صراحة في القرآن الكريم ليكون الناس على بينة من أمرهم وتقوم عليهم الحجة؟
قال: نعم.
قلت له: إذن دعنا نحصر بحثنا في القرآن الكريم أولا، فهل تستطيع أن تأتيني بآية صريحة يأمرني بها الله تعالى باتِّباع أهل البيت عليهم السلام تحديدا دون غيرهم من أهل السبق من الصحابة الكرام؟
راح بعد ذلك يأتيني بآيات إما أنها غير صريحة في دلالتها على اتباع أهل البيت الكرام عليهم السلام مثل آية التطهير وقوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)...، أو آيات لا علاقة لها بالموضوع ويؤولها تأويلا مستبعدا تأباه لغة العرب. وكان ردي عليه في كل مرة أن يأتيني بآية صريحة لا تقبل اللبس.
فلما عجز عن الإتيان بدليل قرآني صريح، قال لي: فهل عندك أنت دليل قرآني صريح على عدم اتباع أهل البيت عليهم السلام؟
قلت له: نحن لا نقول بعدم اتِّباع أهل البيت عليهم السلام، بل نقول إن اتِّباعنا هو لجملة السابقين في الإيمان وبلا شك فإن سادتنا أهل البيت عليهم السلام جزء من هؤلاء السابقين، وكي تصح العبارة فيجب أن تكون كالآتي: "نحن أهل السنة لا نخص أهل البيت بالاتِّباع دون بقية أهل السبق بالإيمان، بل نتبعهم مع جملة السابقين بالإيمان"، ولنا على ذلك أدلة قرآنية يعضها صريح وبعضها غير صريح..
وقد تعمدت أن أذكر له الآيات غير الصريحة أولا، ومنها قوله تعالى:
((لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)) (الفتح: 18).
وقوله تعالى:
((وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم)) (الأنفال: 74).
وقوله تعالى:
((لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) (الحشر: 8- 10).
وفي هذه الآيات الثلاث يقسِّم الله المؤمنين إلى ثلاثة أقسام هم: المهاجرون ، الأنصار ، والذين جاءوا من بعدهم..
وجعل شرط الإيمان في الذين جاءوا من بعدهم أن يستغفروا لهم وعدم وجود الغل في القلوب عليهم. وهذا دليل آخر على تزكيتهم بالجملة.
قلت له: كنت أتمنى لو أنك صبرت حتى أدرج لك الآيات التي تشير ضمنا لا صراحة للدلالة على ما نعتمده ونعتقده نحن أهل السنة في هذا الباب، ولكن بما أنك مستعجل للتعرف على الدليل الذي ذكر الله تعالى فيه مفردة الاتِّباع صراحة لأهل السبق من المؤمنين، فخذ هذه الآية:
((وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ 👈الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ👉 وَالَّذِينَ 👈اتَّبَعُوهُمْ👉 بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) (التوبة: 100).
فهل هناك آية أوضح وأصرح من هذه الآية؟
ثم قلت له مردفا: نحن نسير على خريطة الاتباع وفقا لما جاء به القرآن الكريم فأولا نتبع كتاب الله تعالى، وثانيا نتبع سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، لأنه هو الذي يبين القرآن الكريم لقوله تعالى ((وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) (النحل: 44)، وثالثا نتبع السابقين الأولين من (المهاجرين و الأنصار) كما مر معنا في الآية 100 من سورة التوبة، لأنهم هم الذين حملوا لنا الوحي وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم ليفتحوا الأمصار ويوصلوا لنا الدين.
وهذه الخريطة جاءت كلها مجتمعة في آية واحدة، فقال تعالى:
((وَمَن يُشَاقِقِ 👈ٱلرَّسُولَ👉 مِنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ 👈ٱلْهُدَىٰ👉 وَيَتَّبِعْ غَيْرَ 👈سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ👉 نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِۦ جَهَنَّمَ ۖ وَسَآءَتْ مَصِيرًا)) (النساء: 115).
فنحن نتبع أهل البيت عليهم السلام في جملة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ولكننا لا نخصهم بالاتباع دون بقية المهاجرين والأنصار، لأنه لا دليل عليه من القرآن الكريم، ولأن في ذلك مخالفة للقرآن الكريم.
وأما الروايات التي تقول إنها عندكم عن سادتنا من أهل البيت عليهم السلام فهي لا تلزمنا أولا لأنها ليست من طرقنا، أو ليست صريحة في الباب، كما إننا نلزِمُكم بما ألزم فقهاؤكم ورواتكم به أنفسهم، بأن كل رواية تأتي على خلاف ما جاء صريحا في القرآن الكريم نضرب بها عرض الحائط.