Рет қаралды 40,402
8 رمضان1437هـ
النبي موسى عليه السلام حياته وعصره
تفريغ نصي الفاضلة أم عبد الجليل الرميح
تصحيح الأخ الفاضل أبي محمد
ملاحظة : هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا : al-saif.net/?ac...
النيل مركب نجاة لموسى عليه السلام :
في هذه الفترة وفي هذه البيئة ولد النبي موسى عليه السلام، وسبحان الله العظيم في قدرته وإرادته، النيل الذي كان وسيلة قتل واغراقاً للأطفال، هو نفسه يكون وسيلة مركب نجاة للنبي الله موسى عليه السلام، فإذا اراد الله عز وجل أن يجعله وسيلة للقتل أو أن يجعله وسيلة للنجاة، فولد نبي الله موسى كما تحدث به القرآن الكريم ضمن ظروف سرية خفية، جعلته أمه في مهد ووضعته في النهر وسلمته إلى الله تعالى، في ضمن المقاييس الاعتيادية يقتضي أن يموت هذا الطفل ويغرق وسط الماء، ولكن الله سبحانه وتعالى جعل هذا النهر له وسيلة نجاة وأن يكون وسيلة للوصول إلى عقر دار فرعون ويتربى هناك.
فلما رأته زوجة فرعون ( وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ )[4]، بالفعل تربى في داخل قصر فرعون، إلى أن نمى وكبر وصار شاباً يافعاً.
موسى يطلع على أحوال الإسرائيليين في ظل الحكم الفرعوني:
نظر موسى عليه السلام في حالة القبيلة التي ينتمي إليها الإسرائيليين وهي في أسوأ درجات الاضطهاد والظلم، ومن الطبيعي أن يستثير موسى مشاهد السخرة ومشاهد العمل المجهد تحت السياط ومشاهد الظلم الصريح لأبناء هذه القبيلة الذين لم يكن لهم ذنبا إلا إنهم على منهاج آباءهم من التوحيد.
ففي أحد الأيام حدثت قضية مفصلية داخل المدينة ( ودَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا)[5] ، قبل أن يبعث موسى بالنبوة هو تحت عين الله وحفظه ورعايته وهذه هي عقيدتنا في الأنبياء فهم أنوار خلقهم الله في أرحام مطهرات حيث يقول تعالى: ( وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ )[6] فينتخب الله تعالى للأنبياء أحسن البيئات وأحسن الأرحام والأصلاب وذلك ضمن رعاية إلهية خاصة .
القضية كما يحكي القرآن الكريم ( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ )[7] ، النبي موسى عليه السلام رأى أحدهم من أعوان فرعون يظلم ويضطهد ويضرب رجلاً من بني إسرائيل فجاءه نبي الله موسى عليه السلام ودفعه بوكزه فقضى عليه، فتبين أن نبي الله موسى عليه السلام كان قوياً جداً، لأنه بمجرد ضربة واحدة انتهى بالجندي إلى الموت ومن المفترض أن يكون هذا الجندي قوي البنية، فقال موسى عليه السلام (هذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ)[8]، قسم من الناس يقول كيف لنبي الله موسى أن يقتل شخصاً ويقول إنه من عمل الشيطان؟ هو لم يكن قاصد أن يقتل ذلك الفرعوني، وإنما يقصد أن يدافع عن هذا المظلوم الذي يتلوى بالسياط فدفع ووكز موسى هذا الظالم الضارب، وهذه الوكزة أدت إلى مقتل الرجل، ففعله كان دفاع عن المظلوم إذن كيف يكون من عمل الشيطان؟!
إن معنى هذا من عمل الشيطان، هو أن فعل ذلك القبط الفرعوني والمنتمي إلى جهة السلطة في ظلمه إلى ذلك الاسرائيلي وتعذيبه من غير وجه حق هو من عمل الشيطان وليس فعل نبي الله موسى من الشيطان، بل فعل نبي الله موسى عليه السلام هو الموقف الطبيعي ، فالذي يفرضه العقل السليم وتفرضه التوجهات الدينية هو لزوم الدفاع عن المظلومين والمستضعفين ( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ )[9]، فلم يكن نبي الله موسى عليه متعمداً في قتله وإنما وكزه ليمنع الظلم من هذا الانسان، ولكن تلك انتهت بالموت.
فجاء اليوم التالي فوجد شخص آخر يستغيث بالنبي موسى عليه السلام، فجاء إليه النبي ليدفع هذا الجندي الفرعوني وقد علم بالقضية الماضية، (قَا لَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ)[10] هنا اتضحت القضية له، أنه ليس له مكان أن يبقى في مصر بعد هذه الحادثة.
خروج موسى عليه السلام من مصر خائفاً:
السلطة الآن تلاحق موسى وتريد القبض عليه، فعرف بالأمر، فخرج من مصر وهنا بالمناسبة وجه تشابه بين خروج الإمام الحسين عليه السلام وخروج نبي الله موسى عليه السلام فكانت أمامه ثلاثة طرق كما يقص القرآن الكريم ( ولَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ)[11]، هو لا يعلم أي طريق يسلك للنجاة، فسلك طريقاً، ودعا ربه أن يهديه سواء السبيل وبالفعل هُدي إلى جهة مدين - منطقة قريبة من الأردن - فهُدي الى لقاء نبي من أنبياء الله وهُدي إلى ما هو أعظم من كل ذلك وهو أن يبعث بالنبوة.
وصول موسى عليه السلام إلى مدين:
بعد رحلة طويلة وصل إلى أرض مدين، فوجد مجموعة من الناس يسقون ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)[12] فسأل موسى عليه السلام المرأتين لماذا خروجكما في وسط الرجال، فبينا له أن هذا الأمر هو جهة اضطرار ، فعندنا أغنام وتحتاج إلى رعي وسقي وأبونا من كان يقوم بهذا الأمر سابقاً فأصبح الآن شيخاً كبيراً وضعيف البصر، في بعض الروايات فسقى لهما شهامة ومروءة، فبدل من أن ينظر إليهما نظرة الاشتهاء ونظرة الفريسة، نظر إليهما نظرة الرجولة والشهامة وسقى لهما ولم يطلب منهما شيئاً، حيث تولى إلى الظل ....