Рет қаралды 11
• ذُكِرَتْ قِصَّةُ مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيلَ كَثِيرًا . لِمَاذَا ؟ لِأَنَّهُمَا آخِرُ تَجْرِبَةٍ قَبْلَ انْتِقَالِ الرِّسَالَةِ إِلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَتَوْضِيحُ عَلَاقَةِ مُوسَى بِفِرْعَوْنَ وَمُوَاجَهَةِ الظُّلْمِ وَكَيْفَ انْتَصَرَ الْحَقُّ وَتَوْضِيحُ عَلَاقَةِ مُوسَى بِبَنِي إِسْرَائِيلَ أُمَّةٌ فَاسِدَةٌ بِالرُّغْمِ مِن كُلِّ فِعْلِهِ مَعَهُمْ ؛ وَلِذَلِكَ انْتَقَلَتْ الرِّسَالَةُ إِلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. قَالَ تعالى :
وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ وَهَٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا .
• إِذًا هَدَفُ هَذِهِ السِّوَرِ :
المَسْؤُولِيَّةُ عَنْ الرِّسَالِةِ وَاجِبَاتٌ وَمَحَاذِيرٌ .
فَتَجِدُ مَثَلًا: فِي كُلِّ سُورَةٍ مِن هَذِهِ السِّوَرِ فِكْرَةً تُوَضِّحُ وَاجِبًا وَتُعْطِينَا تَحْذِيرًا
1. سُورَةُ فُصِّلَتْ وَاجِبُ الاهْتِمَامِ بِالقُرْآنِ، وَالتَّحْذِيرُ مِن الْإِعْرَاضِ عَنْهُ .
2. سُورَةُ الشُّورَى وَاجِبُ الاهْتِمَامِ بِالشُّورَى، وَالتَّحْذِيرُ مِن الاخْتِلَافِ وَالْفُرْقَةِ .
3. سُورَةُ الزُّخْرُفِ وَاجِبُ الاهْتِمَامِ بالدِّينِ، وَالتَّحْذِيرُ مِن الانْخِدَاعِ بِالمَظَاهِرِ الْمَادِيَّةِ .
4. سُورَةُ الدُّخَانَ وَاجِبُ اسْتِخْدَامِ أَسَالِيبِ التَّمْكِينِ الصَّحِيحَةِ، وَالتَّحْذِيرُ مِن الْوُقُوعِ فِي الضَّعْفِ .
5. سُورَةُ الجَاثِيَةِ تُرَكِّزُ عَلَى خُطُورَةِ الْكِبْرِ فِي الْأَرْضِ، وَتُحَذِّرُ مِن ضَيَاعِ الرِّسَالَةِ .
• خِتَامُ هَذِهِ الْمَجْمُوعَةِ مِن السِّوَرِ مَعَ سُورَةِ الْأَحْقَافِ وَالتِّي خُتِمَتْ بِـقوله تعالى:
يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ، وقَوْلِهِ تعالى فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ .
• وَبِنِهَايَةِ هَذِهِ الْمَجْمُوعِةِ مِن السِّوَرِ انْتَهَتْ فَتْرَةُ الْإِمْهَالِ مِن اللهِ تعالى، وَغَدًا إِنْ شَاءَ اللهُ تَبْدَأُ الْمُوَاجَهَةُ مَعَ سُوَرَةِ مُحَمَّدٍ مَعَ سُورَةِ الْقِتَالِ .
• لَكِنْ قَبْلَ أَنْ نَنْتَقِلَ إِلَى الْمُوَاجَهَةِ نُذَكِّرُ بِبَعْضِ الْمَسْئُولِيَّةِ:
فِي الْإِطَارِ الْعَامِ لِلْحَدِيثِ الْقُرْآنِيِّ، فَإِنَّ وَاقِعَ الْمَسْئُولِيَّةِ الْجَمَاعِيَّةِ يَحْدُثُ عِنْدَمَا تَشِيعُ أَشْكَالُ الْخَلَلِ الْمُخْتَلِفَة وَتَقَاعُسُ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ عَن التَّصَدِّي لِمَظَاهِرِ الْخَلَلِ وَلِلْخَلَلِ نَفْسِهِ ،وَخُصُوصًا تِلْكَ التِّي تَمَسُّ الْعَقِيدَةَ وَتَمَسُّ مَصِيرَ الْأُمَّةِ بِالْكَامِلِ .
تَضَافَرَتْ جُمْلَةٌ مِن الأَحَادِيثِ النَّبَوَيَّةِ الصَّحِيحَةِ التِّي تُؤَكِّدُ هَذَا الْمَعْنَى، مِن ذَلِكَ رَدُّهُ
صلى الله عليه وسلم عَلَى زَيْنَبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عِنْدَمَا قَالَتْ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ .
وَلِأَنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ هُو كَلَامُ اللهِ الْمَتِينُ وَالَّذِي يَصِحُّ وَيَصْلُحُ لِكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ؛ فَإِنَّهُ عِنْدَمَا نَعْمَلُ عَلَى إِسْقَاطِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْوَاقِعِ الْحَالِيِّ لِأُمَّتِنَا فَإِنَّنَا سَوْفَ نَقِفُ أَمَامَ مَجْمُوعَةٍ مِن الْأُمُورِ الْجَدُّ خَطِيرَةُ، وَالَّتِي يَنْبَغِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُدْرِكَهَا لِكَيْ يَعْلَمَ مَا عَلَيْهِ مِن وَاجِبَاتٍ فِي هَذِهِ اللحْظَةِ بِالذَّاتِ ؛ حَتَّى نَتَّقِيَّ الْعِقَابَ الْإِلَهِيَّ الَّذِي هُو خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَعَذَابٌ مُهِينٌ فِي الْآخِرَةِ .
فَيَدْخُلُ تَحْتَ بَنْدِ هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوَيَّةِ الشَّرِيفَةِ قَضِيَّةُ مُحَارَبَةِ الْفَسَادِ والْاسْتِبْدَادِ ، وَيَدْخُلُ فِيهَا قَضِيَّةُ التَّصَدِّي لِخُصُومِ الْمَشْرُوعِ الْحَضَارِيِّ الْإِسْلَامِيِّ وَالَّذِينَ فِي سَبِيلِ وَقْفِهِ ارْتَكَبُوا كُلَّ مَا يُمْكِنُ مِن جَرَائِمَ؛ بِمَا فِي ذَلِكَ قَتْلُ النَّاسِ وَهَدْمُ الْمَنَازِلِ عَلَى رُؤُوسِهِمْ وانْتِهَاكُ أَعْرَاضِهِمْ وَالْاسْتِيلَاءُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِن صُورِ الْجَرَائِمِ وَالْمُوبِقَات .
إِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثَ لَتُؤَكِّدُ أَنَّ الْعِقَابَ الْإِلَهِيَّ لَنْ يَطَالَ الْمُؤَيِّدِينَ لِلْفَسَادِ وَالْإِفْسَادِ وَالْمُفْسِدِينَ ، بَلْ يَطَالُ أَيْضًا مَن عَاوَنَهُمْ عَلَى جَرَائِمِهِمْ وَمَن عَاوَنَهُمْ عَلَى فَسَادِهِمْ ، زِدْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ سَيَطَالُ أَيْضًا كُلَّ مَن شَارَكَ بِالصَّمْتِ وَتَقَاعَسَ عَن أَدَاءِ فَرِيضَةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عِن الْمُنْكَرِ الَّتِي هِيَ مِن الْإِيمَانِ بِاللهِ تعالى، وَهَذَا مَا جَعَلَ الْأُمَّةَ هِيَ خَيْرُ أُمَّةٍ قَالَ تعالى :
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ .
لَعَلَّ هَذِهِ الرِّسَالَةَ الَّتِي يَحْمِلُهَا هَذَا الْحَدِيثُ هِيَ أَحْوَجُ مَا تَكُونُ الْأُمَّةُ الْآنَ إِلَى أَنْ تَسْمَعَهَا مِن قَادَةِ الْرَأْيِ وَمِن الْعُلَمَاءِ وَمِن السَّاسَةِ الَّذِينَ لَا يَزَالُونَ يَتَمَسَّكُونَ بِرِسَالَةِ التَّغْيِيرِ وَالْإِصْلَاحِ .