حول أصول القربان الإبراهيمي...

0:00 القربان قبل الإسلام
4:05 الذبيحة في الإسلام
6:36 الجدل حول هوية الذبيح الإبراهيمي
10:48 جذور قصة القربان الإبراهيمي
حول أصول القربان الإبراهيمي...
تتّفق الميثولجيا الإسلامية مع الميثولوجيا اليهودية حول تفاصيل القصّة الإبراهيمية الّتي تتحدّث عن امتثال إبراهيم الخليل لأمر ربّاني يقضي بذبح إبنه الوحيد وتقديمه قربانا لخالقه، قبل أن تقدّم له السماء كبش فداء بدلا عن الذبيح، ولكنّهما تختلفان حول هويّة الذبيح. في حين حدّد النصّ التوراتي بوضوح هويّة الذبيح وهو إسحاق. حيث ورد في تفسير أصحاح 22 من سفر التكوين، ما يلي : ” وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ ، فَقَالَ لَهُ : « يَا إِبْرَاهِيمُ! » . فَقَالَ : « هأَنَذَا » . فَقَالَ : « خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مَحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ ». فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ، وَأَخَذَ اثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ، وَإِسْحَاقَ ابْنَهُ، وَشَقَّقَ حَطَبًا لِمَحْرَقَةٍ، وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ.[…] فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ، بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ الْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ. ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ. فَنَادَاهُ مَلاَكُ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ : « إِبْرَاهِيمُ ! إِبْرَاهِيمُ ! ». فَقَالَ : « هأَنَذَا » فَقَالَ : « لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي » . فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ، فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مَحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ".
أمّا النصّ القرآني فظلّ غامضا في تحديد هويّة الذبيح الإبراهيمي، حيث ورد في سورة الصافات :" رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107).
الرواية الإسلامية الرسميّة الّتي تبلورت بصورة متأخّرة حوالي القرن الثالث للهجرة، والقائلة بأنّ الذبيح هوّ إسماعيل وليس إسحاق، لم تكن محلّ إجماع المسلمين ، حيث أقرّ العديد من الصحابة والتابعين والمفسّرين والمؤرخين أنّ الذّبيح هوّ إسحاق وليس إسماعيل ومن أهمّهم ؛ عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود والعبّاس بن عبد المطّلب، وقد اورد ذلك الطبري في تفسيره والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن وابن خلدون في مقدّمته وابن عربي في فصوص الحكم . عبر التاريخ، سوف يشتدّ الصراع حول القربان الإبراهيمي و حول هويّة الذّبيح بين اليهود والمسلمين، بين ذريّة هاجر وذريّة ساره، بين أحفاد إسحاق وأحفاد إسماعيل .
نجد جذور الأسطورة الإبراهيمية الواردة في النصّ التوراتي أوّلا، ثمّ في النصّ القرآني لاحقا، في الميثولوجيا الإغريقية القديمة، حيت تحدّث "هوميروس" في ملحمة الإلياذة عن أسطورة "أجاممنون" Agamemnon، شقيق ملك اسبرطة "ميلانوس"، وقائد الجيش اليوناني، الذي طلبت منه آلهة الخصب والصيد "آرتميس" ان يقدّم لها إبنته الكبرى، والأعزّ إلى قلبه، الفاتنة "إفيجينيا" قربانا، كي تسخّر له الرياح التي سوف تحمل سفنه الحربيّة إلى شواطئ طروادة، وعند إستجابته لطلب الآلهة، رغم رفض البطل آخيل، منحته السماء غزالة مكافأة له، ليقدّمها قربانا عوضا عن ذبح إبنته.
إنّ طقوس الذبح والنحر وتقديم القرابين للآلهة لتجنّب سخطها وإرضائها لم تأت مع الميثولوجيا الإبراهيمية، بل كانت سابقة لها وملازمة للإنسان منذ فجر البشريّة، ولكنّ ما قدّمته الديانات التوحيدية للإنسانية هيّ إستبدالها للقربان البشري بالقربان الحيواني، مع ضرورة الإشارة انّ الحضارة السومرية قد سبقتها في ذلك، وأسطورة ذبح إبراهيم لإبنه تأتي في هذا الإطار، لأنّ الحفريات الأركيولوجية أثبتت وجود طُقس تقديم القرابين البشرية عند الكنعانيين والمصريين والفنيقيين.
يرى المفكّر الفرنسي ريني René جيرار في كتابه العنف والمقدّس، ان العنف هوّ القلب النابض والروح السرية للمقدس، ويرى جيرار Girard ان تقديم القربان يساهم في وضع حدّ للعنف، ويسمي هذه الظاهرة بالإستبدال القرباني، حيث يتم توجيه العنف البشري نحو القربان. اليهودية والإسلام عوضتا القربان البشري بالقربان الحيواني. أما في المسيحية، فالمسيح قبل صلبه جمع الحواريون حوله في العشاء الأخير ليخبرهم انه اخر ضحية بشرية، ليُستبدل القربان في ما بعد بقطعة خبز وبقطرة من النبيذ الذي هو دمه.
قد يكون تعويض القربان البشري بالقربان الحيواني هوّ بداية خروج الإنسان من البربريّة ودخوله للإنسانية.
* نجيب البكوشي؛ باحث وكاتب تونسي.
أهم المراجع:
*المفصّل فى تاريخ العرب قبل الإسلام؛ المؤلف: الدكتور جواد علي، الناشر: دار الساقي الطبعة الرابعة سنة2001.
* العنف والمقدّس ريني جيرار La Violence et le Sacré, de René Girard, Éditions, Grasset,1972

[@linaalnahawi9504]

ونحن نشكرك جزيل الشكر من دمشق ...نحن نفكر وموجودون....

[@samarattia2482]

يا ريت حضرتك تتفضل و تعمل لنا حلقه عن الختان و هل هو علامة الاديان الابراهيميه و الانتماء ليهوه ام بقايا القربان البشري

[@zouhaierelhamrouni]

كل الدعم . مادة علمية دقيقة و موثقة . راجع نطق بعض الكلمات مثل سفر .....

[@user-gs3zx9ie9l]

شكرا لك أخي العزيز علي كل هذه الحلقات الممتعة والمفيدة...

[@samarattia2482]

حلقه رائعه و مختصره. اشكرك ❤

[@ghassansabbagh7258]

شكراً لك من القلب استاذ نجيب المحترم وشكراً لجهودك ❤️🙏🎻

[@ninalamia7394]

فصاحة وعقل رااااقي ماشاء الله عليك مزيداااا من التقدم والنجاح

[@dohabenali7935]

Merci beaucoup جد ممتع 🙏🏻🙏🏻🙏🏻

[@saadebrahim3202]

لا اعتقد من المناسب استخدام وصف اسطورة للقصص الديني

[@marnichcolt915]

عيد اضحى مبارك شكرا على هذا الموضوع

[@tvNejib]

عيدك اضحى مبارك لك ولكل احبّتك

[@zarouabdallah530]

أتمنى أن تقدم مقالة للدكتور عبد الكبير الخطيبي تحت عنوان عقدة ابراهيم في مؤلفه النقد المزدوج على خلاف عقدة اوديب

[@fouziahassan1782]

شكرا لكم استاذ

[@DRADEL-uo6bk]

عبقرى والقاء رائع

[@user-mv2cs7gz1m]

شكرا الاستاذ الكريم

[@tvNejib]

شكرا على مروركم ومرحبا بكم على قناة انا افكر اذن انا موجود...

[@hamadi0051]

دكتور نجيب عندي سوال لا اعرف الإجابة عنه هل شعائر الحج و العمرة عند العرب في الجاهلية هي امتداد لسنة ابر اهيم عليه السلام وتطورت بحكم الزمن و اضاف العرب االاصنام و ابقوا علي الشعائر.؟

[@wissemthamleoui2283]

عيد أضحى مبارك عليكم جميعاً، يتعاد عليكم بالخير والصحة

[@tvNejib]

مرحبا وسام، عيدك مبارك وكل عام وانت بالف خير

[@khalidsakhi8625]

هو بداية خروج الإنسان من البربرية ودخوله للإنسانية بحيث يصبح أكل اللحم حكرا على من يملكون المال أما الفقراء فيكفيهم أكله مرة في السنة بمناسبة عيد الأضحى ........ يأكل ويروث فكريا ..... فكريا ....... إِنْ هُمْ إِلَّا كَٱلْأَنْعَٰمِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ

[@user-zl2yt5mo3g]

فى قصة هابيل و قابيل او ابني ادم فى القران كان القربان من الانعام و لم يكن انسان يجب ان نعتمد هذه القصه و اما القربان بالبشر هذا من نتائج الانحراف عن المنهج الرباني السليم و خذ مثال و هو يجهزون بنت جميلة صغيره يسمونها عروسة النيل لتقذف ف النهر قربانا ليفيض و هذا كله ابتلاء و اختبار للبشر َ فهل يصدقون الرؤيا مثل ابينا ابراهيم ام يتبعون اهوائهم و الشيطان

[@abdelkarimmajid625]

التأريخ القرآني لاحداث القربات الابراهيمي ليس أسطورة استاذي العزيز بل هو تحصيل حاصل وهو امتداد لما وقع بالفعل وتأكيد وتعزيز لحادثة ذكرت في كتب اليهود فليس كل ماكتب محرف جملة وتفصيل في كتبهم بدليل عدت قصص للانبياء ذكرت في القرآن كما ذكرت عند اليهود مع فارق ان القرآن صحح عدة اشيآء شنيعة وتشويهية تخدش في سمعة الأنبياء عند كتبهم فالقرآن لم ينكر ماهو حاصل ولم يخبأ موروثا سليما قد سبق ذكره بل انكر ماهو دخيل والدعاء وكذب على من اصطفاهم الله وشكرا لك

[@mustaphaahmadi1483]

المجال التداولي للأسطورة الاغريقية وللروايتين التوراتية والقرءانية يكاد يكون واحدا

[@yaalmkahhal3396]

🌹

[@tvNejib]

شكرا على المرور

[@walidalmaket4880]

كل الاحترام لك اولا انا شخص وجودي لا ديني وباحث في الاديان الابىاهيمية الديانات القدينة الشرقية منها والبوذية والزردشتية وحقبة اليونان الخ واتوقع انه اصبح لديك صورة واضحة عن المرجعيات التي عندي وبكل تواضع اقدر بحثك هذا ولكن لدي ظن قد اصيب به وقد اخطئ اولا ةظن ان الاسلام حافظ على كثير من العادات الوثنية رغم انه نادى (بعبادة) الاله الواحد ولاحظ ان هناك تشابه كبير في لب الديانات الابراهيمية والقصص السومرية والبابلية من حيث نشأة الكون والجنة والجحيم وقصة ادم وحواء وحتى قسة السيد المسيح المولود من عذراء والتي تكرر قصته في اكثر من حضارة وبالنفس التفاصيل تقريبا .. عداك عن قصة اسم الاله ( الله ) وكيف كان الوهيم ومن قبله ايل المهم ان قصة الذبح وخصوصا في الاسلام وبغض النظر عن تشابه الطقوس مع اليهودية وبغض النظر من كان الذبيح هل هو اسماعيل ام اسحاق يوجد نقطة مهمة جدا وهي ظنا مني ان ابراهيم كونه كان ضمن شعب قد اعتاد على ذبح الاطفال كقربان ترسخت في ذاكرته العميقة موضوع استرضاء الاله بالذبح وبعد مرور الوقت حلم في منامه او انه ترائت له رؤية آتية من الذاكرة العميقة انه يجب استرضاء الاله ولاحظ معي في الاية القرانية ما يلي اني ارى في المنام اني اذبحك .. فماذا ترى فهي حالة رؤية داخلية اي في الدماغ .. وكلمة ترى .. رؤية .. رأي اصل الكلمة ولهذا سأل ابنه وقال ماذا ترى وكون ابنه ايضا ولي ذاكرته العميقة متأثرا بعادة الذبح قال لابيه يا ابت افعل ما تؤمر ولم يكن له القدرة على الكفر في عدم استرضاء الاله لانها قناعة راسخة في عقلهما وعليه وبرأي ان الضمير الحي عن الاب تحؤك في هذه اللحظة بعنى قال في ضميره او في نفسه بالصوت الداخلي ماذا افعل اذبح ابني ؟؟؟ انت قلت صدقت الرؤية .. وعفوا على التصحيح .. هي صدّقت الرؤية .. وتتمة الاية وكذلك نجزي المحسنين اي ان الضمير او الخديث الداخلي ففديناه بذبح عظيم ان المعنى ليس ذبيحة حيوانية ولكن ان وعي الضمير قام بفداء عملية ذبح ابنه ولم يذبحه حتى خلال بحثي في القرآن لم ارى عملية ذبح الحيوان او اكله محللة الا للضرورة ..