ماهي الأدلة من القران والسنة وأقوال العلماء على أن السياسة جزء لا يتجزأ من الدين؟ إن المراد بالسياسة ما يتعلق بنظام الحكم، وتدبير شؤون الدولة، والتعامل مع الدول الأخرى، والضوابط الشرعية لهذا الباب، وهي بهذا الاعتبار جزء من الدين بلا ريب، فإن حق التشريع والحكم في الإسلام لا يكون إلا لله تعالى، وهذا الأصل ـ وهو حق التشريع ـ ليس من مسائل الفقه، أو الفروع، بل هو من مسائل التوحيد، والإيمان، وقواعد الإسلام، والأدلة على ذلك في كتاب الله تعالى مستفيضة مشهورة، منها قوله تعالى: إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين {الأنعام: 57}، وقوله تعالى: إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون {يوسف: 40}، وقوله تعالى: وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله {الشورى: 10}، وقوله تعالى: ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين * وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين * أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون * إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون * ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون {النور: 47ـ 52}، وقوله سبحانه: ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا {النساء:60}، وقوله عز وجل: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما {النساء: 65}. لماذا توسع غير أهل السنة في التأليف في السياسة الشرعية وأقل أهل السنة في ذلك؟ لقد كتب علماء أهل السنة كتباً نافعة في مجال السياسة الشرعية منها: السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ومنها: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية للإمام ابن القيم، ومنها: غياث الأمم في التياث الظلم للإمام الجويني، ومنها الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى، والأحكام السلطانية للإمام الماوردي، ومنها: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام لعز الدين ابن جماعة، ومنها: تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الحكام لابن فرحون، وغير ذلك من المصنفات الجليلة المعتمدة على الكتاب والسنة واجتهادات الصحابة رضي الله عنهم. والله أعلم.