يمكن تلخيص المقطع في هذا القياس المنطقي: الكون بكل مافيه مهدي وكل مهدي لا بد له من هادي فسبحان الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى. هداية الإنسان ما بين الانهيار العصبي والإيداع في مصحة عقلية وفقدان العقل والشرود في الشوارع والبكاء الهستيري والصراخ لأتفه الأسباب والضحك ضحكة تشبه العواء بلا سبب، كان هذا مصير طاقم الطائرة التي ألقت القنبلة الذرية على هيروشيما، جميعهم أُصيبوا بتشوهات نفسية وعصبية رغم اختيار الجيش الأمريكي لهم باعتبارهم أسوأ وأشرس الجنود لأداء تلك الجريمة. التاريخ وعلم النفس أكدا بأن المجرمين والطغاة غالبًا ما يتعرضون للإصابة بأمراض نفسية وعصبية، لماذا؟ الإجابة هي الضمير، هذا المُراقب الذي يميز بين الحسن والقبيح فيلوم الإنسان إذا قام بأفعال قبيحة فيتألم الإنسان لذلك، هذا الضمير الموضوع في الإنسان ليهديه إلى الحق والقيم، فترى البشرية قد اتفقت على استحسان العدل ورفض الظلم وحب السلام وكره الاعتداء وحب الخير وكره الشر وشكر المُنعم ودفع الضرر وجلب المنفعة، تلك الأمور التي نردها إلى الفطرة والتي ينهار من خالفها عاجلًا أم آجلًا وبشكل أو بآخر، من الذي فطرنا عليها؟ فهي ليست من لوازم وجود أجسادنا، بجانب الفطرة نجد بديهيات العقل وهي مجموعة الأفكار التي يحكم العقل بصحتها دون دليل مثل “كل نتيجة لازم لها سبب” “الكل أكبر من الجزء” “استحالة اجتماع النقيضين” وغيرهم، العقل لا يبحث عن دليل للتأكد من صحة هذه الأفكار فهي بينة بذاتها، من الذي وضع تلك الأفكار في العقول؟ لاشك إنه الخالق سبحانه وتعالى ( الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى).